البيت الأبيض يواجه "إرهاب إيران" باستراتيجية جديدة قبل تفحل الحرس الثوري اقتصاديا
في تطور جديد داخل البيت الأبيض، كشف مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون، النقاب عن استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب، هدفها الأول تضييق الخناق على إيران، التي تعتبرها الولايات المتحدة "المصرف المركزى للإرهاب الدولى منذ العام 1979".
وتتمثل المحاور الرئيسية للاستراتيجية الأمريكية في ملاحقة الإرهاب وصولا إلى مصادره وعزل الإرهابيين عن مصادر الدعم لهم وتحديث وسائل مكافحة الإرهاب الموجودة لدى الولايات المتحدة وحماية البنية التحتية الأمريكية ومحاربة انتشار الأفكار المتطرفة وتجنيد المتطرفين لأنصار جدد وتعزيز قدرات الشركاء الأجانب على مكافحة الإرهاب.
وقال بولتون، إن الاستراتيجية الجديدة ستكون أوسع من سابقاتها، وستجمع بين الوسائل العسكرية وغير العسكرية لمحاربة الإرهاب الموجودة لدى الولايات المتحدة، أن الاستراتيجية ستركز على حماية الولايات المتحدة وحدودها وبنيتها التحتية، مضيفا أن واشنطن ستعمل مع حكومات أجنبية وستحثها على "تقاسم الأعباء" فيما يخص مكافحة الإرهاب.
وأكد بولتون، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تعير اهتماما كبيرا لإيران، متهما إياها بدعم حماس و"حزب الله" و"الجهاد الإسلامي" المدرجة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة، معتبرًا أن إيران كانت "أكبر ممول للإرهاب الدولي" منذ عام 1979، مضيفا أن الولايات المتحدة ستسعى إلى ألا تكون هناك أي استثناءات من الحظر على استيراد النفط الإيراني، حتى تتقلص واردات إيران النفطية إلى الصفر.
كما تحدثت الاستراتيجية أيضا عن أن داعش يظل الجماعة الإرهابية الرئيسية والتهديد الإرهابى الرئيسى عبر الأطلنطى على أمن الولايات المتحدة، وذلك بالرغم من استمرار الجهود العسكرية والمدنية للولايات المتحدة والتحالف الدولى الذى تقوده واشنطن، والذى قلل من وجود هذه الجماعة وعناصرها فى العراق وسوريا، ودمر الآلاف من أعضائها وحال دون توسعها العالمي.
وتقول الوثيقة، إن داعش ما زال يحتفظ بالموارد المالية والعسكرية والخبرات للهجوم على الوايات المتحدة وعلى المصالح الأمريكية فى العالم، لاسيما أن هذا التنظيم التكفيرى لديه 8 فروع إقليمية وأكثر من 20 شبكة إرهابية مستقلة فى إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
وتحدثت الوثيقة عن ثانى هذه التنظيمات الإرهابية، مشيرة إلى أن شبكة القاعدة العالمية لا تزال مستقرة وتمثل تهديدا طويل الأمد ضد الولايات المتحدة ومصالحها فى جميع أنحاء العالم، مؤكدة أن الضغط المستمر المضاد للإرهاب تحت قيادة الولايات المتحدة قد دمر العديد من كبار قادة هذه الجماعة وخفض قدرتها على العمل فى جنوب آسيا، لكن فصائلها تواصل تخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة ومصالحها فى أماكن أخرى.
من ناحية أخرى، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد توعد طهران فى خطابه بالجمعية العامة بالأمم المتحدة سبتمبر الماضى بعقوبات أشد، وسيتم تفعيل حزمة جديدة من العقوبات الأمريكية على إيران 4 نوفمبر المقبل، وسوف تستهدف قطاع النفط وتشمل فرض عقوبات ضد الشركات، التى تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة فى الشحن البحرى وصناعة السفن.
كما أن دونالد ترامب تحدث أيضا عن عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيرانى، خاصة قطاع النفط، وعقوبات على البنك المركزى الإيرانى وتعاملاته المالية، وهذه تعد ضربات متتالية للإدارة الأمريكية على إيران المفعمة بالأزمات الداخية والخارجية، والتى تصر فى الوقت نفسه على عدم الرضوخ والعودة مجددا إلى طاولة المفاوضات التى يجرّها الرئيس الأمريكى نحوها من خلال العقوبات والضغوط الاقتصادية.
ويرى المراقبون أن الإجراءات الأمريكية سيكون لها نتائج عكسية، على الداخل الإيرانى وانخراطه فى الملفات الإقليمية، مرجحين أن يعزز الحرس الثورى من قبضته الأمنية أكثر من أى وقت مضى فالإدارة صرحت أكثر من مرة بمساعيها لإسقاط النظام، لذا متوقع أن ترفع طهران من مستوى الجمهورية الأمنية فى كل القطاعات لاسيما وأن بعض المحافظات شهدت احتجاجات متفرقة بين الحين والآخر.
ووفقا للمراقبين والمحللين الدوليين فإن العقوبات الأمريكية ستصب فى صالح النظام والمعسكر المحافظ والمتشددين وسوف تعزز من هيمنته على السلطة، ذلك التيار الذى يرفض التفاوض مجددا مع الولايات المتحدة ويرى أن من مصلحتهم أن يبقى مناخ العداء والمؤامرة يحكم العلاقات التى تربط الجمهورية الإسلامية بالغرب لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، وسيرتفع حدة التوتر، على نحو ما يجرى الآن.
ويقول المحللون، إن استراتيجية فرض العقوبات، ستؤدى إلى تغول الحرس الثورى فى الاقتصاد الإيرانى، واستفحال أنشطته الاقتصادية التى حاول روحانى أن يحد منها فى سنوات ولايته الأولى من خلال جذب استثمارات أجنبية تحل محل شركات الحرس الثورى وتقوض نفوذه فى المجال الاقتصادى والسياسى أيضا، وبالنظر إلى شبكة أعماله الواسعة ونفوذه السياسى والعسكرى، فإن هذه المؤسسة ستعود سريعا إلى تفادى العقوبات كما ظل يفعل لسنوات فى الماضى.
ويؤكد المحللون، أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووى فى 8 مايو الماضى هدية من السماء لمؤسسة الحرس الثورى الإيرانى، التى أحلت استثماراته خلال الـ10 سنوات الماضية محل الشركات الأجنبية، التى تركت طهران جراء العقوبات، على سبيل المثال هجرت شركات النفط الغربية مشروعات الطاقة فى إيران عام 2012 تولى الحرس الثورى أمرها، ومُنحت العقود لشركاته، وتوسعت أنشطة هذه المؤسسة العسكرية فى المشاريع التجارية وامتلكت إمبراطورية اقتصادية ضخمة.
من جهته، وافق البرلمان الإيراني، اليوم الأحد، على مشروع قانون لتمويل مكافحة الإرهاب وُصف بأنه حيوي لإنقاذ الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، على الرغم من معارضة المحافظين، وتمت الموافقة على مشروع القانون، وهو واحد من أربعة قوانين مقترحة للوفاء بمطالب اللجنة المالية الدولية، بـ143 صوتا مقابل 120 صوتا، وفقا لوكالة أنباء "إسنا" شبه الرسمية.
ويهدف القانون لمواكبة إيران للمعايير الدولية ويسمح لها بالانضمام لميثاق الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب، وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أثناء النقاش قبل التصويت على القرار "لا يمكنني أنا أو الرئيس إنهاء أي مشاكل إذا انضممنا لميثاق الأمم المتحدة.. ولكنني أضمن أن عدم الانضمام سيعطي الولايات المتحدة المزيد من الأعذار لزيادة المتاعب".