المستشار عاطف منصور يكتب | تخفيض سن القضاة وأعضاء الهيئات القضائية بين مؤيد ومعارض

مقالات الرأي

المستشار عاطف منصور
المستشار عاطف منصور يكتب | تخفيض سن القضاة وأعضاء الهيئات ا


بداية ننوه أن سن الإحالة للمعاش للوظيفة العامة وفقــًا لقانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 هو ستين عامــًا، ومن ثم القاعدة العامة لإحالة الموظف العام للمعاش بلوغه سن الستين عام.

وكان ذلك الأمر يطبق على جميع العاملين بالدولة بمن فيهم القضاة وأعضاء الهيئات القضائية حتى وقت ليس ببعيد.

فمنذ عام 1952 تحاول الأنظمة الحاكمة ترويض القضاة من خلال رفع تلك السن، وظلت تلك الأنظمة تداعب خيال القضاة برفع السن بهدف إحداث نوع من الترغيب لضمان عدم انقلاب القضاة على الأنظمة الحاكمة.

والحديث عن رفع سن القضاة ظل يتردد دائما مع قرب حلول 30 يونيه من كل عام وهو الموعد المحدد لخروج القضاة الذين بلغوا سن الستين إلى التقاعد حتى جاء عام 1992 واتخذ الرئيس السابق حسنى مبارك قرارًا برفع سن التقاعد إلى 62 عامًا، ثم تم رفعه إلى 64 عامًا ومنه إلى 66 عاما ثم 68 عاما حتى وصل إلى 70 عامًا، مشيرًا إلى أن الهدف الخفي من رفع سن القضاة في ذلك الوقت كان الإبقاء على قضاة معينين ولكن ما كان يردده النظام وقتها ويبرر اتخاذه قراراته برفع السن هو تحقيق العدالة الناجزة والحاجة إلى خبرة شيوخ القضاة، وهذا كان حق يراد به باطل.

والجدير بالذكر أن تخفيض سن المعاش كانت معظم الجمعيات العمومية للهيئات القضائية تطالب به، ومنها الجمعية العمومية لهيئة قضايا الدولة بتاريخ 23/3/2012، وما قبلها، وذلك لعدة أسباب منها : عدم التمييز بين المستشارين وبنى وطنهم فى سن شغل الوظيفة العامة، فضلاً عن أن سبب رفع السن من قبل النظام السابق كان له مآرب وأهداف شخصية للنظام الحاكم، وعليه ما بنى على باطل هو باطل..، كما أنه يؤدى إلى مشكلة الرسوب الوظيفى، يتمثل فى مكوث الأعضاء فى الدرجة الوظيفية مدة طويلة، كما ان نظام رفع السن إلى سن السبعين أثبت فشله الذريع عمليـــًا لعدم القدرة البدنية والعقلية على العمل القضائى بعد هذا السن، فضلاً عن تحميل الخزانة العامة بمبالغ طائلة جراء ذلك.

وأنا مع خفض السن ولكن علينا إختيار الوقت المناسب.

ولكن أن يخرج هذا المطلب ممن هو خارج الجسد القضائى فأنه يعد تدخل فى أعمال السلطة والهيئات القضائية ويمس إستقلالهم ويمثل إهداراً لمبدأ الفصل بين السلطات، ولا هدف من وراء ذلك إلا إقحام القضاه فى معترك السياسة،

وهو أمر كلنا نرفضه وندينه.

وبشأن مشروع تعديل قانون السلطة القضائية والهيئات القضائية المطروح الآن بمجلس الشورى، فمن المعلوم أن مجلس الشورى هو المختص بالتشريع فى الوقت الحالى، ولا يمكن بأى حال من الأحوال ان يصدر هذا القانون إلا بعد عرضه على المجالس العليا للجهات والهيئات القضائية لأخذ رأيها فيه وفقــًا للمادة 169 من الدستور الجديد وإلا كان باطلاً.

وفى حالة عرضه على هذه المجالس العليا أرى لرفع الحرج عن أعضاء هذه المجالس ـ بوصفهم أصحاب مصالح شخصية فى عدم الموافقة على القانون ـ أن يستطلعوا رأى أعضاء الجهات والهيئات القضائية فى هذا الأمر حتى يكون رأى هذه المجالس معبراً عن جموع الأعضاء وليس فصيل بعينه، ولو أجمع إستطلاع الرأى عن الموافقة أو الرفض يرسل ذلك لمجلس الشورى ليعلم أن رأى الأغلبية يصب فى إتجاه معين، ومن ثم الإلتزام بهذا الرأى.

ومشكلة خفض السن من عدمه ليست المشكلة الوحيدة لإصلاح منظومة القضاء، فهناك مشاكل جمة منها مسألة إنتداب القضاة لأعمال لا تتعلق بوظيفة أعمالهم، بالمخالفة لنص المادة 170 من الدستور الجديد، فنجد بعض القضاه والمستشارين ينتدبون لأكثر من جهة فى ذات الوقت ويتقاضون مبالغ باهظة نتيجة لذلك تفى فى حد ذاتها لتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتعيين عدد كبير من العاطلين بالوظائف العامة، وعليه فالإنتداب يجب أن يكون لعمل قضائى وبدون أجر.