الحبيب الجفري: مؤتمرات الرئاسة للشباب "إصغاء" لتساؤلاتهم.. والإفتاء مؤسسة ناجحة (حوار)
"الأمية الدينية"
تجعل صاحبها عرضة للاختطاف الفكري
تهميش
الدين عن الحياة "خطر"
دار
الإفتاء مؤسسة ناجحة ولديها قدرة ذاتية على تطوير أدائها
مؤتمرات
الرئاسة للشباب إصغاء حقيقي لهم ولتساؤلاتهم
المرأة مضطهدة باسم الدين والعلمنة
إذا
غابت المحبة عن الإنسان أصبح التدين "منقوصًا"
كلما
كان الشباب قريبًا من الله لن يفكر في الانتحار
"الإنسانية
قبل «التدين»، فالمتدين بصدق يفهم الدين كما ينبغى، يأخذ الشرع بإخلاص طلبًا لرضوان
الله.. والمفتاح الحقيقي وراء كل سعي للإصلاح الاقتصادي والسياسي والثقافي أو في ميدان
بناء الإنسان، لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا أن يُبني على مفهوم المحبة".. رسائل يوجهها
الداعية الشيخ الحبيب علي الجفري في مشواره الدعوي، إذ يعد من أكثر الشخصيات
الإسلامية تأثيرًا.. لديه متابعون ومحبون من جميع البلدان الإسلامية، وقبول عند الكثيرين،
خاصة وأنه يتسم بخطابه السهل في توصيل معاني الدين الوسطي.
يقول
"الجفري" خلال حواره مع "الفجـر"، إن الجماعات المُتأسلمة تعمل
في أوربا وأمريكا منذ الخمسينيات، وذلك بدعم أجهزة غربية، ودعم من بعض المؤسسات التي
تستغل النزاعات الداخلية بين الدول العربية، مشيرًا إلى أننا أمام تراكم قارب الـسبعين عام، قام عليه أجيال، لذلك ينبغي
وضع رؤية في التعامل مع مستقبل هوية المسلم في الغرب، موضحًا أن المشكلة التي تؤدي
إلى الإسلاموفوبيا، جزء مما تفعله بعض المراكز من تعليم متطرف، أو توظيف سياسي داخلي،
أو تفاعل غير متزن مع ما يجري في منطقتنا.
نص الحوار
بداية.. هل ترى أنها مفتاح كل إصلاح نعيشه سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا، أم الانسانية
هي الحل؟
كما أن لكم برنامجًا وكتابًا بعنوان
"الإنسانية قبل التدين"؟
نعم،
المحبة هي الأصل في التعامل مع الله سبحانه وتعالى، وفي التعامل مع الحبيب صلى الله
عليه وآله وسلم، وفي التعامل مع الوالدين، وأهل البيت والأصدقاء وأخوة الإيمان والبشرية،
وحتى الكائنات التي تحيط بنا، والله سبحانه وتعالى يقول: "والذين آمنوا أشد حباً
لله"، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم
يقول: "ثلاثٌ من كُنّ فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما
سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف
في النار".
الإنسان
لا يستطيع أن يعيش حقائق المحبة، وأن يستقيم على مقتضى المحبة في محيطه مالم يكن إنسانًا
في داخله، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم تعامل بالمحبة مع المخلوقات وليس البشر وحدهم،
بل حتى الجماد فقال: "أحد جبلٌ يحبنا ونحبه"، وبادلته الكائنات المحبة حتى
حَنّ الجذع لفراقه صلى الله عليه وآله وسلم، حتى الدابة التي كان يركبها تأثرت بمحبته،
المحبة أساس إذا غاب أصبح التدين منقوصا، ومن ليس لديه محبة فليس لديه تذوق لمعاملته
مع الله.
قد يكون
هناك إحسان مع من يختلف معي في عقيدتي.. لكن كيف تكون المحبة؟
الأصل
في الإنسان نفخة الله سبحانه وتعالى {ونفخت فيه من روحي}، فإذا امتلأ القلب أولًا بحب
الله أحب من له صلة به جل جلاله، مفهوم الدعوة للمخالف في الاعتقاد قائم على محبة الخير
له، فلا أقول له أنت مخطيء وعليك أن تدخل الإسلام وكأنه قرار آلي، أو كأننا ندعوه لدخول
حزب أو منظمة، أساس الدعوة إلى الله هي المحبة، نحن نكره كفر الكافر وليس الكافر، ونكره
معصية العاصي وليس العاصي، نكره انحراف المنحرف وليس المنحرف
أصبح
الانتحار موضة بين الشباب، والكثير من الشباب حزين مكتئب ولا قدرة لديه على تقبل ظروف
صعبة حوله يعشيها من غلاء وغيره، بماذا تنصحه، هل الخلوة مع الله وحده تكفي؟
نسأل
الله أن يعين الشباب فليس الذي يعانونه بالهيّن، والذي ينظر إلى خالق الوجود بمحبة
سيبني أحلامه في الوجود على هذا الأساس، وعليه ستكون معاملاته مع متغيرات الحياة أو
مع ما يقابله مما لم يكن يتوقعه، سيتألم لكن ستكون له رؤية مختلفة غير الانتحار أو
اليأس، وسينظر إلى التحديات التي تقابله من زاوية أن هناك فرص في طَي التحديات، ولن
يستسلم أبدا لأن اعتماده على الله ورجاؤه فيه وليس على الظروف المتغيرة ولا فيها، ولا
شك أن العصر الذي نعيشه نمر فيه بالعديد من المُحبطات، لكن الذي ينغلق مع العصر سيُهزم
أمام العصر، والذي يعامل خالق العصر سيكون سببًا في تغييره إلى الأفضل، أعداد كبير
من الشباب محيطون بنا وُضعوا في ظروف صعبة، لكنهم كانوا قادرين على تجاوزها آملين من
الله الأجر، وإن لنا في الحبيب المصطفى أسوة وسلوة فقد عانى وتعِب، ومهما كابد الشباب
قهرًا في أمرٍ ما فصلتهم بالقهار عز وجل تقهر ذلك القهر، ولو مروًا بمراحل ضعف سيتجاوزونها.
هل ترى
أن هناك عدم سيطرة على المراكز الإسلامية في أمريكا وأوروبا من قبل المؤسسات الدينية،
وتتحكم فيها التنظيمات المتأسلمة، مما يوسع دائرة الإسلاموفوبيا هناك؟
الجماعات
المتأسلمة تعمل في أوربا وأمريكا منذ الخمسينيات، وتعمل بدعم أجهزة غربية، ودعم من
بعض المؤسسات التى تستغل النزاعات الداخلية بين الدول العربية، نحن أمام تراكم قارب الـسبعين سنة، قام عليه أجيال، لذلك ينبغي
وضع رؤية في التعامل مع مستقبل هوية المسلم في الغرب، المشكلة التي تؤدي إلى الإسلاموفوبيا
جزء مما تفعله بعض المراكز من تعليم متطرف، أو توظيف سياسي داخلي، أو تفاعل غير متزن
مع ما يجري في منطقتنا.
ولكن
رهاب الإسلام "الإسلاموفوبيا" يوجد أيضًا من يغذيه من اليمين المتطرف الذي
حاول استثماره سياسيًا للوصول إلى الحكم وقد حقق نجاحات في ذلك، واليمين المتطرف أحد
مفردات قيامه: تخويف الشعوب من انتشار الإسلام، وادعاء الخوف على الهوية الأوروبية
من الإسلام الخيل إلى درجة من التطرف المضحك.
فرهاب
الإسلام "الإسلاموفوبيا" خليط بين جزء نحن مسئولون عنه يتعلق بسوء التوجيه
في الكثير من المراكز الإسلامية من الجنوح إلى التطرف الشديد، وتدني مستوى المعيشة
عند أعداد من الجاليات المسلمة، والمعاملة العنصرية، مع الاستغلال السياسي من قبل اليمين
المتطرف، فهي خلطة صنعت رهاب الإسلام "الإسلاموفوبيا".
هل ترى أن المرأة في الشعوب العربية لم تأخذ حقها
حتى الآن ؟
المرأة مضطهدة باسم الدين تارة وباسم العلمانية تارة
أخرى، تضطهد في حقها بوصفها إنسانة مُكتملة الحقوق والأهلية، من خلال التدين المغلوط
الذي يجعل الرجل ينحرف عن مفهوم القوامة القائم على الرعاية والاهتمام والحماية إلى
معنى الامتلاك والانتقاص والتسلط الجائر، في المقابل، هناك أيضا أذى للمرأة يحصل بسبب
العلمانية اليوم من خلال تحويلها إلى سلعة.
بعض
البلدان الأوربية تعرض الفتاة في لوح زجاجي شبه عارية للاستمتاع الجنسي وكأنها سلعة، وذلك باسم الحرية وهي لو لم تكن محتاجة لظروف دفعتها
إلى ذلك لما وقفت هذه الوقفة، وتجدها خاضعة لعصابات الرقيق الأبيض، كما تحولت أيضًا
إلى وسيلة لترويج البضائع فمن يريد عمل بعض الإعلانات يعرض امرأة شبه عارية بجوار السيارة،
ويستخدم جسد المرأة الذي عراه باسم الحرية كوسيلة تسويق، هناك إهانة للمرأة لا نريد
الانتقال من الإهانة باسم الدين إلى الإهانة باسم الحرية.
لازالت
هناك فوضى في أمور الفتوى .. هل تعتبر بابًا من أبواب الإرهاب؟
دار
الإفتاء قائمة بنهضة قوية ولديها قدرة ذاتية على تطوير أدائها وجس نبض المتلقي وتحتاج
لوقفة أكبر من المجتمع لدعمها ، كما أن تقنين
الفتوى سيُجرم من يفتي بغير أهلية، ويقلص فوضى الفتوى.
وفضيلة
المفتي الشيخ شوقي علام أسس الأمانة العامة لدور الافتاء وهيئاته في العالم، وهى مؤسسة
عالمية ولبنة أسست لإحداث تنسيق بين دور الإفتاء في العالم.
هل لمؤسسة
طابة فروع في بلاد أخرى؟
نركز
على العمل نفسه، ويمكن للمؤسسة تكوين شراكات مع مؤسسات في الدول العربية والإسلامية، لكن المؤسسة حاليًا موجودة في أبوظبي والقاهرة،
والإصدرات مُتاحة للجميع في الموقع عبر الشبكة بالمجان.
هل ترى
أن المدرسة الصوفية هي الأنجح على الساحة الآن؟
التصوف
مدارس تربوية روحية، والحاجة إلى تزكية الأنفس ملحة، والأزهر الشريف سُني أشعري ماتريدي
في العقيدة، يعتمد المذاهب الأربعة في الفقه، معتمد للتصوف في السلوك والتربية، والتصوف
اليوم في حاجة إلى إعادة إحياء ونهضة وتصحيح مسار.
القيم
الأخلاقية والانتماء للوطن غائبة عند بعض الشباب؟ بم تنصحهم؟
يوجد
في الشباب من يحمل هم الوطن بصدق، ونحن بحاجة إلى تعزيز ذلك، والعقبات تتمثل في الفهم
الخاطئ لمعنى الوطنية الذي صُدِّر لبعض الشباب من قبل بعض الإسلاميين على أنها بديل
لمفهوم الأمة المسلمة، وتوافق هذا الطرح مع ما يطرحه بعض متطرفي العلمانية، ومفهوم
الوطن لا يناقض مفهوم وحدة الأمة المسلمة، بل هو صالح لأن يؤسس له.
وهناك
أسباب أخرى تتعلق باختلاف وجهات النظر بين الأجيال، ومدى القدرة على استيعاب الجنوح
والطموح.
الوطنية
كالبذرة التي تغرس وتسقى وتراعي فتثمر، وهو نتاج لعمل مشترك بين مختلف مؤسسات الدولة، وينبغي
عدم الوقوف عند الشعارات المجردة، بل الولوج إلى المعنى.
ومؤتمرات
الشباب الحالية والحوار الحقيقي والاستماع لهم والإنصات الذي نلاحظه هو جزء مهم من
معالجة الأمر، فالشباب إن لم تشعر بآلامهم، لن يأتمنوك على آمالهم.
ولكن
من أشرت إليهم في السؤال هم جزء من الشباب تُحترَم رؤيته، بينما هناك شرائح أخرى تجاوزت
هذا الأمر إلى ساحات بناء الوطن، فبذلوا الفكر والجهد والعرق، ويقوم على حمايتهم إخوة
لهم يبذلون الدماء سخية بها نفوسهم مُستشرفة إلى شرف الشهادة أرواحهم.