خبراء يُجيبون.. هل تجديد الخطاب الديني الحالي سبب انتشار الإلحاد؟
عقب اتهام البعض بأن الخطاب الديني الحالي سبب انتشار الإلحاد بين الشباب، والمناداة بتجديده بشكل سريع، أثيرت تساؤلات عدة بالشارع المصري، مفادها هل الخطاب الديني بشكله الأخير السبب خلف انتشار ظاهرة الإلحاد بين الشباب وفئات المجتمع.
وهو ما استنكره بعض المراقبين، مؤكدين أن الأزهر يسير بخطى سريعة نحو التجديد، فيما رأى آخرون أن المناداةبتجديد الخطاب الديني حسب فكر ومنظور معين هو سبب انتشار هذه الظاهرة، كما يرجع انتشارها أيضًا للجماعات المتأسلمة، التي أعطت صورة مغلوطة عند الشباب وبعض فئات المجتمع، إنما الخطاب الديني برىء من ذلك، بدليل أن نسبة الإلحاد ضئيلة بالمجتمع.
ورأى بعض نواب مجلس الشعب أن مؤسسة الأزهر بفكرها الحالي، غير قادرة على قيادة التوجه نحو تجديد الخطاب الديني، الذي أكد أنه البب في انتشار الإلحاد.
الخطاب الديني، هو خطابٌ يستند إلى مصادر التشريع الإسلامي؛ وهي القرآن الكريم، والسنة النبويّة، ومصادر التشريع الإسلامية الأخرى، سواءً كان هذا الخطاب صادراً من جهة إسلامية، أو مؤسسة دعوية رسمية، أو غير رسمية، أو أفراد جمعهم الاستناد إلى الدين الإسلامي وأصوله كمصدر لأطروحاتهم.
ويتميّز الخطاب الدينيّ بالتجديد ضمن إطار عقيدة الإسلام، ويرتبط مضمونه بما يحتاجه المسلمون، ويكون المقصد منه هو حل ومعالجة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر، ويسعى لنشر الدين الإسلامي عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً ومعاملات، لغايات تعليم الناس كل ما هو نافع لهم في الدنيا والآخرة، وبذل كل الجهود في سبيل خدمة هذا الدين؛ امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى، وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام.
الجماعات المتأسلمة وعدم مواكبة الحداثة سبب الإلحاد
قال محمد البسطويسي، نقيب الأئمة والدعاة بوزارة الأوقاف، إن سبب انتشار ظاهرة "الإلحاد" يرجع للجماعات المتأسلمه، التي أعطت صورة مغلوطة عند الشباب وبعض فئات المجتمع، إنما الخطاب الديني برىء من ذلك، بدليل أن نسبة الإلحاد ضئيلة بالمجتمع.
وأضاف "البسطويسي"، في تصريح لـ"الفجر"، أن الخطاب الديني حاليًا بحاجة لمواكبة الحداثة، وهو ما تعمل عليه جميع المؤسسات الدينية في الوقت الراهن بقدر استطاعتها، ولكن"الدواء لا يأتي بالشفاء على السرعة"، موضحًا أن المناهج التي وضعت من قبل علماء الأزهر الشريف بحاجة لاجتهادات حاليًا.
وتابع نقيب الأئمة والدعاة بوزارة الأوقاف، أنه يجب مخاطبة الشباب بطريقة تفكيره محاليًا بالحجة والدليل، ومتابعة الدعاة بالنظريات الحديثة العلمية وغيرها، كي تقوى حجته في مناقشة الشباب المطلع على العالم، مستنكرًا تحليل البعض واجتهادتهم في نسب الإلحاد إلى الخطاب الديني.
وتحتل مصر المرتبة رقم 13 من بين أكثر الدول المتضررة من العمليات الإرهابية على مستوى العالم، حسب تقارير لمعاهد بحثية دولية متخصصة، بينما نقل مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصريةعن مركز "ريد سي" التابع لمعهد "جلوبال"، أن مصر هي الأعلى عربيا في نسب الإلحاد، حيث إن بها 866 ملحدا، بينما في ليبيا ليس بها سوى 34 ملحدا، أما السودان ففيه 70 ملحدا فقط، واليمن فيه 32 ملحدا، وفي تونس 320 ملحدا وفي سوريا 56 ملحدًا وفي العراق 242 ملحدًا وفي السعودية 178 ملحدا وفي الأردن 170 ملحدا وفي المغرب 325 ملحدا.
الدعاة ليس لديهم دراية بالمتغيرات
في سياق متصل قال الدكتور حسين عبدالمجيد، وكيل كلية شريعة وقانون بأسيوط، ورئيس قسم الفقة المقارن، الخطاب الديني ما زال قديما، والدعاة لا تستطيع مسيرة العصر الحالي، وأن أغلب الدعاة ليس لديهم دراية بالمتغيرات، ومدركين فقط كل الدين ثوابت، واعتادوا على خطابة محددة، وفكر معين.
وأضاف "عبد المجيد"، في تصريح لـ"الفجر"، أن لابد من دوارات تدربية لفهم الثوابت وكيفية الاجتهاد، وذلك من قبل بعض العلماء المطلعين على حداثة العلم، لأن عدم اقتناع كثيرين بالتجديد وتصورهم أنها دعوة غربية لهدم الإسلام يعد من موانع من العقبات القوية التي تواجه التجديد.
وأرجع وكيل كلية شريعة وقانون بأسيوط ،ورئيس قسم الفقة المقارن، لجوء بعض الشباب للفكر الإلحادي، لأن البعض يأخذ معلوماته من بعض المتشددين، دون النظر لفروق الزمن، والفكر، فضلاَ عن أنه لا يوجد قاعدة في التربية والأساس التي تعود على الأسرة، مردفًا ان كل هذه الأسباب سهلت على البعض اللعب في عقول الشباب.
تجديد الخطاب الديني مستمر منذ دعوة الرئيس
وقال محمود عبد الخالق، الاستاذ بالازهر الشريف والداعية بوزارة الاوقاف، إن تجديد الخطاب الديني مستمر منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأزهر مستمر في مواكبة كل ماهو جديد وما يفيد الدعوة في التيسير واظهار صورة الإسلام السامحة، أما من يطالب بتجديد معين أو بطريقة معينه حسب الأهواء فهذا إحلال-بحسب قوله-.
وأضاف"عبد الخالق"، في تصريح لـ"الفجر"، أن خطوات وحضور تجديد الخطاب الديني، سريعه وواضحة، وأن علاقة انتشار ظاهرة الإلحاد لها علاقة بمثل هذه الدعوات التي يطالبها البعض حسب منظور وفكر معين، موضحًا أن كلما الأزهر يظهر عالميًا يظهر بعض المنادين بالأفكار الأخرى، وهو ما يساعد على تشتيت الشباب وعدم اتزانهم، ويكونوا في حيرة من أمرهم.
من جانبه أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خلال لقائه ببرنامج "90 دقيقة"، المُذاع على قناة "المحور"، أن خروج بعض الدعاة من المساجد وهروبهم للإنترنت لنشر فكرهم المتطرف يجب أن يواجه بنفس الفكر، لافتا إلى أن الوزارة لديها خطة للتوسع والانطلاق على الإنترنت وسيكون هناك مجموعة علمية متخصصة في الدعوة الإلكترونية.