تعرف علي أبرز المعالم السياحيه في "الانيا" التركيه
الانيا، البلدة الساحلية الواقعة على الساحل الجنوبي لتركيا، تقدّم أسلوبًا فريدًا للاسترخاء في أحضان التاريخ الغني وفرص المغامرة، وزيارة قلب المدينة التاريخي الذي يقع بين البحر المتوسط وجبال طوروس المبهرة في شبه جزيرة صخرية، تزيّنه قلعة رائعة تعود الى القرن الثالث عشر.
تطلّ ألانيا على البحر الأبيض المتوسط ويحدّها ساحل شديد الجمال والنقاء من ثلاث جهات لتصبح شبه جزيرة جغرافية. استوطنها الروم كأول قوم يقطنونها، ومن ثم تبعهم البيزنطيون والسلاجقة والعثمانيون.
موقعها الجغرافي استراتيجي جدًا ومناخها معتدل بحيث يكون حارًا جافًا صيفًا ومعتدلًا ممطرًا شتاءً. لهذا السبب، تستقطب ألانيا العديد من السيّاح الأوروبيين، وخصوصًا الألمان والروس.
كانت المنطقة معقلًا للعديد من الإمبراطوريات، بما في ذلك البطالمة السلوقية والرومانية والبيزنطية والعثمانية. وهي تحتوي على العديد من مناطق الجذب الطبيعي والتراث التاريخي، مما جعلها مقصدًا للسيّاح، لا سيما بفضل شواطئها الجميلة، ومحالها التجارية، وفنادقها الراقية ومرافقها الليلية المتنوعة.
وصلتُ مع عائلتي إلى ألانيا عبر مطار غازي باشا للرحلات الدولية وانتقلنا منه إلى الفندق. وضعنا أغراضنا في الغرف المحجوزة لنا، وقررنا الانطلاق فورًا في مغامرة الاستكشاف والترفيه والتشويق.
شاطئ كليوباترا
يعتبر شاطئ كليوباترا من الشواطئ الأكثر شعبيةً فى المنطقة، حيث يمكن الزائر الاستمتاع بالجو الساحر على الرمال الذهبية الناعمة والمياه الزرقاء النقية والشمس الدافئة، وممارسة العديد من الرياضات المائية الممتعة مثل السباحة والغوص في المياه الصافية.
يفوق جمال هذا الشاطئ الخيال والوصف، وتعجز الكلمات عن تصوير نقائه وروعته. يُقال إن الملكة المصرية كيلوباترا زارت هذا الساحل وسبحت فيه، ولذلك سُمّي باسمها. يمتد شاطئ كليوباترا لمسافة كيلومترين غرب قلعة ألانيا، ويتميز بأفضل الرمال بين جميع شواطئ ألانيا.
كما يؤكد العديد ممن يرتادون هذا الشاطئ أنهم يستطيعون رؤية الأسماك في قاع البحر بشكل واضح من دون عناء. أوصيك شخصيًا بتجربة الغوص للاستمتاع بأجمل معالم الطبيعة البحرية المذهلة، لا سيما أن هذا النشاط بات اليوم من أكثر النشاطات شعبيةً في تركيا. كما يمكنك القيام بجولة على متن قارب لتستمتع بمنظر المدينة من بُعد، وترسم في مخيلتك لوحة فنية لا تُنسى عن ألانيا.
تناول الغداء في ديمكاي
البداية كانت مع تناول الغداء في منطقة ديمكاي الواقعة على بعد 22 كلم من ألانيا، والتي يمكن الوصول إليها بالحافلة. هناك، استمتعنا بالسباحة في نهر ديم وتناولنا الغداء في أحد المطاعم المعلّقة فوق النهر والمبنية على الطراز التقليدي. تناولنا وجبة طعام لذيذة ومميزة وسط أجواء الطبيعة الخلابة والمريحة للنفس. يُذكر أن نهر ديم يجري وسط الأشجار الخضراء الوارفة ويتميز بنقاء فريد، وعلى ضفافه العديد من المطاعم المطلّة عليه بشكل مباشر والمحتوية على جلسات أرضية. لا شك في أن جو المكان مناسب لكل من يبحث عن المتعة والانتعاش.
مركز المدينة
ليست ألانيا مجرد وجهة سياحية، وإنما أيضًا مدينة رائعة نابضة بالحياة. ولعل القيام بنزهة بين الأماكن والطرق الرئيسة في المدينة وسيلة رائعة لتجربة الحياة المحلية في ألانيا.
حرصنا على اكتشاف مركز المدينة التاريخي، وزرنا سوق الخضار والفواكه، حيث يعرض المزارعون منتجاتهم كل يوم. ولكن السوق الأكثر شعبيةً هو ذاك الذي يُقام أيام الجمعة، حيث يجد الزائر الكثير من التوابل وعصير الرمان، وشتى أنواع الحلويات المحلية. كانت زيارة هذا السوق بمثابة فرصة رائعة للتعرف الى طبيعة حياة السكان المحليين في ألانيا.
الحمّام التركي
بعد عودتنا من الغداء في ديمكاي، قررتُ وابنتي، الاستمتاع بتجربة الحمّام التركي في الفندق. والحمام التركي التقليدي هو جزء من الثقافة التركية وشيء فريد من نوعه. ورث الأتراك العثمانيون مفهوم الحمّام من الرومان وقاموا بتعديله وفقًا لأذواقهم الخاصة ليتيح اليوم للزائرين فرصًا عدة من الاستجمام.
الحمّام التركي بات الآن فعالية سياحية من الدرجة الأولى في تركيا، وتُجرى طقوسه في مبنى خاص يتّخذ شكلًا فنيًا جميلًا. مبنى الحمّام مؤلف من ثلاثة أقسام مختلفة. القسم الرئيس هو عبارة عن قاعة ذات سقف مقبّب مع نوافذ صغيرة تتسلل منها بعض أشعة الشمس. وفي مركزها مسطّح رخامي يستلقي عليه الشخص لجلسة تدليك.
القسم الثاني هو غرفة الحمّام التي تحوي بركة المياه الساخنة والصابون، ويتم فيها الاستحمام.
أما الغرفة الثالثة والأخيرة فهي الغرفة الباردة التي يسترخي فيها المستحمّ بعد الحمّام، ويشرب الشاي اللذيذ.
زيارة القلعة الشهيرة
في اليوم الثاني، قرّرنا زيارة قلعة ألانيا الشهيرة التي توفر إطلالة بانورامية مذهلة للمدينة، وتمنحك إحساسًا بأن التاريخ لا يزال حيًا هنا. إنها قلعة سلجوقية بناها القائد السلجوقي علاء الدين كاي كوبات في القرن الثالث عشر على أنقاض القلعة المبنية في العصر الروماني لأغراض تحصينية دفاعية. وهي تتكون من 83 برجَ مواجهة و140 برجَ مراقبة. كان الهدف الأساسي من بنائها توفير الحماية والأمن لألانيا برًا وبحرًا.
تقع القلعة على ارتفاع 250 مترًا على شبه جزيرة صخرية تمتد في البحر الأبيض المتوسط، ويحيط بها جدار من ثلاث جهات بطول 6.5 كيلومتر.
بعد انتهائنا من زيارة القلعة، تابعنا السير وصولًا الى الميناء، حيث لفتنا البرج الأحمر الذي تم بناؤه عام 1226 لحماية القلعة. يقف البرج الأحمر شامخًا مع ارتفاع يصل إلى 35 مترًا وقد استُخدم قديمًا في تنفيذ عمليات الإعدام وكميناء لبناء السفن. يستمد البرج الأحمر اسمه من القطع الصخرية الحمراء الموجودة فى الأجزاء العلوية والسفلية منه، ويجذب البرج العديد من السيّاح على مدار العام.
رحلة الجيب سفاري
المغامرة الحقيقية لولديّ بدأت في اليوم الثالث إذ قررنا الانطلاق في رحلة الجيب سافاري. أوصي الجميع بهذه الرحلة المميزة لأنها خيار مذهل للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجبلية.
بدأت الرحلة في مدينة ألانيا وانطلقنا منها إلى جبال طوروس (شرق المدينة) التي تعلو 1200 متر عن سطح البحر. توقّف موكب سيارات الجيب في العديد من المحطات في القرى الجبلية. صحيح أن الرحلة تمرّ في بعض الطرق الوعرة، لكن تلك الوعورة كانت جزءًا من المرح الذي طغى على أجواء الرحلة.
سابادر كانيون
سابادر هي جوهرة خفية تستحق الزيارة للاستمتاع بالمشاهد الطبيعية المذهلة، لا سيما مع جدران الحجر الجيري الحاد، ولمحات الجمال الطبيعي، والشلالات المتتالية. إنها أشبه بالجنّة الواقعة في وادٍ محاط بجبلين، وتتمتع بطبيعة خلابة وباهرة للزائرين. استمتعنا بروعة الطبيعة الخلابة من خلال السير على الجسر الخشبي الموجود أعلى الوادي، ثم ركبنا في القوارب الخاصة المتوافرة هناك للتجول بجوار هذه الجنّة.
وبالقرب من سابادر، استمتعنا بمناظر جبلية رائعة على طول الطريق، ويمكنك القيام برحلة من طريق جولة منظمة أو استئجار درّاجة نارية والتنقل في الطريق بنفسك لتسجل أجمل الذكريات:
مدينة سايدرا القديمة
إنها مدينة تاريخية رومانية لا يُعرف تاريخ بنائها بالضبط ولكنها تحتوي على بيوت محفورة في الصخور، وقصور فخمة للملوك والأمراء، ولوحات فسيفساء، وأعمدة، وحمّامات سباحة، وخزّانات لمياه الشرب، وقوس نصر، ومدرج استعراضي وغيرها الكثير من الأماكن والمرافق الشبيهة بتلك الموجودة في المدن الرومانية الفخمة.
مغارة داملاطاش
تم اكتشاف المغارة من طريق الصدفة عام 1948 أثناء عمليات الحفر في ميناء ألانيا، لتصبح المغارة بعد ذلك أحد أهم مراكز جذب السياحة العلاجية في تركيا.
تبعد داملاطاش مسافة كيلومتر واحد من مركز مدينة ألانيا. وتظل درجة حرارة الجو في المغارة ثابتة عند 23.3 درجة مئوية صيفًا وشتاءً، فيما نسبة الرطوبة تبلغ 98 في المئة. تستقبل المغارة آلاف الزوار سنويًا من داخل البلاد وخارجها، وتحتوي على بلورات تشكّلت قبل 15 و20 ألف عام. وينصح الأطباء مرضى الربو بزيارة هذه المغارة بهدف الاستشفاء.
إلى اللقاء ألانيا
أيام رائعة أمضيتها في ربوع ألانيا برفقة عائلتي الصغيرة، ابتعدنا خلالها عن ضوضاء الحياة وصخبها، واستمتعنا بأروع النشاطات الترفيهية تحت أشعة الشمس الحارقة. حان وقت المغادرة والعودة إلى بيروت، لكنّ ولديّ أصرّا على أن أتعهّد لهما بالعودة الى ألانيا في السنة المقبلة. فجمال تلك المدينة أغراهما باتخاذها مقرًا دائمًا لإقامتهما!
معلومات مهمة عن ألانيا
الموقع الجغرافي: الساحل الجنوبي لتركيا
اللغة: التركية
العملة: الليرة والتركية
المناخ: متوسطي