خبايا معركة ثلاثية بينى وبين أحمد فؤاد نجم ورجل البيزنس.. صفحات من مذكرات عادل حمودة (38)
طلبت من "نجم" كتابة مذكراته فى السجون السياسية فكتب عن الحشيش وفراخ الجمعية وعندما أوقفت النشر راح يشتمنى فى كل مكان
دافعت عنه فى مقال «الجياد لا تباع فى السوبر ماركت» فحرضه رجل أعمال على نشر كتاب ضدى لتصفية حسابات قديمة معه
الكتاب خرج من دار تحمل اسم صغرى بنات نجم وجرى توزيعه مجانا ونشرت إعلانات عنه فى الصحف بهدف التشهير بي
جاءت هزيمة يونيو بحزمة من سياط النار جلد بها المصريون أنفسهم عقابا على احتلال أرضهم لعلهم يخففون من شعورهم بالذنب.
نكات ساخرة.. صدمات نفسية.. تنظيمات معارضة.. وقصائد متوحشة.. جارحة.. تحطم هيبة الحكام.. وتشوه صورتهم.. وتنال منهم.. وتشبع رغبات المحكومين فى التشفى منهم.
وفى ذلك الجو المشبع بالغيوم عرفنا أحمد فؤاد نجم شاعرا والشيخ إمام عيسى ملحنا ومؤديا لما تجود به موهبته.. كنا وقتها طلبة فى الجامعة.. سمعنا أنهما ينتقدان النظام الذى تسبب فى الهزيمة بنوع من القصائد القاسية لم نسمع مثلها من قبل.. تجمع بين الهجاء السياسى والغضب الشعبى.. ليجسدا معا صورة عصرية من سيد درويش.
سعينا إليهما فى حارة «خوش قدم» إحدى الحارات الخلفية للغورية.. ومعناه بالتركية قدم الخير.. البيت متواضع.. يتحدى بحجراته المتآلكة الزمن.. ورغم ضيقه وسع عشرات من الحضور الشباب والفتيات جاءوا يبحثون عن طوق نجاة ولو وهمى مما أغرقونا فيه.
دون تكليف رحت أفتش عن سيرة نجم لتقديمها فى «روزاليوسف» التى كنت أبدأ فيها خطواتى الأولى.. وجدت أن حياته دراما إنسانية يصعب تكرارها.. صبى من عائلة مستورة.. لكن.. ما أن مات الأب الذى كان ضابط شرطة حتى عض الفقر أطفاله السبعة الذين بقوا على ظهر الحياة.. ولم يكن أمام الصبى اليتيم سوى دخول ملجأ فى الزقازيق.. وهناك عرف عبد الحليم حافظ.
ومثل غالبية الفقراء الذين لم ينلوا قسطا ولو بسيطا من التعليم عمل نجم فى مهن مختلفة ليطعم نفسه.. راعى ماشية.. كواء.. عامل بناء.. ترزى.. ساعى بريد.. وقبل أن يخرج متظاهرا ضد الإنجليز خدم فى أحد معسكراتهم.
دفعته لقمة العيش المغموسة فى الذل إلى الاختلاس ودخل السجن 33 شهرا ولكنه خرج من السجن ليدخله مرة أخرى بتهمة السرقة لمدة 3 سنوات.. وفى السجن اكتسب أخلاق الصراع من أجل البقاء.. وعرف كيف يتكيف مع الأوضاع والشخصيات المتناقضة لتحقيق مصالحه دون أن يهتم بما يقال عنه أو ينسب إليه.
وصاحب تلك السياسة البراجماتية (النفعية) مرونة عالية من المديح لمن يساعده سرعان ما تنقلب إلى هجاء مؤلم إذا ما اختلفت المصالح وتقاطعت الطرق وتضاربت الأهداف.
عينه يوسف السباعى فى سكرتارية منظمة التضامن الأفرو آسيوية ولكنه لم يتردد فى الهجوم عليه بعد أن عاقبه إداريا بسبب تغيبه عن العمل فترات طويلة.
وهاجم هيكل فى قصائد وصفه فيها بكلمات ساخرة ولكنه فيما بعد سعى للتقرب منه والتعرف عليه ومن جانبه تجاوز هيكل عما كان ليأمن شره.
بل إن نجم لم يحافظ على علاقته بالشيخ إمام وتعامل بغرور معه جعلت رفيق دربه وشريك شهرته يهجره وفشلت محاولات الصلح العديدة لإعادتهما إلى ما كانا عليه.
وتسجل العلاقة بينى وبينه مثالا آخر على تقلباته غير المتوقعة وكأن علاقاته بالآخرين لا تترك أثرا ولو بسيطا فى نفسه مهما أحبوه ودعموه.
رأيته أكثر من مرة فى بيت فنان الكاريكاتير حجازى بعد أن تمتع بحريته كاملة فى سنوات حكم مبارك وما أن كتبت عنه حتى مدحنى بما أخجل تواضعى.
وعندما فجرت القضية التى أطاحت بممدوح الليثى من قطاع الإنتاج فى ماسبيرو وحرمته من منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وعرفت بـ«فضيحة على النيل» رفع نجم قامتى الصحفية إلى السماء وأشاد بجرأتى فى مواجهة التصرفات والتجاوزات التى نسبت إلى وزير الإعلام صفوت الشريف قائلا بلغته العامية: إننى لم تأت بمثلى داية.
وعلى غداء فى مكتب صديقنا المشترك هانئ عنان أضاف فى مدحى الكثير.
وعرضت عليه يومها نشر مذكراته فى «روزاليوسف» فهو بلا جدال شخصية يعرفها الناس فى العالم العربى ويسعون لسماع قصائده وتبهرهم جرأته.
لكنه قال: إن ما تحت يده لا يزيد عن الجزء الأول من المذكرات التى سبق أن كتبها إبراهيم منصور ونشرت فى صحيفة كويتية بتشجيع من صلاح عيسى.
وإبراهيم منصور (الكبير) كان مترجما يمتلك أسلوبا جذابا فى عرض ما يكتبه واستأذنته فى إعادة نشر الجزء الأول من المذكرات التى أطلق عليها الفاجومى وهو اللقب الذى أحبه نجم وفضل أن يطلق عنه ليشتهر به فى النهاية.
عرضت على نجم نشر الجزء الأول من المذكرات الذى ركز فيه على بدايته وكان تبريرى أن القارئ المصرى لم يطلع عليه وأنه خلال نشر الجزء الأول على حلقات أسبوعية يكتب لنا على مهل الجزء الثانى منها.
اتفقنا على أن يكشف فى الجزء الثانى وقائع الصدام بينه وبين نظامى عبد الناصر والسادات وحكاية كل قصيدة سياسية تسببت فى دخوله السجن وما أن عرضت عليه 500 جنيه فى الحلقة الواحدة حتى أصيب بالذهول قائلا: يعنى أغلى من الموند.
وقدم صلاح عيسى على صفحات «روزاليوسف» الجزء الأول من المذكرات بخبرة المؤرخ وبراعة الكاتب ونشرنا مقاله تحت عنوان: أحمد فؤاد نجم شاعر تكدير الأمن العام.
نسج عيسى سيرة حياة نجم مضفرة مع ملفاته القضائية ورحلته مع السجون والمعتقلات وأوحت مقدمته إليه بكتاب نشره فيما بعد يحمل عنوانها ذاته.
ورحنا ننشر حلقات الجزء الأول دون أن نقصر فى سداد ما وعدنا به من حقوق مادية إلى أن انتهى تماما ولكن ما أن طلبنا من نجم تسليم حلقات الجزء الثانى حتى ماطل بدعوى مرضه أو بدعوى انشغاله فى كتابة أغانى مسرحية تنتجها وزارة الثقافة.
ولم يكن أمامى سوى التوقف عن دفع مكافأته الشهرية وحتى نعود لصرفها إليه وجدته يأتى إلى «روزاليوسف» كل يوم أربعاء ويطلب أوراقا وقلما ليكتب ما وعد به ولكنه كان يسود الأوراق بما يخطر على باله من أشياء لا علاقة لها بما اتفقنا عليه ولمن لا يصدق ذلك عليه الرجوع إلى كتابه الفاجومى حيث نشر الخرافات التى أتحفنا بها دون تعديل.
تحدث عن زوجته التى أيقظته من النوم ليشترى فرخة من الجمعية وتحدث عن الفرق بين السجائر العادية والسجائر المحشوة بالحشيش ولم يرو حكايات قصائده التى أطلقها فى وجه السلطة السياسية ولم يكشف عن حياته داخل السجون حسب اتفاقنا معه.
لم أجد فيما يكتب ما يستحق النشر واقتضى حرصى على أموال «روزاليوسف» أن لا أدفع إليه منها المزيد وإلا خنت الأمانة واتهمت بالفساد والمحاباة.
ولم تمر سوى عدة أسابيع قليلة حتى انفجرت مواسير شتائمه فى وجهى على صفحات نشرة تصدرها إحدى الجمعيات الحقوقية ونصحنى أكثر من صديق مشترك أن أعود وأنشر ما يكتب من خواطر لا معنى لها وكان ردي:
إنه لو كان بارعا فى الشعر فهو لا يتمتع بموهبة النثر مثل نزار قبانى الذى ينافس نثره شعره.
وكان رأيهم: إن ما سأدفعه لنجم سينقذنى مما يتقول به عنى فى مجالسه بما يورطه فى جريمة السب والقذف ولكن ذلك لا يهمه فليس لديه ما يخسره ولم يعد يخشى العقاب القانونى بعد أن تعود على السجن.
ولكننى رفضت أن استسلم لما يفعل.
وخرجت من «روزاليوسف» إلى الأهرام كاتبا متفرغا بتحالف لا يخفى على أحد بين رجل أعمال ورئيس الحكومة وهى قصة سأنشر تفاصيلها فيما بعد.
ورئيس الحكومة هو الدكتور كمال الجنزورى الذى كتبت عنه أكثر من مقال انتقدته فيه وهو فى السلطة كما جرت مواجهة علنية بينى وبينه فى حضور كل رؤساء تحرير الصحف المختلفة وجمعت ذلك كله فى كتاب نشر تحت عنوان أنا والجنزورى أسرار معركة خفية فى كواليس السياسة والصحافة حقق انتشارا كبيرا فى أيام قليلة.
وفى الكتاب كشفت عن صفقة بيع الشركة المصرية لخدمات المحمول لرجل الأعمال نجيب ساويرس وهى الصفقة التى تعرضت إلى كثير من الانتقادات والاستجوابات فى مجلس الشعب.
وخلال وجودى فى الأهرام أعلن ساويرس عن حفل لتكريم صديقه أحمد فؤاد نجم وهو أمر ملفت للنظر ومثير للدهشة أن يصبح شاعر الشعب ورأسمالى شديد الثراء صديقين وبينهما علاقة متينة تصل إلى حد التكريم.
ودفاعا عن نجم كتبت فى الأهرام (يوليو 1999) مقال الجياد لا تباع فى السوبر ماركت وهو فى تصورى مقال يلخص أهمية نجم وتأثيره والدليل هذه الفقرات منه:
هل هو نفسه أحمد فؤاد نجم الذى مشينا وراءه فى يوم من الأيام منومين بسحر شجاعته وجرأة قصائده؟ كيف انقلب من شاعر يحطم الأصنام السياسية إلى شاعر يغنى على ربابة؟ من دفع قدمه لتفلت عن حافة شرفة الوطن دون أن يجد شرفة ليظل معلقا بين السماء والأرض؟ ما الذى أغراه أن يتكلم بلسان غير لسانه ويأكل طعاما غير طعامه ويسامر أصحابا غير أصحابه وينسى أنه كان يقتسم مع البسطاء أفراحهم وأحزانهم ليقبل تكريما فى ملهى ليلى بمناسبة عيد ميلاده السبعين ليبدو بجلبابه الشهير فى هذا المكان الغريب وكأنه فى حفلة تنكرية أو فى جلابية بارتى؟ فلا المكان مكانه ولا الجمهور جمهوره ولا أشعاره يمكن أن تولد هناك؟ هل هو نفسه الشاعر الذى أدمنا شعره أم أننى واهم ومصاب بالهواجس والوساوس؟.
إن أشعاره كانت تعيش على الفول والعدس لا على الفواجراة والسيمون فيميه.. أشعاره كانت تتحدث عن الصحافة لا عن البورصة وشركات الصرافة.. ولكن رغم التساؤلات فإننى لن أضع علامة استفهام واحدة.. فنحن فى زمن لا يعرف علامات التعجب والاستفهام.. ومن كثرة الدهشة لم يعد هناك دهشة.
إن أحمد فؤاد نجم ليس أى شاعر حتى نتركه يقبل بما لا يجب أن يقبل أو نتركه يفعل بنفسه ما لا يجوز أن يفعل فنحن نمتلكه أكثر مما يمتلك نفسه وهو جزء منا تكون فى وقت كنا فى حاجة إليه.. هو جزء من تاريخ هذا الوطن.. ومن ثم ليس من حقه أن يتصرف دون مشورتنا ودون أن يضعنا فى حساباته.. لقد خرج مثل كل الأشياء الجميلة معمدا بالنار والحديد المنصهر.. جاء فى الوقت المناسب ليكنس مستوطنات العنكبوت التى نشرت خيوطها فى هزيمة يونيو.. جاء ليغرز مسمارا حادا مدببا فى عقولنا التى كانت فى حالة استسلام واستكانة وبدا مثل راهب بوذى ثائر قرر أن يحرق نفسه فى الطريق العام لينبه الناس بأنهم فى حاجة للتطهر والاستشهاد على رمال سيناء.. لا على مكاتب النفاق العام.. فى هذا الوقت خرج شاعر اسمه أحمد فؤاد نجم مهمته تكدير السكوت العام أو إشعال الحرائق فى الوجدان العام.
كان جيلنا على عتبة الحياة الجامعية حين جاء الزلزال.. زلزال الهزيمة الذى كان مثل دبوس فرقع بالونة الذات المنتفخة على آخرها فكان أن رحنا مثل رفاق الحسين نجلد أنفسنا وكأننا نحن السبب فيما جرى ولأن ما جرى كان أكبر من أن يفسره أحد أو يتجاوزه أحد فقد كنا فى حاجة إلى قشة نتعلق بها لعلنا لا نغرق أو لا نذهب ضحية الاكتئاب العام.. خاصة أن الكبار تساقطوا فى عز الصيف.. قبل أن يأتى الخريف.. وراحوا يتأرجحون بين دخان الحشيش وأقراص الانهيار النفسى.
كنا نحب جمال عبد الناصر ولكننا لم نستوعب ما جرى فرحنا نعلن مع كل الإيمان به غضبنا منه ووجدنا فى قصائد نجم ما ينزع الشمع الأحمر عن هذا الغضب فرحنا ننسخها فى دفاتر المحاضرات التى بدت باهتة وبالية.. كانت تلك القصائد شهادة لا تقبل الزور عن العصر ووثيقة دفاع عن النفس فى جناية وطنية عامة لم نرتكبها ووجدنا أنفسنا نحاكم عليها.
لم تكن ماكينة فوتوكوبى قد اخترعت بعد عندما رحنا نكتب بأيدينا مئات النسخ من كل قصيدة ساخنة طازجة دون أن نصدق ما يقول نجم ورددنا وراءه: إيه يعنى شعب فى ليل ذله ضايع كله.. دا كفاية بس تقول إحنا ثوار.. أشعار تمجد وتماين حتى الخاين.. وإن شالله يخربها مداين عبد الجبار.. ورحنا نتبعه (نجم) فى كل مكان.. كان يبدو لنا بطلا فى تحطيم القناعة التى لا تقهر ووجدنا أنفسنا نخترق حوارى الغورية والباطنية لندخل بيتا فيه شىء من الجرأة والشجاعة.. كان فى عيوننا أجمل من قصور غرناطة.
إن القصور أحيانا نوع من القبور أما جحور نجم فكانت دافئة بالحياة وبأشعاره وتسع العالم كله وهو نفسه كان يراها كذلك ويقول: حارتنا مجارى وناموس.. مرايا وفانوس.. حجارة وكراسى.. شباب على النواصى.. دقون على الكروش.. عرق على القروش.. بيوت فى الشقوق.. مساء تموت.. صباحا تفوق.. قديمة وغبية.. لبيبة وصبية.. فى ذلك المكان البعيد عن النيل وبيانو بار والبيتزا المستوردة من نابولى صنع أبو النجوم مجده وارتفع صيته.. فما الذى أفقده الذاكرة ووضعه فى غير موضعه بعيدا عن أهله وناسه.. مرة أخرى لا حاجة لنا لعلامات الاستفهام والتعجب فكل الزهور الطبيعية فقدت رائحتها ونضارتها وعرضت نفسها فى سوبر ماركت يبيع حتى تاريخ الجياد الأصيلة.
وكان لابد أن يقبضوا عليه وأن يحبسوه ويكدروه ويحاولوا أن يخرسوه ولكنه كتب معظم قصائده فى السجون والمعتقلات ولون الليالى السوداء بألوان الشعر وخرجت قصائده مهربة من وراء الجدران السميكة لتصبح الصحيفة المعارضة الوحيدة فى ذلك الوقت فهو يتحدث عن الحرية الغائبة ويقول: فى نور الكلام.. الكلام يكسر القيد واللجام.. يدفع الناس للأمام.. شوف يا صاحبى.. قول كلامك واستخبى فى الزحام.
كان قادرا على تحديد موقعه الاجتماعى والنفسى على خريطة الوطن بل إنه كان متحدثا عن الذين خرج منهم وانتمى إليهم: إحنا الناس بالطول والعرض.. ومن عافيتنا تقوم الأرض.
وكان ناقدا لاذعا لكل الكتاب الذين يتلونون حسب الموجة ويصف واحدا منهم قائلا: الثورى النورى الكلمنجى.. هلاب الدين الشفطنجى.. القاعد فى الصف الأكلنجى.
أصبح نجم اسما على مسمى وكانت المظاهرات تستقبله فى العالم العربى من بيروت إلى طنجة ورغم جيوبه الخالية من المال كان الأكثر ثراء ورغم بساطة ثيابة كان الأكثر أناقة.. حولته قصائده إلى أسطورة.. والأسطورة مخلوق من كوكب آخر يعيش محلقا فى عقولنا فلم قرر الهبوط على الأرض ويتصرف مثل باقى المخلوقات.. يجرى وراء أغنية ويستنفد نفسه فى معارك الكرة ويسعد بالتكريم فى ملاهى ملونة بشخصيات غارقة فى العراء.. ما الذى لم يحصل عليه حتى يفتش عن حفل تكريم يحلم به فى مطعم فايف ستارز؟.. أى تكريم يحلم به بعد أن كرمه ملايين البشر من عشاق الحرية.
إننى أعرف أن الجياد تتعب وأعرف كم احترقت يداه وهو يكتب وهى تصطاد قصائده وأعرف أنه يستحق كل تقدير وتكريم ولكن بشرط أن يكون على قدره ومع الشكر لمن حاول ليس هذا ما يناسبه ولا ما يناسب تاريخه.
ويا أبو النجوم ليس هناك تكريم أفضل من أن تذكر ولو قصيدة واحدة من قصائدك التى علمتنا المغامرة ولو على خشبة طافية فى محيط بلا قرار.
يا أبو النجوم عد إلينا فنحن أهلك وناسك.
ورغم كل الحب الذى كتبت به المقال ورغم إعجاب كثير من محبى نجم به فإن هناك من استغل نجم ليصفى حساباته معى بأن طلب منه تأليف كتاب تحت عنوان أنا بقى وعادل حمودة نشرته دار زينب (اسم ابنته الصغيرة) وقبض نجم مبلغا وفيرا من المال من رجل الأعمال المحرض والممول وأغرق الصحف فى إعلانات عن الكتاب الذى لم يجد من يشتريه فوزعه مجانا.
والكتاب خفيف.. يتفجر شتائم من شخص مغرور.. وكل ما فيه من وقائعه مفبركة.. وكل ما فيه من قصائد أعلن أنه كتبها ضدى سبق أن نشرها منذ سنوات طوال قبل أن أبدأ مشوارى الصحفى.. وفى سعيه لمزيد من الانتقام نقل رجل الأعمال الذى لا أمنحه شرف ذكر اسمه المعركة إلى الصحف بعد أن وعدها قسم الدعاية فى شركاته بوفرة من الإعلانات.
وجاء خصوم نجم داخل وخارج السلطة ليحرضونى على رفع قضايا ضده وتطوع محامون برفعها ولكننى رفضت أن ألجأ إلى القضاء لعقاب شاعر أنقذنا من الحيرة بعد الهزيمة كما رفضت أن ينسب لى أننى تسببت فى سجنه رغم ما تحملت من آلام نفسية يصعب وصف ما فيها من ظلم وتجاوز بل رفضت أن ينشر صلاح عيسى مقالا ينصفنى فيه من باب تسوية الأزمة.
وأحمد الله على أن كل تفاصيل هذه المعركة لا تزال على شبكة الإنترنت تنصفنى أكثر مما تديننى خاصة أن رجل الأعمال الذى دفعه إلى الهاوية سرعان ما تنكر له ولم يعد يرد على اتصالاته.