مي سمير تكتب: امرأة تحاول الإجابة على السؤال الصعب: لماذا يتحرش الرجال بالنساء؟
عندما وصفت كريستين بلاسى فورد، اعتداءات الأطفال المراهقين عليها، بما فى ذلك رئيس المحكمة العليا الأمريكية، الحالى، بريت كافانو، أثناء جلسة عقدها مجلس الشيوخ لمناقشة ترشحه للمنصب، الأسبوع الماضى، شعرت أولجا كازان، الكاتبة بمجلة أتلانتيك، بضرروة محاولة الإجابة على سؤال يخشى الجميع طرحه أو مناقشته وهو: لماذا يتحرش الرجال بالنساء؟.
بدأت كازان بالفعل محاولة شخصية من ناحيتها لتفسير هذا التساؤل بتحقيق الموضوع، حيث قالت إن الأمر لايتعلق بإحساس الرجل بالتفوق على المرأة أو النزعة الذكورية التى تحركه للاعتقاد أن من حقه مضايقة أى سيدة أو فرض نفسه عليها، إذ تتعلق القضية أكثر بثقافة مجتمع.
قالت فورد، فى الجلسة، إنه عندما كانت هى وكافانو فى المدرسة الثانوية، قام بتعليقها على سرير، وحاول تمزيق ملابسها، وغطى فمها حتى لا تصرخ.
وأمام رواية فورد انقسم مجلس الشيوخ، حيث قال الأعضاء المنتمون للحزب الجمهورى، المؤيدون لكافانو، إن التحقيق السرى الذى أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالية، لم يثبت صحة اتهامات السيدة، فيما أكد الأعضاء الديمقراطيون بالمجلس أن التحقيق لم يكن شاملاً بما فيه الكفاية، فيما أخبر العديد من الأشخاص الذين قالوا إنهم على علم بالادعاءات ضد كافانو، صحيفة نيويوركر بأنهم شعروا بأن مكتب التحقيقات الفيدرالية لم يكن مهتماً بأقوالهم، وفى النهاية ورغم شهادة السيدة فورد إلا أن الكونجرس وافق على تولى كافانو منصب رئيس المحكمة العليا، الذى يعد واحداً من أكثر المناصب الأمريكية أهمية.
لا تهتم أولجا كازان بصحة الاعتداء من عدمه، بقدر محاولتها تفسير هذه الظاهرة التى يبدو أنها تجتاح العالم، حيث تقول : «دعنا نقول، جدلاً، إن فورد كانت مخطئة وأن صبياً آخر هو الذى اعتدى عليها، وفى كلتا الحالتين، فمن المحير أن مراهقاً يشعر أنه قادر على القيام بمثل هذا الأمر».
والغريب أن فى الوقت الذى تم فيه اتهام قاض أمريكى شهير بالاغتصاب، يتعرض لاعب كرة القدم الشهير كريستيانو رونالدو إلى نفس الاتهام فى ظاهرة تستوقف الانتباه، حيث تزعم عارضة الأزياء الأمريكية كاثرين مايورجا، أن نجم فريق يوفنتوس الإيطالى الذى وصل ثمنه لـ100 مليون جنيه إسترلينى، اغتصبها فى غرفة فى فندق فى مدينة لاس فيجاس الأمريكية عندما كانت فى الـ25 عاماً من عمرها وتعمل فى ملهى رين فى كازينو بالمز.
وتزعم مايورجا، 34 عاماً، حالياً، أن رونالدو وافق على دفع 287 ألف جنيه إسترلينى لمنعها من توجيه اتهام ضده، حتى لا يتعرض للسجن مدى الحياة حال إدانته، ولكن محاميها يحاولون الآن قلب هذه التسوية المزعومة.
ونفى رونالدو بشدة هذه المزاعم ووصفها بأنها «أخبار مزيفة»، حيث اعترف بالفعل بممارسة الجنس مع مايورجا، ولكنه أكد أن هذه العلاقة العاطفية كانت برضا الطرفين.
وأعادت الشرطة الأمريكية فتح التحقيق فى هذه المزاعم، وقالت فى بيان: «اعتبارا من سبتمبر 2018، أعيد فتح القضية، ويتابع المحققون: لدينا المعلومات التى تقدمها الضحية، هذا تحقيق مستمر ولن يتم إصدار مزيد من التفاصيل فى هذا الوقت».
تستعرض الكاتبة الدراسات المختلفة التى تحاول تفسير هذه الظاهرة، حيث أظهرت التحليلات السلوكية أن الرجال هم أكثر عرضة لأن يأخذوا أنواعاً مختلفة من المخاطرة أو المغامرة أكثر من النساء، وأن لديهم رغبة أكبر فى التشويق، إذا كان فرض نفسك على امرأة دون إذنها يمكن اعتباره نوعاً مثيراً من التشويق، حيث وصفت إحدى الصحف القديمة خوض المغامرة والمخاطرة بأنه جزء أصيل من «علم النفس الرجالى»، كما أن الإجهاد والقلق المصاحب ببيئة العمل قد يؤدى إلى زيادة هذه المشاعر وتصعيدها لدى الرجل ما يجعل بيئة العمل مجالاً لحدوث مثل هذه التحرشات.
لكن دراسات أخرى قدمت فكرة أكثر تعقيداً بالقول إن المرأة من جانبها تميل أيضا للمخاطرة، ولكنها فى نفس الوقت تدرس المخاطر وتقييمها على النحو الذى يضمن لها عادة النجاح مثل الاختلاف مع أصدقائها حول قضية ما، ولهذا لا تعبر المرأة عادة عن إعجابها بالرجل، لأن هذه المغامرة غير محسوبة، فالرجل قد لا يبادلها نفس الشعور، كما أن كبرياء المرأة يمنعها من أن تعرض نفسها للرفض.
على ناحية أخرى، أكدت بعض الدراسات أن المرأة قد تعشق المخاطرة على نحو آخر بالتفوق على الرجل ولكن ليس فى مجال العلاقات العاطفية أى أنها قد تلجأ لطهى وجبة مثيرة للإعجاب ولكنها صعبة لتقديمها فى حفلة للعشاء، أو تخاطر بالثورة على المجتمع والمطالبة بحقوقها، أو تخاطر بطرح أكثر الأفكارة جرأة، ولكنها لن تخاطر عندما يتعلق الأمر بإمكانية رفضها عاطفيا من قبل الرجل، فالوضع مختلف بالنسبة للرجل، أن المخاطرة فى مجال العلاقات بالمرأة جزء من تركيبته العقلية والنفسية.
وهناك دليل على أن الرجال والأولاد أقل تعاطفاً من النساء، حيث يشكل الذكور الغالبية العظمى من نزلاء السجون، ويرتكبون 99 % من حالات الاغتصاب و89 % من جرائم القتل، ويتسببون فى مزيد من حوادث السيارات الكبيرة.
المشكلة الأكبر التى يرصدها تحقيق أولجا كازان هو وجود موافقة مجتمعية على التحرش الجنسى، وتنقل عن بيرن قولها إن العديد من الرجال محاطون بثقافة تقلل من المرأة وتنظر إليها باعتبارها سلعة جسدية، ما ينعكس على نظرتهم لزميلاتهم فى العمل.
تحدثت النجمة السينمائية آشلى جود، مع «نيويورك تايمز» عن دعوة المنتج الشهير هارفى وينشتاين، لها من أجل حضور حفل الإفطار فى بيفرلى هيلز عندما كانت تصور فيلم «قبلة الفتيات» عام 1997، عندما وصلت إلى الفندق علمت أن الاجتماع سيعقد فى جناح وينشتاين، وخلال ذلك الوقت، قالت إنه قام بمحاولات متعددة للتقرب منها بالسؤال عما إذا كانت تريد تدليكاً، عندما رفضت، سألها عما إذا كان يمكن أن يدلك كتفها قبل أن يتمادى بمزيد من الطلبات التى لا علاقة لها بالعمل الفنى.
واتهمت أكثر من 60 ممثلة وينشتاين الذى يعد واحداً من أشهر المنتجين السينمائيين فى الولايات المتحدة بالتحرش.
وتوضح الممثلة البريطانية بريت مارلينج فى مقال بمجلة «أتلانتيك» قوة وينشتاين بقولها: «كان وينشتاين حارس بوابة يستطيع منح الممثلات مهنة من شأنها أن تحافظ على حياتهن ومعيشة أسرهن..ويمكنه أيضا أن يمنحهن الشهرة، وهى واحدة من طرق قليلة للنساء للحصول على ما يشبه السلطة والصوت داخل عالم ذكورى».