من الراديو إلى المسرح.. كيف تمكن ناجي شاكر من تجسيد أوبريت "الليلة الكبيرة" بالعرائس؟
رحل عن عالمنا فانطفأت أضواء المسرح، وأسدل الستار على "الليلة الكبيرة"، تلك الليلة التي دمعت فيها العرائس بعدما فقدت الأب الروحي لها، أحد أبرز رواد صناعة هذا الفن العريق، الذي ترك إرثًا فنيًا مليئا بالإنجازات التي حققها طوال مسيرته، فحفرت على جدران التاريخ، لتظل عالقة في أذهان كافة الأجيال.
وكان الفنان ناجي شاكر، قد وافته المنية يوم أمس السبت، عن عمر يناهز الـ86 عامًا بعد صراع طويل مع المرض.
ويعد السبب الرئيسي في شهرة "شاكر" الفنان التشكيلي ومصمم الدمى، هو أوبريت "الليلة الكبيرة" الذي ألفه الراحل صلاح جاهين، والذي كان ظهوره إلى النور وليد الصدفة.
بداية الفكرة
كانت البداية بعدما بدأت الإذاعة المصرية في إذاعة أغنية "الليلة الكبيرة" للمؤلف صلاح جاهين، وهو ما خلق رابطًا قويًا بينها وبين المستمعين، ومن بينهم كان الطالب بكلية الفنون الجميلة آنذاك، ناجي شاكر، والذي تعلق قلبه بها بصورة مميزة، دفعته بعد مرور عشر سنوات من ذلك أن يفكر في تحويلها إلى أوبريت عرائسي، في الوقت الذي لم يكن مسرح العرائيس بمصر، معروفًا بشكله الحالي، حيث كان يقتصر دوره على الفنون الشعبية التي تتمثل في خيال الظل والأراجوز.
رحلة الاهتمام بالعرائس
بدأ اهتمام ناجي شاكر، بمسرح العرائس، بعد مشاهدته لفيلم "حلم ليلة صيف"، والذي اقتبس عن أحد نصوص شكسبير، وهو ما حمسه لخوض تجربة العرائس عن قصة "عقلة الإصبع" كبداية لمشروع تخرجه من الجامعة.
كان "شاكر" يؤمن أن للدمى أسرار عظيمة وخبايا لايعرفها الجميع، فحضر عرضًا لعرائس تابعة لفرقة هندية بدار الأوبرا، والتي كانت تروي قصة الراحل "أنديرا غاندي"، وحينما لاحظ تأثير الدمية التي جسدت الشخصية أكثر من تأثير العنصر البشري على العرض؛ أدرك قدرة العرائس على جذب انتباه الكبار والصغار بدرجة كبيرة.
الانضمام إلى مسرح العرائس
بعد تأسيس الفرقة الأولى لمسرح العرائس بمصر عام 1958، تواصلت وزارة الثقافة مع "شاكر" للانضمام إلى فرقة تحت التأسيس وبإشراف مدربين رومانيين، مكونة من تسعة أعضاء فقط.
وقبل رحيل المشرفين، طلبوا منه أن ينتج عرضًا خاصًا ليشارك به في مهرجان "بوخاريست"، ومن هنا ولدت فكرة إحياء أوبريت "الليلة الكبيرة" بعرائس، وهو ما حمسه لطلب ذلك من صلاح جاهين، الذي أبدى حينها حماسه للفكرة الفنية المبتكرة، مبديًا شغفه بالمشاركة في تحريك العرائس.
"الليلة الكبيرة" تخرج إلى النور
بالرغم من القلق الذي أبداه "جاهين" من الفشل في تنفيذ الفكرة بالصورة التي ينتظرها الجمهور، إلا أنها حققت نجاحًا غير متوقعًا بعدما انتهى "شاكر" من إنتاج الأوبريت في غضون ثلاثة أشهر فقط، وبروفة واحدة سريعة فقط، ثم سافرت بعدها العرائس للمشاركة في المهرجان، وحققت شهرة واسعة بين المصريين على المسرح، ولاتزال الأجيال تتوارثها حتى اليوم.