مي سمير تكتب: المرأة التى تقف وراء الرئيس

مقالات الرأي



"بوتين" عن رئيسة البنك المركزى الروسى: "لا أخشى على الروبل فى وجودها"

شقيقة رئيس كوريا الشمالية تشرف على الملفات الحساسة بالدولة وتحظى بثقته


رغم أن المجتمع ككل خطا خطوات واسعة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، إلا أن البعض لا يزال يعتبر السياسة، «عالم الرجال الخاص»، ولكن هناك عددا قليلا من النساء قاتلن ضد كل الصعاب ليحققن نجاحاً فى هذا المجال.

عدد من السيدات نجحن فى احتلال صدارة المشهد السياسى فى كثير من دول العالم مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتساى إنغ-ون، أول رئيسة لتايوان، وميشيل باتشيليت، رئيسة شيلى، وتيريزا ماى، رئيسة وزراء بريطانيا.

ولكن أحياناً لا يحتاج التحكم فى المشهد السياسى لاحتلال الصدارة، وفى بعض الأحيان تكتفى المرأة بدور خلف الرئيس أو القائد كى تتحكم فى مختلف القرارات السياسية، وتدير من وراء الكواليس، وهو ما حدث فى بعض أروقة الحكم فى دول مختلفة بالعالم، حيث لعبت مجموعة من السيدات دور البطولة، واستحقت كل منهن لقب «السيدة التى تقف وراء الرئيس».


1- الشقيقة الصغرى..حارسة البوابة

كيم يو جونج، الشقيقة الصغرى، لرئيس كوريا الشمالية، هى بالتأكيد المرأة الأقوى فى دائرة حكم كيم جونج أون، وتعرف العالم عليها لأول مرة عندما تم اختيارها رئيسة للوفد الكورى الشمالى، فى دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية فى كوريا الجنوبية، خلال العام الجارى، كما كان لها مقعد على طاولة محادثات السلام الأكثر أهمية بين البلدين منذ عقود، وفى سنغافورة كانت بجانب شقيقها أثناء اللقاء مع الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب.

كيم يو، أكثر من مجرد شقيقة الرئيس، فهى عضو كبير فى حكومة كوريا الشمالية، حيث وقع الاختيار عليها فى عام 2014، لتولى منصب نائب مدير إدارة الدعاية بالحزب الحاكم، ووفقا لما ذكره مركز أبحاث مقره سيول يديره المنشقون من كوريا الشمالية، تولت كيم يو، لفترة وجيزة مسئولية البلاد بينما كان شقيقها يعانى من مرض النقرس أو مرض السكر، فى أواخر عام 2014.

وفى إبريل، كانت كيم يو، 30 عاماً، المرأة الوحيدة، والعضو الأصغر سناً بين 6 مندوبين فى المحادثات التاريخية التى جرت بين الكوريتين فى المنطقة المنزوعة السلاح التى تفصل بين البلدين، وبينما ظهرت تدون ملاحظاتها أثناء انفراد شقيقها بالحديث، كان كثيرون يعتبرونها العامل الأساسى فى عقد هذه القمة.

وتحرص كيم يو، على الابتعاد عن دائرة الضوء، وتكتفى بدورها الكبير فى الكواليس، حيث كانت أول عضو فى الأسرة الحاكمة لكوريا الشمالية يزور «سول» منذ انتهاء الحرب الكورية فى أعقاب هدنة عام 1953. وأعطى وجود كيم يو، على رأس وفد كوريا الشمالية فى الأوليمبياد الشتوية التى أقيمت فى كوريا الجنوبية، رسالة قوية حول رغبة الشمال فى التصالح مع الجنوب، وكانت كيم يو، هى من سلمت شخصياً رسالة نيابة عن أخيها، للرئيس الكورى الجنوبى مون جاي-إن، مع استئناف الاتصالات بين الدولتين.

ورغم تحركات كيم يو، المهمة سواء على الصعيد الدبلوماسى أو السياسى، فإنها، مثل معظم أعضاء عائلة كيم، محاطة بقدر كبير من السرية ولا يعرف سوى القليل عن دوافعها أو ما وراءها، بخلاف واجباتها الرسمية.

ولدت كيم، عام 1987، ودرست فى سويسرا مثل أخيها، ويعتقد أنها ذهبت إلى جامعة كيم ايل سونج وجامعة أخرى أوروبية لتعليمها العالى، كما يعتقد أنها الأصغر بين 7 أشقاء أنجبهم والدها كيم جونج إيل من 4 نساء، لكن كيم يو، أخت شقيقة لرئيس كوريا الشمالية.

وفقاً لمايكل مادن، الذى يدير مدونة القيادة الكورية الشمالية، كانت كيم يو، قريبة دائما من والدها، وبعد عودتها من سويسرا، تم تعيينها فى العديد من المناصب الحكومية، حيث عملت كقائد فريق متقدم وكانت تتفقد المواقع قبل الزيارات الرسمية وتتولى المهام الإدارية.

وتحت قيادة شقيقها، تتحمل كيم، مزيداً من المسئوليات، وتتعامل مع القضايا السياسة، وتتلقى جلسات إحاطة بالمعلومات الاستخبارية وتتصرف كأنها تتولى نفس المهام التى يتولاها كبير موظفى البيت الأبيض فى الولايات المتحدة، وفقا لمادن.

وتمت ترقية كيم، إلى المكتب السياسى للبلاد، وهو الهيئة العليا للحزب الشيوعى فى كوريا الشمالية، كعضو بديل العام الماضى، وفقا لمنظمة «رايتس ووتش كوريا الشمالية»، تعد كيم يو مساعداً مقرباً من شقيقها منذ اعتلائه السلطة، كما تتولى الإشراف على كل الأحداث العامة التى يشارك فيها بما فى ذلك التخطيط لتأمين خطوط السير وتوفير الاحتياجات اللوجستية من بين مهام أخرى.

وكيم، حالياً بين الـ20 مسئولاً الذين جعلهم شقيقها يديرون شئون كوريا الشمالية، وينظر إليها باعتبارها حارسة البوابة للزعيم، وفقاً للمحللين، حيث يقول بالينا هوانج، أستاذ زائر بجامعة جورجتاون، مؤسس اللجنة الوطنية لكوريا الشمالية: «ربما تكون واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً على كيم جونج أون نفسه، بالتحديد لأنه لا يملك سوى عدد قليل جداً من الناس الذى يمكن أن يثق بهم».


2- نساء بوتين.. صوت وعقل الرئيس

البداية مع المرأة التى وصفتها مجلة الإيكونوميست بأنها ذراع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، اليمنى، أو إلفيرا نابيولينا، رئيس البنك المركزى، وإلفيرا هى أقوى امرأة فى روسيا، إن لم تكن الأقوى، فهى المرأة التى تدير عقل بوتين وتتحكم فى كافة القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية، وعندما يتعرض الروبل للغرق، لا يقلق بوتين لأن إلفيرا على رأس الدفة، ولا يتردد الرئيس الروسى فى الاعتراف بأنه لا يفهم السياسة النقدية إلى حد كبير، ولكنه لا يشعر بالقلق لأنه يثق فى إلفيرا ويطلق يديها فى اتخاذ كل القرارات.

شغلت إلفيرا منصب مستشارة اقتصادية للرئيس بوتين فى الفترة من مايو 2012 إلى يونيو 2013، بعد أن شغلت منصب وزير التنمية الاقتصادية والتجارة فى الفترة من سبتمبر 2007 إلى مايو 2012، وفى عام 2013، تم تعيين إلفيرا رئيساً للبنك المركزى لروسيا، حيث تولت المهمة الصعبة المتمثلة فى إدارة سعر صرف الروبل خلال الأزمة السياسية فى أوكرانيا وتسهيل النمو لاقتصاد يحاول تجنب الركود.

وقتئذ وفى محاولة لوقف انهيار الروبل، قام بنك روسيا المركزى، تحت قيادة إلفيرا برفع أسعار الفائدة، وتحرير سعر الصرف، وحافظ على سقف التضخم، ما أدى إلى استقرار النظام المالى وتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب.

واختارت مجلة «يوروإيكونومى»، محافظ البنك المركزى الروسى، الأفضل على مستوى العالم فى عام 2015، واعتباراً من عام 2014، تم إدراجها فى قائمة أقوى امرأة فى العالم، واحتلت المرتبة رقم 72 وفقاً لمجلة فوربس.

ولدت إلفيرا فى أوفا، باشكورتوستان، فى 29 أكتوبر 1963 فى عائلة متوسطة الحال، وتخرجت فى جامعة موسكو الحكومية فى عام 1986، وفى السنوات اللاحقة، تم اختيارها أيضاً لبرنامج جامعة يال الأمريكية «وورلد فيلوز» 2007، وبين عامى 1991 و1994، عملت إلفيرا فى اتحاد العلوم والصناعة فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية وخليفته الاتحاد الروسى للصناعيين وأصحاب المشاريع، وفى عام 1994 انتقلت إلى وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة، حيث نجحت فى الوصول إلى منصب نائب وزير بحلول عام 1997، ولكنها غادرت الوزارة بعد ذلك بعام، وقضت العامين التاليين فى منصب الرئيس التنفيذى لبنك سبير قبل أن تعود إلى وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة كنائب أول فى عام 2000.

ولكن إلفيرا نابيولينا ليست المرأة الوحيدة التى تلعب دوراً محورياً فى إدارة الرئيس بوتين، ومن ضمن سيدات الحكم فى روسيا، يسطع اسم ماريا زاخاروفا، التى تشغل منصب مديرة قسم الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية فى الاتحاد الروسى «الممثل الرسمى لوزارة الخارجية فى الاتحاد الروسى» من 10 أغسطس 2015.

وماريا باختصار صوت بوتين اللاذع فى وسائل الإعلام الغربية، والمرأة التى تدير صورة روسيا فى مختلف أنحاء العالم، وعلى سبيل المثال فى 13 نوفمبر 2016، ظهرت ماريا فى التليفزيون الحكومى الروسى وسخرت من نتائج الانتخابات الأمريكية ووصفتها بأنها نتيجة لمؤامرة روسية - يهودية، وذلك بقولها: «إذا كنت تريد أن تعرف ما الذى سيحدث فى أمريكا، فمن الذى يجب عليك التحدث إليه؟ يجب أن تتحدث إلى شعبنا فى برايتون بيتش، بطبيعة الحال»، وبرايتون بيتش هى موطن لجالية يهودية كبيرة.

وفى 2 مارس 2017 رفضت ماريا مناقشة الادعاءات ضد السفير الروسى سيرجى كيسلياك، مع مراسلة سى إن إن، ولم تتردد فى مطالبة المحطة الأمريكية الشهيرة، بالتوقف عن نشر الأكاذيب والأخبار الزائفة، وجادلت بأن كيسلياك دبلوماسى عالمى معروف، وتشتهر ماريا بحس ساخر يجمع بين القسوة والذكاء وتتمتع بجرأة كبيرة فى مواجهة الانتقادات جعل منها صوت روسيا القوى فى العالم.


3- سيدات البيت الأبيض

وسط الفضائح السياسية والأخلاقية التى تحيط بإدارته، يتكون فريق الدفاع عن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من مجموعة من النساء، حيث نجحت أربع سيدات فى التحكم فى أروقة الحكم الأمريكية، لكن بعد استقالة مديرة الاتصالات هوب هيكس، التى وصفتها الواشنطن بوست بأقوى امرأة فى الولايات المتحدة الأمريكية، لم يتبق فى الفريق النسائى لترامب سوى ابنته إيفانكا مستشارة الرئيس الخاصة، والمستشارة الرئيسية كيليان كونواى وأخيرا السكرتيرة الصحفية سارة هوكابى ساندرز.

وتعد إيفانكا، هى صاحبة التأثير الأكبر على والدها، ويقال فى البيت الأبيض إن إقناع الرئيس الأمريكى باتخاذ أى قرار يجب أن يبدأ ببيع القرار فى البداية إلى إيفانكا، وعلى سبيل المثال، عند اختيارها لكى تشارك فى حفل ختام دورة الألعاب الأوليمبية فى كوريا الجنوبية، كتب ترامب تغريدة: «وصلت ابنتى، إيفانكا، إلى كوريا الجنوبية.. لا يمكن أن يكون لدينا شخص أفضل أو أكثر ذكاء يمثل بلدنا».

والحقيقة أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، هو أول رئيس يعين ابنته فى منصب رسمى، حيث تحتل إيفانكا منصب المستشار الخاص للرئيس الأمريكى، وبحسب العديد من التقارير الأمريكية تتمتع إيفانكا بقدرة كبيرة فى التأثير على قرارات والدها المختلفة.

أما المرأة الثانية فهى كيليان كونواى، مستشارة ترامب السياسية، وكانت فى السابق مديرة حملته الانتخابية، وتعد أول امرأة تدير حملة رئاسية ناجحة فى الولايات المتحدة.

وكانت كيليان قد صرحت من قبل فى أعقاب اختيارها كمستشارة سياسية لترامب بأنها تفكر كما يفكر الرجال ولكنها تتصرف كما تتصرف النساء، وحسب رونالد كيسلر مؤلف كتاب « تغيير قواعد اللعبة» تعد كونواى أكثر الشخصيات فى إدارة ترامب التى ساهمت فى تسريب المعلومات لوسائل الإعلام وهو الأمر الذى دفع ترامب إلى مطالبتها بعدم الظهور فى وسائل الإعلام.

كما يعد جون كونواى زوج كيليان من أشد مهاجمى ترامب واشتهر بتغريداته المنتقدة لقرارات الرئيس الأمريكى، ورغم كافة المشاكل التى تحيط بكيليان إلا أن الرئيس الأمريكى رفض الاستغناء عنها ووصفها بأنها تلعب دوراً محوريا فى إدارته، ولا يمكن التضحية بها.

وأخيراً تلعب السكرتيرة الصحفية سارة هوكابى ساندرز، الدور المحورى فى مواجهة أى انتقادات يتعرض لها ترامب، إلى درجة جعلت منها رمزاً للبيت الأبيض، وصوت ترامب القوى فى مواجهة أى انتقادات يتعرض لها، وبسبب الدور المتنامى لسارة فى البيت الأبيض وارتباط اسمها بترامب، تعرضت سارة مؤخرا للطرد من أهم المطاعم فى فرجينيا بسبب اعتراض صاحب المطعم على سياسة ترامب، خصوصاً المتعلقة بالهجرة.

وإلى جانب سيدات البيت الأبيض تحتل نيكى هايلى، سفيرة الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة مكانة خاصة لدى ترامب، وحسب كثير من التحليلات السياسية تتمتع نيكى،بنفوذ كبير على الرئيس الأمريكى وتجمعهما علاقة قريبة على نحو أثار كثيرا من التكهنات التى تشير إلى أن نيكى هى المرأة الأكثر تأثيراً على الرئيس الأمريكى.

وعلى سبيل المثال أكد مايكل وولف فى كتابه «الخوف والغضب»، الذى تناول فيه كواليس إدارة ترامب داخل البيت الأبيض، فإن الأخير متورط حاليًا فى علاقة خارج إطار الزواج، وألمح إلى أن هذه العلاقة قد تكون مع نيكى هالى، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة الذى عينها الرئيس ترامب سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.

وكتب وولف أن الرئيس الأمريكى يقضى وقتا طويلا مع هالى، وكان من الواضح أنه يقوم بتحضيرها لمستقبل سياسى، وحسب الكتاب، فإن هالى التى تتمتع بذكاء كبير يفوق بمراحل قدرات ترامب العقلية، كان من السهل عليها التحكم فى عقل الرئيس الأمريكى.

ونشبت خلافات بين ترامب وهالى، فى المرحلة الأخيرة، خاصة عندما أعلنت فى إبريل الماضى أن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات على شركات روسية، وهو أمر أثار غضب ترامب الذى لم يكن اتخذ مثل هذا القرار، غضب ترامب العارم من نيكى دفع البعض إلى الاعتقاد أنه سيعزلها من منصبها خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التى تتصرف فيها على نحو يغضب الرئيس الأمريكى، ولكن نيكى لاتزال فى منصبها وتتمتع بنفوذ يزداد بمرور الوقت وعندما سألت مؤخراً عن علاقتها بالرئيس الأمريكى، أكدت أنها أكثر من رائعة.