صلاة الحميم "الطشت".. عادات فرعونية ورثها الأقباط (فيديو)
بغض النظر عن الموروثات الشعبية لهذا الطقس من أن الفراعنة اعتادوا حميم الطفل في ماء النيل لتقديسه بها وليباركه الإله "حابي" إله النيل، وكذلك لتطهيره من الأرواح الشريرة وما كان يرافق ذلك من طقوس وثنية، فإن الكنيسة بفكر مختلف تمارس هذا الطقس بوعي روحي وعقائدي رائع، فهي ما أن تسمع بولادة إنسان في العالم حتى تسرع لتهنئ وتشارك الأسرة في ذلك "وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الرب عظم رحمته لها ففرحوا معها" (لوقا 1: 58) ومن ثم تدعوهم لكي يولد الطفل ابنا للمسيح من خلال جرن المعمودية (الأم التي ولدت الكل للمسيح) ولذلك فإن الفصل المختار من رسائل القديس بولس يتحدث عن الأولاد الحقيقيين للمسيح باعتبار أن الولادة الجسدية غير كافية، ومن هنا تفتح بوابة "الفجر"، هذا الملف لتنقل لقارئها هذا التقرير.
يقول الأنبا مكاريوس أسقف المنيا، تظهر الكنيسة في حياة الشخص قبل أن يولد داخلها وتبدأ علاقتها به قبل أن تبدأ علاقته هو بها، كما أن الكنيسة تؤكد بهذا الطقس أيضاً اهتمامها بالبعد الاجتماعي لأولادها فهي غير منفصلة عن كافة مناسباتهم واهتماماتهم "فرحًا مع الفرحين وبكاءٍ مع الباكين" (رومية 12 : 15) أمّا أجمل أركان هذا الطقس فهو ربط المولود الجديد بالمسيح المولود أزليا من ألآب، فيرد في المردّ الذي بعد الإنجيل: "لأن غير المتجسد تجسد والكلمة تجسّم، وغير المبتدئ ابتدأ وغير الزمني صار زمنياً" مما يعني أن المولود الجديد هو خليقة جديدة في المسيح، والذي ولد في ملء الزمان في بيت لحم وُلفّ بالأقماط مثل المولود أمامنا الآن.
وأضاف أن في صلاة الحميم يتم قرأة في بعض الأوقات البولس من (عبرانيين 1: 5-12) والذي يتحدث عن ولادة المسيح الأزلية "لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك وأيضا أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا" كما كان الانجيل يقرأ من (يوحنا 1) والذي يتحدث عن ولادة المسيح الأزلية وكيف أعطى الله الذين قبلوه سلطانا أن يصيروا أولادا له.
وتابع : أمّا مزمور الإنجيل فهو مختار ببراعة فائقة حيث كانت كل والدة في العهد القديم تتمنى أن يكون المسيح من نسلها وأن يكون مجيئه قد اقترب "يا جالسا على الكاروبيم أشرق قدام افرايم وبنيامين ومنسى أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا يا الله أرجعنا وأنر بوجهك فنخلص" (مزمور 80: 1-3) ،وفي نسخ أخرى اختير (المزمور 122) والذي يتحدث عن الرجل المتقي الرب والذي في وصايا الرب مسرته فإن جيله (نسله) سيبارك، مشيرا إلى ان الأم بالسيدة العذراء حيث يقال لها لحن "هذه المجمرة.. وعنبرها مخلصنا .. ولدته وخلّصنا".
وأمّا عن طست أي (طشت) الماء والشموع السبعة والملح والزيت اللذين يوضعا فيه، فإن ذلك إشارة إلى المعمودية القديمة والتي كانت تطهيرية في وظيفتها والتي كانت تمهّد لمعمودية المسيح بالماء والروح، وبالتالي يرمز الزيت إلى المسحة القديمة، وأمّا الملح فهو مرتبط بطقوس التطهير القديمة ايضا، وان كان البعض يرى فيه أمنية أن يصبح المولود الجديد ملحاً للأرض (كما طلب إلينا السيد المسيج).
ويضيف القس بولس نظير، كاهن كنيسة العذراء مريم والانبا انطونيوس بابوشوشة ، شمال نجع حمادي، أن صلاة الحميم تكون بمثابة بديل للختان والذي لم يعد له مدلول روحي أو أهمية بعد معمودية العهد الجديد، ولذلك فإن الاسم المسيحي كان يعطي للمولود عند اجراء طقس الحميم، مثلما كان المولود اليهودي يعطى الاسم عند الختان "وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا فاجابت امه وقالت لا بل يسمى يوحنا فقالوا لها ليس احد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم ثم أوماوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمى فطلب لوحا وكتب قائلا اسمه يوحنا فتعجب الجميع" (لوقا 1: 59-63)، أمّا عن اختيار اليوم السابع وليس الثامن كما في الختان فهو ببساطة شديدة تمهيدا للمعمودية وهي الولادة الجديدة المشار إليها باليوم الثامن وإلاّ فإذا أتممنا الحميم في اليوم الثامن (والذي يشير إلى الحياة الجديدة) فماذا يتبقى للمعمودية.
ويقول القمص سيرافيم وديع كاهن كنيسة الملاك ووكيل مطرانية المنصورة ، إن صلاة الحميم هـى طقس موجود فــي كنيستنا القبطية وكثيرون لا يعـرفـون قيمته الـروحيـــــة واللاهوتية وهى تعتبر بشكل أساســـي تهيئـــة وإعداد للطفل قبل دخوله إلى ســــر المعموديــة المقدس ففي هذه الصلاة يبدأ الطفل فــي التعرف على الكنيسة وبواسطتها أيضاً يــأخـــذ اسمــــه الذي سيرتبط به طول حياته ومن خلالها تصلى الكنيسة من أجله طالبة له البركة والحصول على الولادة الجديدة بالمعمودية في الوقت الذي سيرتبه الله.
وفي نفس السياق، قال الراهب القمص بطرس الأنبا بولا، إن صلاة الطشت أو صلاة الحميم هي صلاة يصليها الكاهن في اليوم السابع من ولادة الطفل في منزله، حيث يقوم الكاهن بعد نهاية الصلاة بحموم (تسبيح) المولود بالماء ،مؤكداً أن الغرض من هذه الصلاة هي تهنئة الكنيسة ممثلة فى الأب الكاهن بالمولود الجديد ، وان تبارك الكنيسة الأسرة على هذا المولود الجديد واخذ بركة الصلاة لكل الحاضرين والتنبيه على الوالدين بسرعة عماد الطفل فى الوقت المناسب مشيراً الي ان المولود الذكر يتعمد بعد40 يوم والمولود الأنثى بعد 80يوم وتحذيرهم من التأخير فى العماد لكى يصبح المولود ضمن جماعة الكنيسة ، مضيفا ان مشاركة الأب الكاهن فى اختيار اسم المولود ويفضل طبعاً أن يكون من أسماء القديسين إذا كان المولود ذكرا أو من أسماء القديسات إذا كان المواد أنثى لعل هذا المولود يتشبه بذلك القديس المُسمى على اسمه أو يصير شفيع له.