د. حماد عبدالله يكتب: خواص المصريين!
بالأمس تحدثت في عمودي عن مصر والمصريين وحينما بدأت الكتابة كانت النية متجهة للحديث عن تلك الظاهرة التي تميز بها المصريون دون غيرهم ، وهي الإستنفار أمام الأحداث الكبيرة ، والتجمع كرجل واحد وكإمرأه واحدة دون تفرقه في عقيدة أو رتبة إجتماعية أو ثقافة ، الجميع يتوحد حينما يصيب بلدنا مصاباً أو مصيبة!!
والتاريخ يقول ذلك ففي هجوم فيضان النيل على الوادى قبل إنشاء السد العالي ، كان المصريون يتجمعون لصد الفيضان في الوادي ، وكان سكان المناطق العالية يستضيفون سكان جوار النهر حتي إنكماش الفيضان وفي الحروب ، شاهدنا ورصدنا ذلك في العصر الحديث في حرب أكتوبر حينما وقف شعب مصر كله خلف قواته المسلحة ، لم تسجل حادثة سرقة أو مشاجرة واحدة طيلة أيام الحرب!
وفي حرب 1967 ، إستضاف المصريون أهل مدن قناة السويس ، وشاركوهم مصابهم ، وفي حرب 1956 ، كنت طفلاً ، ووجدت في بيتي أسرة من بورسعيد بأطفالها إستضفناها في منزلنا ومنازل أقاربنا وكل المصريون هبوا للمساعدة وأمام الحوادث الناتجة من الطبيعة في الزلازل وفي السيول ، ولعل المشهد الأخير الذي دعاني للكتابة ، تلك التجمعات الرائعة للمصريين فى مناطق محددة تجمع مصريون من كل الإتجاهات ومن كل الطبقات ومن كل مشارب المجتمع من (رجل وإمرأه) من البسطاء إلي كبار رجال الأعمال والصناعة ، لكي يكونوا قوافل للخير محملة بكل إحتياجات المنكوبين سواء فى أحداث السيول أو الزلازل أو الحرائق التى قد تصيب بعض المناطق فى "مصر".
شعب مصر الشعب الذي لا يضاهيه أحد من شعوب العالم نحن فقط نحتاج للمبادرات لكي نتجمع كلنا حول الخير.
ولعل بإسلوب (أشمعني) يتحرك المصريون فى كل البلاد في طول مصر وعرضها ويتحرك المتبرعون للتنظيم والنقل والمساعدة والتوصيل ، لكي تتشكل قوافل الخير تنقل المنكوبين، هكذا هي مصر، وهكذا هي بلادنا، لا تخيب أبداً أمام الكوارث سواء كانت طبيعية أو من فعل الإنسان.
ينسى الشعب المصرى كل ما يشغله من مضنيات المعيشة اليومية أو حتى الأفراح التى قد تكون بمناسبة فوز فى ماتش كرة قدم على دولة أخرى، أو مناسبة دينية أو شعبية، ينسى الشعب المصرى كل ذلك أمام النكبات التى قد تصيب منكوب على بعد مئات الكيلومترات.
هذا هو شعبى، شعب مصر المحترم على طول تاريخه.
أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد