في ذكرى رحيل أنيس منصور.. من هي المرأة التي أبكت عدوها؟
"ليس أسوأ من امرأة حتى لو كانت أحسن النساء".. مقولة اشتهر بها عدو المرأة الأول، كما وصفه الجمهور، إلا أن حياته الشخصية كانت مختلفة تمامًا عن كتاباته، إنه الأديب والكاتب الصحفي "أنيس منصور"، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم.
عاش أنيس منصور محبا للآداب والفنون دارسًا للفلسفة ومدرسًا لها مشتغلاً بالصحافة وأستاذاً من أساتذتها، ومسهمًا في كل تلك المجالات وغيرها بكتب ومؤلفات قاربت 200 كتاب تشكل في مجموعها مكتبة كاملة متكاملة من المعارف والعلوم والفنون والآداب والسياسة والصحافة والفلسفة والاجتماع والتاريخ والسياسة والمرأة، وكتب في مجلات متنوعة عكست نظرته ورؤيته للكون والإنسان والحياة وساهمت في تشكيل وجدان وثقافة أجيال عديدة من الشباب في العالم العربي كله.
ومارس منصور عمله الصحفي حتى أصبح رئيسًا لمجلس إدارة دار المعارف، وثم أصدر مجلة الكواكب، لتجمع بين الصحافة والأدب والفن والفلسفة وكان من أصغر رؤساء التحرير في مصر حيث تولى رئاسة تحرير مطبوعة وهو لم يكمل الثلاثين من عمره، وكان لمنصور في جريدة الأهرام المقال اليومي الأكثر قراءة "مواقف"، كما ترأس تحرير العديد من المجلات منها: الجيل، هي، آخر ساعة، أكتوبر، العروة الوثقى، مايو، كاريكاتير، الكاتب.
موسوعة المرأة المصرية
كان أنيس منصور من أهم الرجال المبحرين في حياة المرأة فبخلاف كتاباته المداعبة للمرأة بالسخرية، أنتج موسوعة من 10 مجلدات عن المرأة أطلق عليها "موسوعة المرأة المصرية" واستعرض خلالها نماذج مختلفة من النساء على مر العصور منذ سيدات عصر الفراعنة وحتى نساء الألفية الثالثة.
السيدة الأولى التي تربعت على عرش قلبه
صاحب العمود الأشهر في الصحافة المصرية وفي تاريخ الكتابة الساخرة الذي أحل المرأة بطلته في أكثر سلسلة تناولتها على الإطلاق، والتي تفنن في ابتداع النعوت الهجومية لها بشكل لن يُرى من قبل، إلا أنه خرج من بكتابته معانًا في حبه لأمه وزوجته، وأنهم يمتلكون كل مشاعره، فبكى على فراق والدته وقالها صراحةً "كم أحببت هذه الأم وبكيت ومازلت أبكي فراقها فقد دفعتني للتفوق والقراءة، وحفظ القرآن في طفولتي، كانت أمي وصديقتي في طفولتي وصباي".
قبل رحيله بعام واحد انتهى من آخر كتاب له يحمل اسم "أمي.. ابنها" الذي يؤرخ على صفحاته أحداث حياته التي شاركتها أمه ويصب فيها مشاعره تجاه مأواه الأسمى ورفيقه الأول ولكنه لحقها قبل خروج هذه المذكرات من بين متعلقاته الشخصية بمكتبه وأوصى أن يتم دفنه جوارها.
زوجته غيرت مفاهيم الزواج لديه
عاش "منصور" مع زوجته رجاء حجاج، قصة حب غيرت مفاهيمه عن الزواج، وبالرغم من أنه لم يكن مؤمناً بالزواج ويراه نظام اجتماعي فاشل؛ ولكن حبه لرجاء كان أقوى جعله يعزف عن هذه الرؤية، فلم يكن أنيس يتعامل مع حياته الزوجية بمنطق ما كان يكتبه رغم ما زعم عن اضطراب حياته الزوجية بسبب اشتراطته على زوجته عدم الإنجاب، إلا انه كان سعيدًا، بل كانت سبب بكائه للمرة الثانية عندما مرضت زوجته وخشى فقدانها، قائلاً: " كنت أتصور أنه بعد البكاء المستمر على أمي لن أبكي على أحد بعدها، فهي التي كانت تساوي ولا تزال، ولما مات الأستاذ العقاد بكيت كثيرا، ولما رأيت السادات آخر لحظات حياته، وإحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم، تحولت كل عين إلى نبع يتدفق دموعا، وكنت أظن أنها جفت، ولكنني أبكي أضعاف ما بكيت طوال عمري، أدعو بطول العمر والعافية، وأتوسل وأركع وأسجد لله، وكل دموعي حروف تكتب على الأرض رحمتك يا ربي إنها زوجتي".