"الفجر" في ورشة آخر "قصبّجي" حفيد صانع "كسوة الكعبة" المشرفة (فيديو)
"المحمل" هو اللقب الذي أطلق على الموكب الذي كان يحمل كسوة الكعبة المشرفة من مصر إلى الأراضي الحجازية المقدسة، وقد بدأت عادة إرسال كسوة الكعبة في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب حيث طلب من عمرو بن العاص أن يتم كسوة الكعبة بنسيج القباطي المصري؛ لجودته وإتقان صنعته.
ظل هذا التقليد متبعً حتى عام 1962م، حيث كانت الكسوة يتم صنعها ونسجها وتطريزها في مصر، وفي لقاء خاص لكاميرا بوابة الفجر مع حفيد آخر صانع من صناع كسوة الكعبة، أحمد شوقي عثمان القصبجي، شرح للفجر عن تاريخ هذه الصناعة وعن مراحلها المختلفة.
وقال أحمد شوقي القصبجي أن تقليد إرسال الكسوة من مصر إلى الحجاز ظل متبعًا حتى عام 1962م، وكان جده الحاج عثمان القصبجي هو رئيس مصلحة كسوة الكعبة والتي كانت موجودة في شارع الخرنفش بحي الجمالية أن التقليد ظل متبعًا حتى عام 1962، أي إنه استمر ما يقرب من 1000 عام، وكان يتم إرسال الكسوة الجديدة، حيث يتم نزع الكسوة.
وأضاف القصبجي، أن الكسوة القديمة كانت ترجع إلى مصر بعد إرسال الجديدة ووضعها على الكعبة المشرفة، وكان الملك يقوم بتوزيع أجزاء الكسوة القديمة على الخاصة والمقربين والمؤسسات الرسمية.
وعن تاريخ هذه المهنة يقول القصبجي، إن مصر كان بها 10 من صناع الكسوة المشرفة، ولكن لم يورثها لأولاده سوى جده عثمان حيث علمها لأبيه شوقي القصبجي، ثم هو ورثها عنه وعلمها لعدد من الصنايعية حتى صار عدد من يتقنون هذه الصنعة عن الأجداد الآن هم 6 أفراد فقط لا غير.
وعن اسم هذا الفن أو اسم هذه الصنعة يقول أحمد شوقي القصبجي، أن المهنة تدعى التقصيب، والاسم مشتق من الخامة المستخدمة في التطريز وهي القصب، و"القصب" هو الخيط المستخدم في التطريز على القماش، وكان هذا الخيط قديمًا من أسلاك الفضة النقية، والتي كانت تطلى في بعض الأجزاء بالأصفر الذهبي.
ومن اسم الخامة القصب -والكلام لأحمد شوقي- جاء اسم المهنة التقصيب، وبالتالي أطلق على صاحب المهنة القصبجي، وقد صار هذا لقب للعائلة، حيث أنهم حافظوا على هذه المهنة التراثية وتوارثوها عبر العصور.
وعن طريقة الصناعة يقول القصبجي، أن البداية دائمًا تكون عند الخطاط والذي يقوم برسم لوحته على ورق "كالك"، ثم يقوم بتخريم حواف الأحرف أو الزخارف، ثم توضع الورقة بعد تخريمها على القماش المطلوب تطريزه، ثم باستخدام قطعة من القماش المبللة بالزنك الأبيض "فودرة" نقوم بتلوين هذه الثقوب فتنطبع على القماش أسفلها، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي عمل أشكال الأحرف والزخارف من الكارتون "استمبه"، ثم يوضع فوق الكارتون حشو من خيوط الصوف، ثم يوضع القصب "خيوط الفضة" فوق الحشو، وهناك نوعين من التقصيب غليظ ورفيع.
وعن مصاعب هذه المهنة يقول أحمد شوقي القبجي، أن الصعوبة الأولى تتمثل في قلة الصناع المهرة الذين يتقنون الصنعة على أسسها التراثية الأولى، والصعوبة الثانية هي في الخامات المستخدمة حيث أنها كلها مستوردة إما من اليابان أو الهند، وهو الأمر الذي قد يعيق العمل في حالة حدوث أي مشكلات في الاستيراد.
وعن الأشكال التي يقوم بصنعها أحمد شوقي القصبجي حفيد آخر صانع من صناع كسوة الكعبة، فهي نفس الأشكال المستخدمة في كسوة الكعبة مثل الباب، والأشرطة التي تزين الكسوة، والصمدية، وهي سورة الإخلاص في شكل زخرفي بديع، وكذلك القنديلية، وهي شكل زخرفي بالخط العربي يحوي عبارة دعائية، وكذلك الأغطية الخضراء التي تغطي ضريح النبي محمد صلى الله عليه وسلم المبارك، بنفس الأشكال والعبارات الموجودة عليه.
وفي نهاية حديثة قال أحمد القصبجي، أنه يتمنى أن تنتشر مهنة التقصيب ويصبح لها ورش متخصصة تستفيد من خبرات الصناع المهرة الموجودين حاليًا، كي لا تندثر هذه المهنة وتظل متوارثة عبر التاريخ.