الصادق الحمامي: "لا توجد مؤسسة صحفية في تونس تطبّق مقتضيات الشفافية الخاصة بها"
قال الصادق الحمامي، الأستاذ المحاضر بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، إنه "لا يمكن الحديث عن صحافة مسؤولة، إذا كان الصحفي نفسه ووسائل الإعلام لا تقبل المساءلة والنقد"، معتبرا أنه "لا توجد مؤسسة صحفية في تونس تطبّق مقتضيات الشفافية الخاصة بها".
ولاحظ الحمامي في مداخلة بعنوان "الشفافية ومقتضيات الأخلاقيات الصحفية" في ندوة عقدت اليوم الأربعاء بالعاصمة حول "الإعلام والشفافية في الحياة العامة"، أن سماع صوت الآخر وثقافة الحوار مع الجمهور في وسائل الإعلام تكاد تكون منعدمة، منتقدا في هذا السياق "الإعتماد شبه الكلي على التسريبات التي أصبحت سائدة ومعوّضة بطريقة شبه كليّة للمصدر الواضح وأصبحت كذلك وسيلة للتلاعب بالجمهور والتلاعب بالصحفي أيضا، نظرا إلى أن المسرّب في أغلب الأحيان يصرّح بأخبار خاطئة".
وذكر أن "التسريبات لا تمثّل بأي شكل من الأشكال جنسا صحفيا، إذ أنّ إعادة نشر التسريب من قبل الصحفي لا يعتبر عملا صحفيا، إذ يأتي عمله عندما يقوم بالتثبت من الخبر من مصادر مختلفة والقيام بالتقاطعات اللازمة للكشف عن الحقيقة".
وبيّن المحاضر أن قدرة الصحافة التونسية على "الكشف" محدودة جدا، بسبب وجود الكثير من العوامل، من بينها سلطة المستشهرين على وسائل الإعلام، "إذ من النادر جدا أن يتم إنجاز تحقيق معمّق عن المستشهرين، سواء كانوا مختلف شركات الإتصالات أو شركات الأغذية وغيرها وكذلك الإرتباط بالمصادر المؤسسة أو ما يعبّر عنه بالصحافة الجالسة، أي تلقّي البلاغات والبيانات والإكتفاء بالندوات الصحفية، دون القيام بالمتابعة لمختلف الأخبار والقيام بالتحقيق والتفسير الذي هو من أسس الصحافة".
وأضاف الحمامي أن ما يجعل قدرة الصحافة على الكشف محدودة هو الإعتماد على صحافة الأخبار الآنية، بمعنى اكتفاء الصحافة بما يرد عليها، مشيرا في هذا الصدد إلى أن "صحافة العمق والصحافة الإستقصائية قد تراجعت بشكل كبير، بدليل أن ثلاثة صحفيين فقط اتصلوا بهيئة النفاذ إلى المعلومة منذ إحداث قانون النفاذ إلى المعلومة". واعتبر أنه بسبب هذه المعضلات، لا يمكن الحديث عن "صحافة حارسة للديمقراطية".
من جهته قال هشام السنوسي، عضو الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري في مداخلته بعنوان "الإعلام العمومي ورهان مكافحة الفساد"، إن يجب على الإعلام العمومي أن يعيد النظر في مفهوم السلطة على أساس أنه ناقد لها وأن هذه السلطة لم تعد مشرفة عليه بالكامل، بل تشاركها هيئات تعديلية في تسييره حيث يجب أن يقوم بدوره بمنأى عن كل التأثيرات.
واعتبر السنوسي أن تصرّفات الحكومة على أرض الواقع "لا تعكس استساغة هذا المفهوم الجديد للإعلام العمومي، إذ أنها تتخذ قرارات أحادية الجانب، على غرار التخلي عن مديرين عامين، دون الرجوع إلى هيئة الإتصال السمعي البصري والتي نصّ القانون على أن استشارتها وجوبية".