المؤتمر العالمي للإفتاء يعقد جلسته الخامسة حول ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية
عقدت الجلسة الخامسة لمؤتمر الإفتاء العالمي تحت عنوان: "ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية"، ترأس الجلسة الدكتور أبو بكر عثمان إبراهيم وزير الشئون الدينية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالسودان، وشارك في الجلسة أصحاب الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل – عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والشيخ محمد رفيع عثماني مفتي دار العلوم كراتشي، و الأستاذ الدكتور ذو الكفل محمد البكري المفتي الفيدرالي لدولة ماليزيا، والأستاذ الدكتور مبارك الحربي عضو هيئة الفتوى في وزير الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت، والشيخ أبوبكر أحمد - الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بعموم الهند ورئيس جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية، كيرالا، الهند، والدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى ومدير التدريب بدار الإفتاء المصرية.
بدأ نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مفتي الديار المصرية الأسبق كلمته بتعريف المال فى اللغة العربية وفى الشرع والمال النقدى وغير النقدي.
وعن أهمية المال بالنسبة للإنسان قال واصل فهو مع الإنسان كالروح مع الجسد ولا غنى لأحدهما عن الآخر في شريعة الإسلام فهما صنوان ووجهان لعملة واحدة لا غنى لأحدهما عن الآخر في قبول هذه العملة بين الناس والاعتداد بها في معاملاتهم المدنية والتجارية.
وأردف: تقسيمات المال عند فقهاء الإسلام متعددة أقسامه وأنواعه فهو إما عقار أو منقول أو مثلي أو قيمي أو متقوم أو غير متقوم فهو ينقسم عندهم باعتبار الثبات وعدمه إلى عقار ومنقول.
ولفت الدكتور واصل النظر إلى أثر هذا التقسيم عند الفقهاء تظهر في بيان أحكام منها حق الشفعة التي تثبت للشريك مع شريكه أو الجار مع جاره فهي لا تثبت في المبيع إلا إذا كان عقاراً أما المنقول فلا شفعة فيه إلا إذا كان تابعاً للعقار كما هو الحال في المباني التي فوق الأرض، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، أما مذهب الإمام مالك فالشفعة تثبت للعقار وملحقاته ولو بعد انفصالها عنه.
وأشار واصل إلى أن سوق رأس المال أو البورصة من الأمور المؤسسية الفنية التي تركها الشارع الإسلامي للإنسان ليعمل عليها ويطورها بما يوائم حياته العصرية في البيع والشراء والعقود المالية المتعلقة بها ويدبر من خلالها كل أمور حياته المعيشية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها، فالمؤسسة من الوجهة الشرعية لا يحكم عليها بالحل أو بالحرمة لأنها مجرد وعاء لما يدور فيها أو يتم من خلالها, وإنما الحكم بالحل أو الحرمة على ما يوضع فيها من حيث كونه حراماً وغير مشروع أو كونه حلالاً ومشروعاً ومحققاً لمصالح العباد الشرعية.
وأوضح واصل أن الأسواق المالية التى يدار الاقتصاد من خلالها تتعدد ومنها سوق السلع والخدمات وسوق المال والنقد وأسواق رأس المال، كما تتعدد أنواع سوق الأوراق المالية إلى أولية وثانوية.
من جانبه قال الدكتور ذو الكفل بن محمد البكري مفتي الولايات الفيدرالية الماليزية إن الإسلام نهى عن أكل الربا والوقوع فيه, وقد نهى أيضاً عن الغرر وخداع الناس, وأخبر أن من غش المسلمين فليس منهم, فالمعاملات التي تحمل في طياتها نوعاً من الغرر أو الغش أو الخداع للمساهمين والمشاركين يُدخلها في هذا الباب المنهي عنه.
وقد اتسمت الشريعة بنصاعة تعاملاتها وتمييزها بشروط واضحة مثل تجارة الذهب بالذهب والفضة بالفضة, التي اشترط فيها الحضور للمتعاقدين بالمجلس ولو حكماً, والقبض الفوري ونقل الملكية المالية بعد كل صفقة دون أي تأخير أو تأجيل يدخلها في باب المخالفات الشرعية.
ولفت البكري النظر إلى أنه قد انتشر في السنوات القليلة الماضية ظاهرتان اقتصاديتان اختلف أهل العلم في حكمهما وهما التسويق الشبكي، والفوركس والموضوعان منفصلان في الكيفية والإجراء.
وأضاف البكرى: إن علماء الأمة اختلفوا في هاتين المسألتين إلى فريقين: الأول, أفتى بجوازهما شرعاً لما انطوتا عليه من توسعة على الناس وإتاحة الفرص لهم لاقتحام السوق والتربح, وخاصة أصحاب رؤوس الأموال الضئيلة, وعدم احتكار التجارة لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، وعودهما بالنفع على الراغبين في التجارة بتلك التجارب الجديدة المغرية, وأفتى أصحاب الرأي الثاني بحرمتها لمخالفتها الشريعة الإسلامية, لما يشوبها من مخالفات قوية تمنعها الشريعة الإسلامية ومقاصدها, حيث تضمنتا الغرر الذي يؤدي إلى كوارث، ويتسبب في هلاك أموال المغرر بهم, وكذلك وقوع بعض المعاملات في تلك المنظومة داخل إطار المال الربوي المحرم، وفقدانها لشروط بعض هذه المعاملات مثل التوقيت والحضور في العقد.
وأشار الدكتور البكري إلى إنه من الصعب أسلمة هذه المعاملة أو تطويرها وصبغها بصبغة إسلامية لما تنطوي على مخالفات وموانع شرعية كثيرة تنقلها من حيز أصل الإباحة إلى حيز المنع والحرمة، وإن تم إلغاء بعض الفوائد فقوبلت بارتياح من قبل شريحة واسعة من رجال الأعمال المسلمين وشباب أمتنا، ستظل الموانع والمحاذير راسية ومتربعة فيها في قاعها في خفاء، وهذه مسؤولية أهل العلم وفقهاء الأمة في توعية الناس وإرشادهم إلى ما يرضي الله عز وجل.
وختم الدكتور البكري كلمته بعدة توصيات منها أنه يجب على الجهات المسؤولة أنواعها وأقسامها في الدول المعنية بالأمر النظر بروح الجدية والحرص الشديد على تحفيز رجال الأعمال والصناعات والزراعات من خلال المشروعات الإنتاجية المجدية، والتجارة الصحيحة المربحة التي تستخدم رؤوس الأموال بدراسات جدوى وخبرات ثاقبة، وتدر أموالاً وأرباحاً بطريقة صحيحة، تنهض بالفرد والمجتمعات، وأن تحارب كل ظاهرة يثبت خبثها وتلاعبها بالاقتصاد والشرع ومشاعر وأحلام الناس.