مصطفى عمار يكتب: هل تقبل الدولة بعودة رجال الأعمال للإعلام المصري؟!

مقالات الرأي



سألنى أحد الأصدقاء المتضررين من سوء وضع الإعلام المصرى حالياً، هل هناك طريق للخلاص من الأزمة الطاحنة التى ضربت السوق الإعلامية وأدت إلى تسريح المئات بطريقة عشوائية وغير منضبطة؟! فى الحقيقة السؤال طرحه الصديق بعد مشاهدة الكليبات المثيرة التى خرج فيها الفنان تامر عبدالمنعم ليهاجم فيها المنتج ياسر سليم المتسبب حسب تأكيدات تامر فى غلق قناة العاصمة وتخفيض أكثر من 70% من العاملين بقنوات الحياة وأون، بالإضافة إلى عدم سداده لأجور العاملين قبل تسريحهم!

وفى الحقيقة سؤال صديقى كان يحمل هماً كبيراً، لأنه إحدى ضحايا إدارة ملف الإعلام من قبل الدولة، لأنه أحد العاملين الذين تم تسريحهم خلال الفترة السابقة، وانتهى به المطاف بعد الجلوس لأكثر من ثلاثة أشهر لتحويل سيارته لأوبر للعمل عليها، ليستطيع الإنفاق على أسرته وأولاده.

الأمر بالطبع محزن ومخز فى نفس الوقت، خصوصاً عندما تقابل صحفيين شباب ومعدين قرروا أن يفعلوا مثل صديقى، ويهجرون المهنة للعمل فى مطاعم وسائقين أملاً فى إيجاد دخل مناسب لهم، بعد أن تدنت الأجور فى مهنة الصحافة، وأغلقت الصحف المتبقية أبوابها فى وجه أى دفعات جديدة، وقررت أيضاً تخفيض عدد العاملين فيها للهروب من شبح الإفلاس والإغلاق!

كل هذه الظروف دفعتنى أن أكون صريحًا فى الإجابة على سؤال صديقى لأننى أكدت له أن حال الإعلام لن ينصلح فى مصر سوى بابتعاد الدولة نهائياً عن إداراته، وأن تعيد للمشهد من جديد رجال الأعمال ليستثمروا فيه من جديد، وقتها فقط من الممكن أن تنصلح أحوال الإعلام، لأن تدخل الدولة فى الحقيقة جعلها تحمل عبئًا لا طاقة لها به، فالدولة الآن أصبحت مسئولة مسئولية كاملة عن 90% من الصحف الحكومية والخاصة والقنوات الفضائية الخاصة ومحطات الراديو بمصر، وهو ما يعنى أن عليها التزامات مادية ضخمة مطلوبة بسدادها كل شهر، مع وجود أزمة كبيرة فى أن جميع الوسائل الإعلامية التى استحوذت عليها الدولة لا تحقق أى أرباح، وهو ما يجعل الدولة تنفق على مشروعات إعلامية لا تحقق أى عائد لديها.. وبالطبع حاول بعض المسئولين تقليل حجم الخسائر بطرح إغلاق بعض الوسائل الإعلامية وتسريح العمالة من البعض الآخر، لخفض التكلفة الشهرية، وفى الحقيقة كل ما تقوم به الدولة من قرارات ما هى إلا مسكنات، لن تصلح شيئًا من حالة الإعلام الحرجة، والتى ستكون نهايتها شبه كارثية على الدولة قبل العاملين بالمهنة، خصوصاً إذا ما قرر المشاهد المصرى الاعتماد على القنوات المعادية للدولة، للحصول على ما يرغبون فى سماعه ومشاهدته، خصوصاً بعد أن فقدوا الثقة فى الإعلام المصرى المتراجع بسبب وضع حفنة من الخطوط الحمراء لا يجرؤ أحد على تجاوزها.

وهو ما يجعل الدولة مطالبة برفع سقف الحرية وباب النقد البناء لتعود ثقة المشاهدين فى الإعلام المصرى من جديد.

وإذا قامت الدولة بتبنى هذين الحلين، ستتحرر من أعباء الإنفاق الضخم على وسائل الإعلام المختلفة التى أصبحت تابعة لها، وستمنح الفرصة لمستثمرين مصريين وعرب شرفاء من الاستثمار فى المجال الإعلامى وضخ رأس مال كبير يساعد على النهوض بالصناعة.

ولكن هل يستمع أحد لهذه المبادرة أملاً فى الحفاظ على قيمة الإعلام المصرى الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة، بينما نحن مهتمون بمتابعة كليبات تامر عبدالمنعم ضد ياسر سليم!

قاطعنى صديقى وقال لى بالنص «كلامك ده معناه إنى لازم أحافظ على مهنتى الحالية كسائق بأوبر» واستأذن فى الانصراف ليواصل توصيل زبائنه أملاً فى العودة لأسرته ليلاً بالمصروفات اللازمة لهم!