علماء الأوقاف: الهجرة النبوية حدثا تاريخيًّا عظيمًا غيَّر مجرى التاريخ البشري
واصلت قافلة وزارة الأوقاف، عملها الدعوي بالمساجد الكبرى بمديرية أوقاف الأقصر، وكان في استقبالهم الشيخ محمد صالح مدير مديرية أوقاف الأقصر وقيادات الدعوة بها، وقد قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة بالمساجد الكبرى تحت عنوان "المفاهيم الصحيحة للهجرة إلى الله ورسوله ".
وأبرز علماء القافلة الفهم الحقيقي للهجرة في كونه يعني الهجرة من الفساد والهدم والتخريب، إلى الإصلاح والبناء والتعمير، ومن الكذب والغدر والخيانة إلى الصدق والوفاء والأمانة، ومن الأثرة والأنانية إلى التكافل والتراحم، ومن سيئ الأخلاق إلى صالحها ومكارمها، فمن على منبر مسجد السيد أبو الحجاج أشار الدكتور كمال سيف مدير عام المتابعة الفنية بوزارة الأوقاف إلى أننا حين نتأمل العام الهجري نجد أن الله (عز وجل) قد ربط بين بدايته ونهايته بروابط وأحداث عِظام، فجعل في بدايته هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي نهايته أداء فريضة الحج ، فهما رحلتان عظيمتان فيهما إقبال على الله عز وجل وعمل على مرضاته.
أكد أن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت حدثا تاريخيًّا عظيمًا غيَّر مجرى التاريخ البشري ، إذْ كانت بداية بناء دولةٍ قويةٍ على أسس راسخة من العدالة والمساواة، وحفظ الكرامة الإنسانية، وترسيخ فقه التعايش السلمي، والقيم الإنسانية ومكارم الأخلاق التي قامت عليها الرسالة المحمدية، بما قررته من حريات وحقوق، وعدالة إنسانية ترعى جميع أبناء المجتمع دون تمييز بينهم.
ومن فوق منبر مسجد السيد يوسف، أشار الشيخ طارق علي عبدالباقي مدير إدارة المتابعة الفنية بوزارة الأوقاف إلى أن الهجرة إلى الله ورسوله صورة من أسمى وأجلّ صور الطاعة لله عز وجل، ومقاومة قوى الشر والفساد، وبذل المال والنفس لنصرة دين الله، مؤكدا أن الهجرة ليست مجرد انتقال من مكان إلى مكان، فقد انقطعت الهجرة بمعنى الانتقال من وطن إلى وطن، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، أي لا هجرة بعد فتح مكة ، ولما جاء صفوان بن أمية مهاجرًا بعد الفتح , قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : (مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا وَهْبٍ؟ قَالَ: قِيلَ إِنَّهُ لا دِينَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ ، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : (ارْجِعْ أَبَا وَهْبٍ إِلَى أَبَاطِحِ مَكَّةَ ، فَقَرُّوا عَلَى مِلَّتِكُمْ ، فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِنِ اسْتُنْفِرْتُمْ ، فَانْفِرُوا)، وبقي معناها العظيم بالهجرة المعنوية باتباع أوامر الله (عز وجل) واجتناب نواهيه ، فالمهاجر الحقيقي هو من هجر ما نهى الله عنه.
ومن على منبر مسجد محسب ببندر الأقصر، أكد الشيخ عيسى محمود عيسى إمام وخطيب بأوقاف أسوان على أنه ينبغي علينا أن نحرص على كل معاني الهجرة النبيلة, كحسن الأخذ بالأسباب تعلمًا، وتعليمًا، وتخطيطًا، وعملاً، وإنتاجًا، وإتقانًا، بالتحول من البطالة والكسل إلى الجد والعمل والإتقان، ومن الأثرة والأنانية والعصبية الجاهلية إلى الإيثار والإخاء الإنساني الصادق، والعمل على بناء الإنسان إيمانيًّا، وعلميًّا، وفكريًّا، وسلوكيًّا , وأخلاقيًّا , واقتصاديًّا , واجتماعيًّا , بناء سليما راسخًا , يحقق صالح البشرية جمعاء , فديننا دين الإنسانية والسلام والإيمان بالتعدد والتنوع .
ومن على منبر مسجد العمدة جابر بالقرنة، أكد الشيخ محمد حسان محمد أحمد إمام وخطيب بمدرية أوقاف الأقصر، أن المفهوم الحقيقي للهجرة إلى الله ورسوله يتمثل في كونه سلوكًا إيمانيًّا وضع النبي صلى الله عليه وسلم ضوابطه بقوله : إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)، هذه الضوابط ترتكز على أساس متين من طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والاستقامة على منهج الإسلام، وهجْرِ ما حرم الله ورسوله من الأخلاق الذميمة ، والعادات السيئة ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الناس مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.