هل يجوز دفع رشوة للحصول على وظيفة؟
أجابت الفتاوى الإلكترونية على سؤال "هل يجوز إعطاء الموظف مالًا للحصول على وظيفة؟، على النحو التالي "الرشوة، هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، وهي محرمة في كل دين، وشيوعها يدل على شيوع الفساد في المجتمع".
وقال تعالى:﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
ومال المرتشي سحت وحرام وغير طيب؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكعب بن عجرة رضي الله عنه: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِه» أخرجه أحمد في "مسنده"، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ اللُّقْمَةَ الْحَرَامَ فِي جَوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَل أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْتِ وَالرِّبَا فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» أخرجه الطبراني في "الأوسط".
فالشريعة الإسلامية حرمت جريمة الرشوة؛ سواء أصدرت من موظف حكومي أم غير حكومي، وسواء أكان عموميًّا أم خاصًّا. والرشوة تُعَدُّ ضربًا من ضروب الفساد؛ مما يستوجب على المسؤولين في مواقعهم الضرب بِيَدٍ من حديد بلا تهاون على يد أولئك المفسدين كما نصَّ قانون العقوبات المصري الصادر برقم 58 لسنة 1937م في الباب الثالث من المواد 103 حتى 111 على أحكام الرشوة.
وعليه: فلا يجوز أن يتهاون الشخص ويبادر بدفع مال لموظف يطلبه بغير حق، حيث إنه يتقاضى أجرًا للقيام بعمله من الجهة التي يعمل بها، أو أن يدفع مالًا ليدافع به عن نفسه أو لأخذ ما يراه حقًّا له، فينبغي أن يكون المسلم إيجابيًّا لا يقر الفساد ويُنْمِيه، بل عليه أن يمنعه ويحاربه، ويتعاون مع المجتمع في القضاء عليه، ويتم ذلك بأن يعظ من يطلب الرشوة ويذكِّره بالله بدلًا من أن يعطيه ما يطلب، فإن لم يستجب المرتشي للوعظ أبلغ عنه المسؤولين؛ لمعاقبته والأخذ على يده.
فيجب أن يشتد القائمون على الأمر في الحزم مع المفسدين وعدم التهاون معهم في إنزال العقوبة بهم، وأن يشحذوا الهِمَمَ ضدهم، كما يجب على القائمين على الأمر أن يغيثوا كل من استغاث بهم من المواطنين الذين تُطلب منهم الرشوة، ويغيثوا كذلك الموظفين الذين يعرض عليهم الرشوة، ويجب على الراشين والمرتشين أن يقلعوا عن هذا الفعل، ويندموا على ما فرطوا في حق الله، ويعزموا على عدم العودة إليه أبدًا توبةً إلى الله عز وجل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.