"توارد التخاطر" علم يجتاح السوشيال ميديا.. يشبه التنويم المغناطيسي.. وأستاذ اجتماع: قدرات روحانية عند الأنبياء والصحابة
عالم مختلف تمامًا ينفصل عن الواقع، يفعك نحو تحقيق رغبتك بطريقة روحانية تحمل مسمى "توارد التخاطر"، حيث يتمكن الشخص من خلالها أن يبعث برسائل يرغب في إيصالها إلى أشخاص محددة ليستجيبوا إليها على الفور.
وفي ظل الانفتاح
التكنولوجي، والإقبال الملحوظ على مواقع التواصل الإجتماعي، الذي تحول إلى ساحة للتجارب،
أثارت تجربة "توارد التخاطر" جدلًا واسعًا بين النشطاء، خاصة بعدما بدأ عدد
ممن خاضوا التجربة ليرووا قصصهم وتجاربهم مع هذه الظاهرة الروحانية الغريبة.
حينما شعرت سارة
محمد – اسم مستعار- أنها بحاجة ماسة لإرسال رسالة غير مباشرة إلى الشخص الذي تحبه،
قررت أن تخوض تجربة التخاطر، فتروي أنها اتبعت الخطوات كاملة، وبمجرد أن رأت هذا الشخص
عبارة عن سواد، تملكها الخوف وأجهشت بالبكاء على الفور من هول المنظر:"مكنتش متخيلة
الموضوع بجد.. بس هقوي نفسي وأجرب تاني".
أما عن هاجر، فلم
تكن الفتاة العشرينية تشعر بالخوف، حيث أنها تمكنت بسهولة من اتباع الخطوات وخوض التجربة،
وعلى الفور تحققت رغبتها وتواصل خطيبها معها لمصالحتها.
اعتادت "هاجر"
أن تخوض تجربة التخاطر مع كل مشكلة تمر بها في علاقتها العاطفية:"أنا بتخيل الشخص
في غرفة مظلمة وبركز في كلامي ليه كأنه حوار وأنا نايمة ومش حاسة بأي حاجة بتحصل حوليا".
الأمر برمته تكرر
مع "آية" التي بات التخاطر سببًا رئيسيًا في استكمال فرحتها، بعدما تحول
الخيال إلى واقع ملموس، حينما طلب منها الشاب الذي أحبته أن يتقدم لخطبتها:"كنت
بحب شاب زميلي وهو عمره ما شافني غير زي أخته.. جربت موضوع التخاطر مرتين ووصلتله إني
بحبه وبعتله رسالة باللي عاوزة أقوله.. بعدها بفترة قصيرة كلمني وفاتحني في الخطوبة".
في الوقت نفسه، كانت
الطالبة الجامعية "رنا" تحاول حل مشاكلها المستمرة مع خطيبها، والتي وقفت
حائلًا بين استمرارهم في هذه العلاقة، إلا أن الحال تبدل تمامًا بعدما وقع أمام عينيها
منشورًا عن التخاطر:"جربته وفعلًا كلمني
وحلينا المشكلة بهدوء في خمس أيام".
وعن خطوات التجربة
التي اتبعتها، تروي "رنا" أنها قامت بالاستلقاء على ظهرها على كرسي مريح،
وبدأت في تصفية ذهنها والتنفس لعدد مرات معين، ثم استذكرت مواقف كليهما معًا حتى بدأت
في تخيله أمامها وإرسال رسالتها المختصرة له.
تجربة "نوران"
لم تختلف كثيرًا عن سابقتها، فقد قررت الفتاة العشرينية، أن تخوض تجربة التخاطر بالجلوس
في هدوء تام، ثم استجمعت أفكارها، وأرسلت رسالتها لخطيبها عبر التخاطر، لتطلب منه أن
يحذف الحظر:"وبالفعل لغى البلوك تاني يوم وكلمني عادي جدًا".
بخلاف هذه التجارب
السابقة، اختلفت تجربة "أسماء" مع التخاطر، حيث أنها استغلت الفكرة لحل مشاكلها
مع صديقاتها، فتتذكر جيدًا حينما نشب خلاف بينها وبين إحدى صديقاتها استمر لأكثر من
شهر انقطعا خلاله عن الحديث، وبمجرد أن بدأت في خوض تجربة التخاطر انتهت المشكلة بينهما:"التجربة
دي عاملة زي اليوجا، هي عبارة عن تواصل روحي هادئ".
*السوشيال ميديا ساعدت على انتشار الظاهرة
قال الدكتور جمال
فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن علم توارد التخاطر موجود منذ الثمانينيات، حيث كان يحدث
بين الجيش الأمريكي حينما كانت كتيبة الولايات المتحدة تحاول التواصل مع كتيبة داخل
غواصة بأوروبا، وذلك لعدم اختراق الأخبار والرسائل من الخارج، حيث كانت نسبة الخطأ
في التجربة لا تتعدى الـ17%..
وأشار "فرويز"
في تصريح خاص لـ"الفجر" إلى أن علم
التخاطر يعني إلغاء لكافة المدارك الحسية، كالشعور بالألم والبرد والصوت، لافتًا إلى
أن الشخص في هذا الوقت يتعايش بالمدارك الداخلية فقط مثلما يحدث في عملية "التنويم
المغناطيسي".
وأوضح أستاذ الطب
النفسي، أن هذه الوسيلة الروحانية منتشرة بين الفتيات أكثر من الشباب في الآونة الأخيرة،
حيث ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على انتشار خطواتها، وهو ما دفعهم لخوض التجربة
لبذل قصارى جهودهم في استعادة العلاقة العاطفية للحفاظ عليها.
ولفت إلى أن التوارد
يتم بشكل صحيح ويحقق نتائج واضحة حينما يتفق الطرفين على توقيت محدد لتبادل الطاقة
والرسائل المشفرة فيما بينهما، مضيفًا أنه حينما يحدث التخاطر من طرف واحد تكون النتيجة
لدى الطرف الآخر مجرد إحساس وليست رسالة واضحة.
*التخاطر هو قدرات روحانية عند الأنبياء
والصحابة
ومن جانبه، أكد الدكتور
حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع، أن علم التخاطر هو بمثابة قدرات روحانية عند الأنبياء
والصحابة، مستدلًا بذلك على ما ذكر في الكتب عن موقف سيدنا عمر صاحب روح الشفافية،
حينما كان يخطب الجمعة ذات يوم، إلا أنه قطعها ونادى على سارية في مكان بعيد ليخبره
بإلزامه للجبل لهجوم الأعداء عليه، ونبهه ليكون لديه خطة للدفاع عن المسلمين.
وأشار "الخولي"
في تصريح خاص لـ"الفجر" إلى أن التخاطر أصبح
ظاهرة بين الفتيات بسبب حبهم الشديد للبحث عن الإجابات والكشف عما يدور بعقل اطرف الأخر.
وأوضح أستاذ علم
الاجتماع، أن الإجابات تكون مرضية للنفس وليس لها أي أساس من الصحة، لافتًا إلى أن
التخاطر يعد من الخوارق التي تنجح مع القليل من الناس.