هددوه طوال 18 عامًا وقصفوا منزله.. والد الشهيد محمد الدرة: لم يقف بجانبي أي مسؤول ورسالتي هي أن وعد الله حق (حوار)
يتوجه إلى قبره في خطوات يأكلها الألم، لحظات خلعت قلبه لم ينساها، يلملم خلفه ما تبقى من الذكريات، نحيب صدره لا ينتهي منذ 18 عامًا، لو كان طفله على قيد الحياة لأصبح رجلًا، ولكنه "عريس في الجنة" وشفيع له يوم القيامة.
جمال الدرة والد الطفل الشهيد محمد الدرة، في ذكرى استشهاده الـ18، مازال مليئًا بالأمل، لم يتركه طول تلك السنوات، وقف وحيدًا وسط المحاكم الفرنسية، ظل طوال تلك السنوات يحارب من أجل الحصول على حق طفله، ويحارب ضد الكيان الصهيوني، ويحارب أيضًا ضد مزاعمهم الكاذبة.
"لا عاشت إسرائيل، وسنظل نحارب الكيان المغتصب، الذي سيجئ عليه يوم ولا يكون"، بهذه الكلمات المليئة بالأمل، بدأ جمال الدرة حديثه لـ"الفجـر"، ساردًا ذكريات مر عليها أكثر من 18 عامًا، إلا أنها مازالت محفورة في قبله ووجدانه قبل عقله.
وإلى نص الحوار:
بداية حدثنا عن لحظات الخوف التي عشتها في 30 ديسمبر من عام 2000؟
كنا في طريقنا إلى عزة من مخيم البريج، والتي كانت تبعُد نحو 7 كيلومترات، كنا نريد شراء سيارة ولم نتوفق في ذلك، فعدت أنا وطفلي من غزة، وفي ذلك الوقت كان طريق صلاح الدين مُغلقًا بالحجارة وهو طريق الشهداء، أخذنا طريق آخر أبعد قليلًا، لكي استقل سيارة وأعود إل المخيم.
كنا عُزل فوجئنا بإطلاق نيران كثيف جدًا ونحن في طريقنا لمنزلنا، في لحظات شاهدها العالم أجمع، لم نتوقع، أُصبت بإصابات بالغة واستُشهد طفلي في هذا المكان.
لفترة 45 دقيقة، استمر الكيان الصهيوني في إطلاق نيران كثيفة بجنون، وحاولت أن أحمي طفلي بكل السُبل، وحاولت الدفاع عنه بكل جسمي، ولكن كان قضاء الله أكبر، والحمدلله على كرم الله الذي أكرمني به.
لم يصل لنا أي إسعاف إلا بعد فترة وقوف إطلاق النار وقوف تام، وبعد أن شُفيت شفاءً تامًا، علمت أن المُسعف بسام البلبيسي كان متوجهًا للمفترق، وقام الكيان الصهيوني بقنصه وهو في طريقه لإنقاذنا.
كيف واجهتم الشائعات التي أطلقها الكيان الصهيوني عليكم؟
حسب ما سمعت من المحكمة الفرنسية، الكيان الصهيوني ادعى بأننا كنا نرمي الحجارة، وهذا كذب وادعاء كاذب، والكيان الصهيوني معروف بكذبه وافترائه بعد ارتكابه أي جريمة.
حتى الكيان الصهيوني في أول الأحداث اعترف أنه من قتل محمد الدرة، وبعد نر الضور عبر شاشات التلفاز، وإدانته من كل العالم، حاول أن يتملص من الحادث، ووضع قبعة إسئرائيليين على رأسي ورأس ابني، وادعى أن الفلسطينيين يقتلون يعودي وابنه.
القضاء الفرنسي كذب الكيان الصهيوني على هذا الادعاء، بأننا كنا نحمل حجارة أو أي شئ.
هل تم تقديم أي مساعدات لكم من جانب السلطات الفلسطينية؟
طبعًا لم يكن معي أي تواصل مع السلطة الفلسطينية، ولم نر أي اهتمام في قضية محمد الدرة أمام القضاء الفرنسي، وطول هذه الـ18 عامًا، وأنا أقف وحدي أمام ادعاءات هذا الكيان الصهيوني وافتراءاته.
لم تقف بجانبي السلطة الفلسطينية، ولا أي مسؤول فلسطيني ولا عربي، ولا أي إنسان، لم يقف معي إلا الله.
للأسف القضية ليست قضية محمد الدرة، وهي قضية وطن وأسرى وشهداء، وقضية معاقين، وقضية أمة، وليست قضية عائلة الشهيد محمد الدرة.
كانت قضية محمد الدرة إدانة لكل الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين عبر التاريخ من مجازر وقتل ودمار وتهجير، ولا ننسى جرائمه بالشعب المصري أيضًا، عندنا ضرب مدرسة بحر البقر، وعندنا أسر الجنود المصريين وتم حفر الأرض لهم، وتم إعدامهم بدم بارد وهم أحياء.
كيف كان تعامل الكيان الصهيوني معك بعد الحادث؟
بعد رفع الدعوى القضائية بمحكمة فرنسا، تم تهديدي ثلاث مرات عبر الهاتف المحمول بالتصفية وقتلي، وهذا لا يرهبني ولا يخيفني، ولا يخيف حتى طفل فلسطيني، بعد ذلك في حرب 2008 – 2009 تم ضرب بيتي وتدميره تدمير شامل، وخرجنا أنا وأسرتي بأعجوبة، حتى نتنازل عن القضية.
وفي حرب 2014 تم ضرب منزلي من أعلاه بعدة قذائف مدفعية، ونحمدالله أننا بقينا أحياء، وسنبقى نناضل ذد هذا الكيان.
ألم تشعر بالخوف ولو للحظة؟
طبعًا لم نشعر بالخوف، إننا أصحاب حق وأصحاب قضية، وأصحاب وطن مسلوب ماذا يخيفنا؟ نذالنا في سبيل الله أغضل من كل شئ.
بأم أعيننا رأينا في حرب 2014 أسر بحالها قام الكيان الصهيوني بمسحها من السجل المدني وكأنها لم تكن، وهناك عائلات لم يبقى منها فرد، وللأسف العالم لم يستطع إدانة هذا الكيان فيما قام به من ظلم ومجازر وتهجير، للأسف العالم ظالم، وأمريكا هي السرطان الأكبر في العالم هي والكيان الصهيوني، ويجب استئصاله من العالم كله.
أمريكا هي قمة الإرهاب، شاهدنا ما فعلوه بالعراق من قتل ودمار، وعمليات استباحة نساء المسلمين، وما صنوعه من إرهاب في العالم كله، الإرهاب الموجود بالدول العربية الآن، هو إرهاب صهيوني أمريكي.
كيف شعرت عندما نقلت أمريكا سفارتها للقدس؟
شعرب بحزب شديد جدًا، ولكن نحن كشعب فلسطيني، ولن نقبل ذلك، ومازلنا مستمرين ذد كل الإجراءات الأمريكية التي تُتخذ ضدنا من تهويد الأقصى وتهويد كل شئ في فلسطين، ومسح حق العودة وإنهاؤه.
للأسف عملية نقل السفارة هو استخفاف بالأمة العربية والإسلامية، وليس بالشعب الفلسطيني فقط، القدس هي مشرى النبي عليه الصلاة والاسلام، ويجب على الأمة العربية والإسلامية الدفاع عنه وتحريره.
هل كنت راض عن موقف الوطن العربي إزاء قضية الشهيد محمد الدرة؟
بالطبع كان هناك انتفاضة بالشوارع المصرية والعربية إزاء هذه الجريمة، استنكارًا لهذه الجريمة البشعة، وكان هناك انتفاضة في كل العالم، ووقفت كل الشعوب العربية ضد هذا الكيان المُغتصب، وأدان هذه الجريمة كل زعماء الأمة العربية.
نهاية.. ما هي رسالتك للكيان الصهيوني؟
رسالتي الأولى والأخيرة هي أن الكيان الصهيوني إلى زوال، وأن وعد الله حق لنا.