آباء ذئاب بشرية تقتل أطفالها.. نفسيون: هروب من التعاسة الزوجية.. وأزهري: ضعف العقيدة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


جرائم غامضة، تدمي القلوب وترهق الأعصاب، بطلها الذئاب بشرية، وضحيتها الأطفال الأبرياء، كانوا لا يدركون غير اللهو في الطرقات مع ذويهم، ويشعرون بالأمان والطمأنينة مع آبائهم، الذين سرعان ما تحولوا إلى وحوش تقتل وتنهش أجساد أبنائهم، بدوافع الخوف من المستقبل والمصير، ما جعلنا أمام كارثة مجتمعية، "العنف الأسري" الذي فسره الخبراء النفسيين، بأنه نتاج الانهيار الثقافي وفساد الإعلام المرئي.

 

الآباء.. ذئاب بشرية

 

حادثة قتل طفلي ميت سلسيل، وضعتنا أمام ظاهرة العنف الأسري، من جديد، حينما ترددت معلومات تفيد بقتل الطفلين "محمد" و "ريان" على يد والدهما بمنطقة ميت سلسيل، في محافظة الدقهلية.

 

وبالفعل، سلم محمود نظمي والد الطفلين، نفسه لمركز شرطة ميت سلسيل بالدقهلية، واعترف بأنه قتل الطفلين لأنه يمر بظروف نفسية سيئة ويشعر أنه لا يستحق أن يكون أبًا لهما.

 

أما مجزرة بولاق، ظهرت معالمها، حينما شكل فريق البحث الجنائي خطة بحثية للكشف عمن وراء قتل سيدة وابنتيها، داخل محل سكنهم، إلى جانب اختفاء بعض المتعلقات من الشقة، ليتوصل إلى أن الأب المبلغ هو من وراء ارتكاب جريمة القتل، وذلك بسبب مروره بضائقة مالية وحالة نفسية صعبة، وتم إلقاء القبض عليه في النهاية.

 

وفي شهر يوليو الماضي، كنا على موعد مع قضية أطفال المريوطية، التي آثارت جدلًا واسعًا، بعدما عثر أهالي المنطقة على جثث لثلاثة أطفال في حالة تعفن وبهم آثار حروق، ملفوفين داخل أكياس بلاستيكية وسجادة، لتتمكن النيابة، من تحديد هوية القاتلين، وهو سيدتان ورجل من بينهم والدة الضحايا وتم إلقاء القبض عليهم.

 

الانحراف السلوكي

 

كشفت الدكتورة أسماء عبدالعظيم استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، أن تعاطى المخدرات والانحراف السلوكي سبب رئيسي، وراء القتل فالأب المدمن يتصرف دون وعى لما يفعله وكذلك الانحراف السلوكي والانحدار الثقافي والديني للأسر.

 

التخلص من التعاسة الزوجية

 

وأكدت "عبد العظيم"، في تصريحاتها الخاصة لـ"الفجر"، أنه أحيانًا ما يلجأ الأب والأم إلى إسقاط الضغوط المهنية والأسرية وكره كل طرف للآخر على الأبناء، فنجد أن الأم تضرب الابن حتى الموت وكذلك الأب فأي ذنب فعله الطفل حتى يكون جزاؤه التعذيب حتى الموت، مشيرةً إلى أن القتل إسقاط لرغبة في التخلص من الطرف الآخر ولأن الأبناء هم سبب إبقاء الأم في زواج فاشل فتلجأ للقتل للتخلص من التعاسة الزوجية.

 

وأوضحت استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، أن عدم معرفة الزوجين بكيفية التربية وكيفية التعامل مع  أطفالهم واحتياجهم فيلجأون إلى تعذيبهم ظنًا منهما أنهما يربون أبنائهم وعدم تحملهم المسئولية ورغبتهم في الهروب والإفلات من متطلبات أبنائهم، وراء العنف الأسري، متابعةً؛ "الإصابة بالاضطرابات العقلية مثل فصام الشخصية والاكتئاب حيث تمثل تلك الاضطرابات خطر على المريض وعلى من حوله فقد يلجأ للقتل إما بسبب هلاوس سمعية أو بصرية، وكذلك أحيانًا ما يلجأ مرضى الاكتئاب للقتل، ظنًا منهم أن بالقتل يتم التخلص من أعباء الحياة".

 

الانهيار الثقافي والمخدرات

 

وحول أسباب العنف الأسري، يقول جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بالأكاديمية الطبية، إن الانهيار الثقافي والمخدرات والإعلام المرئي الفاسد"، هما وراء وقائع العنف الأسري، موضحًا أن الانهيار الثقافي معناه انهيار قيمي وأخلاقي وانهيار قيمي ديني أي ازدواجيه دينية شكل خارجي ديني وتصرفات لا دينية.

 

وأضاف "فرويز"، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن انهيار العلاقة داخل الأسرة والروابط بين أهل البيت الواحد، والعلاقة بين أفراد الوطن، إضافة إلى الإعلام المرئي حيث له دور في صورة مسلسلات تتلخص كأن مصر عشوائيات فقط.

 

تدخل الدولة لمعالجة الظاهرة

 

وفيما يخص معالجة العنف الأسري، أكد أنه لا بد من تدخل الدولة في الموقف، وإعادة دور الثقافة الجماهيرية، فضلًا عن إعادة دور قصور الثقافة، وإنتاج أفلام ومسلسلات تدعو إلى القيم الأخلاقية وتحسن صورة البلد أمام الشعوب الأخرى.

 

ضعف الوازع الديني

 

ومن وجهة النظر الدينية، يفسر الدكتور محمود الصاوي، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، العنف الأسري، بأنه استخدام القوة المادية أو المعنوية بشكل عدواني لإلحاق الضرر بأي شخص يشمل الاعتداء اللفظي والاعتداء الجسدي وهي ليست ظاهرة جديدة على المجتمع الإنساني، وله حزمة أسباب؛ غياب الأسرة الممتدة واختفائها وغياب مصطلح الكبير في كل عائلة، فهذه الأسرة الممتدة كانت ترعى الأبناء والأحفاد ويتم توزيع المسؤوليات والقرارات فيها بشكل متساوي.

 

وأوضح "الصاوي"، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن غياب التنشئة الاجتماعية السليمة والعادلة وعدم التفرقة في المعاملة والتمييز بين الأخوة والأخوات بشكل عام وكثرة الخلافات بين الزوجين وعدم تأهيل الشباب قبل الزواج وبيان مسؤولياته، فضلًا عن ضعف المستوي الأخلاقي في المجتمع وشيوع أمراض الحسد العام وعدم القناعة والكراهية والغيرة وكما قلت ضعف الوازع الديني

 

في مقدمتها وعلى رأسها التجرد من الإنسانية وضعف التدين والالتزام الشخصي بتحمل الأمانة التي أعطاها الله تعالي لهولاء الآباء أو الأمهات، ويزيد على ذلك الانحرافات السلوكية خاصة ما يتعلق بتعاطي المخدرات وضيق الرزق، وكثرة العيال وزيادة الأعباء.

 

العقيدة الإيمانية

 

وبشأن ما يثار حول خوف الآباء من المستقبل على أبنائهم، يقول وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن العقيدة الإيمانية كفيلة بالقضاء على الخوف من المستقبل، بكافة صوره وأشكاله، والخوف من انقطاع الرزق، والإصابة بالمرض، وفقدان الاقارب، لأن المؤمن تعلم من سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن إصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن".

 

"وقد يولد القلق مع الفرد وقد يكون مكتسبًا، فهو أسلوب في الحياة تعتمده الأسرة وتورثه لأبنائها، لذلك فالطفل أو الشاب الذي يعتريه القلق بصورة مبالغ فيها هو طفل لوالدين يعانيان من هذا الأمر وقد يكون منوطًا بشجرة العائلة، لكن يمكن تغييره، فدائما هناك فرصة سانحة لتعلم شيء جديد يحدث التغيير الإيجابي في حياتنا"، هكذا اختتم "الصاوي" حديثه لـ"الفجر".