طارق الشناوي يكتب: "تملّي في قلبي يا حبيبي.."

الفجر الفني

بوابة الفجر


هل من الممكن أن يقلد أحد صوت محمد فوزى؟ لم يكن فوزى بمقياس العلم هو صاحب الصوت الأقوى أو الأكثر اكتمالا أو عذوبة، إلا أنه كان روحا تحلق وليس صوتا يغنى، ولا يمكن لأحد أن يقلد الروح، فهو صوت ونغم من السماء، يعجز الجميع عن الوصول إليه.

اليوم يكمل فوزى 100 عام من العمر، لم يعش على هذه الأرض سوى 48 عاما، ليترك لنا كل هذا الرصيد المتنوع والغزير ومتعدد المذاق.. وأهم من كل ذلك المتجدد دوما.

محمد فوزى خفيف الدم فى الألحان وأيضا فى الحياة، وعندما سألوه أن يُطلق على بعض المطربات أنواعا من الفاكهة، لم يستغرق وقتا طويلا، فأجابهم شادية «كريز» وهدى سلطان «تين»، ونجاة «فراولة» وصباح «كمثرى»، وليلى مراد «برقوق»، وعندما أتأمل ألحان محمد فوزى العاطفية «تملّى فى قلبى»، والشعبية «مال القمر ماله»، والأطفال «ماما زمنها جاية»، والدينية «لبيك إن الحمد لك»، والوطنية «بلدى أحببتك يا بلدى»، والبدوية «ويلك ويلك»، وأسأل نفسى من هو فوزى بمقياس الفواكه؟ أكتشف أن موسيقاه هى إبداع سحرى لأحلى فاكهة فى الدنيا وفى الجنة!!.

عندما اشتد عليه المرض وشعر باقتراب ساعة الرحيل، كتب مودعا مصر وأطفالها الذين أحبهم، استيقظ الطفل فى أعماقه ليودع كل الأطفال، عندما شيعت جنازته كانت الجماهير تتسابق على حمل النعش، فهو قريب ونسيب وحبيب كل المصريين، كأن الناس جميعا تودع جزءا عزيزا من وجدانها.

هل حقاً تباعدت المسافة بيننا وبينه، أم ضاقت؟.. فوزى يزحف دائماً إلينا ونحن أيضا نزحف إليه، أغانيه صارت هى أغانى هذا الزمن، إيقاعه هو إيقاعنا.. كلما ازدادت سنوات غيابه ازداد حضوره!!.

يتيح لنا العمل بالصحافة أن نلتقى عمالقة الإبداع، شاهدت واقتربت من الكثيرين، واحد فقط تمنيت أن ألتقيه- ومع الأسف- عندما بدأت مشوارى فى الصحافة كان قد رحل عن عالمنا قبلها بأكثر من عشر سنوات، ورغم ذلك فإن أفلامه الـ «35» تشعرك بأنها تحتفظ بمحمد فوزى الإنسان، وليست الشخصية الدرامية التى نراها على الشاشة، بل هو فوزى كما عرفه كل من عاصروه، أكدوا أن خفة دم فوزى فى السينما التى نتابعها فى أفلام مثل «ورد الغرام» مع ليلى مراد، و«دايماً معاك» مع فاتن حمامة و«العقل فى أجازة» مع شادية هى نفسها خفة دمه فى الحياة.

ألحان محمد فوزى سابقة عصرها، رَأْى الكل يردده مخضرمون وغير مخضرمين، متخصصون أو مجرد سميعة، إلا أن الدلالة المؤكدة على صدق هذا الرأى هى أن مؤشر الأداء العلنى الذى تحققه أغنيات فوزى فى ارتفاع مستمر. العديد من مطربى هذه الأيام يرددون ألحانه، بل بعض مطربى جيله مثل محمد رشدى حرص على أن يغنى عددا من أغنياته، وهو ما فعلته أيضاً شقيقته هدى سلطان، تكتشف أن صوت فوزى من المستحيل أن يستعيده سوى فوزى، حتى لو كان من يغنى له هو شقيقته هدى سلطان، ولكن الألحان مباحة للجميع، وكلٌّ على قدر استيعاب كل مطرب لومضاتها.

مثل كل الموسيقيين، تفرض عليهم مواهبهم وتحركهم وتدفعهم إذا كانوا من أهل القرى للنزوح للقاهرة، وكأنها النداهة التى تتملكهم، وهكذا جاء «محمد فوزى عبدالعال حسن الحو» إلى القاهرة قادماً من طنطا، وكالعادة التحق بأشهر صالة غنائية معروفة فى ذلك الزمن (بديعة مصابنى)، نتحدث عن نهاية الثلاثينيات، قال لى الموسيقار محمود الشريف، الذى كان يسبق محمد فوزى فى العمر 6 سنوات- ( فوزى مواليد 1918 والشريف 1912)- قال لى الشريف إنه بتكليف من السيدة بديعة مصابنى لحن أوبريت باسم «قلم المرور» غنى فوزى فيه بصوته جزءاً صغيراً، وبعد ذلك انطلق فوزى ملحناً ومطرباً بعيداً عن صالة بديعة!!.

يوسف وهبى هو محطة الانطلاق الرئيسة لمحمد فوزى إلى عالم السينما عندما اختاره بطلاً فى فيلمه «سيف الجلاد»، وكان عُمر فوزى وقتها 26 عاماً، وبدأت رحلته مع الفن مطرباً وملحناً وممثلاً ومنتجاً، وكان قبل كل ذلك مغامراً، فهو من أوائل الذين قاموا بتلوين أفلامهم، ومن أوائل الذين جددوا تقنية التسجيل فى مصر، واستورد أعلى وأرقى الآلات حتى تُطبع فى بلدنا، وبعد ذلك يأتى التأميم فى مطلع الستينيات ليتحول من صاحب شركة أسطوانات إلى مدير شركة، بعد أن أصبحت تابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون الآن، وتحمل حاليا اسم «صوت القاهرة» ترجمة لـ( كايرو فون)، بل منحوه كنوع من النكاية العنيفة وغير المبررة غرفة كانت أصلا مكانا لمن يقدم له الشاى والقهوة.

تردد أن هذا هو ما أدى لإصابته بمرض غامض أطلقوا عليه وقتها اسم مرض محمد فوزى، أحاله إلى هيكل عظمى، أغلب الظن أنه نوع نادر وقاس من السرطان!!.

فوزى أول من لحن «المسحراتى» قبل الشيخ سيد مكاوى، أول من قدم ألحاناً للأطفال، أول من قدم لحناً بلا آلات موسيقية، وهو لحنٌ كثيراً ما تقدمه الإذاعة المصرية باسم «كلمنى طمنى» كتبه حسين السيد، حيث إن الكورال يلعب دور الآلات الموسيقية، وكثيراً ما نستمع إلى حكايات يخاصمها المنطق حول أسباب لجوء محمد فوزى إلى تقديم اللحن بهذا الأسلوب المبتكر، ولأن البعض يرى دائماً فى العبقريات قدرة استثنائية، وفوزى كان من هؤلاء العباقرة، فإنهم روجوا لقصة خيالية، مفادها أن فوزى ذهب للاستديو فلم يعثر على الفرقة، فقرر إنقاذ الموقف بالاستغناء عن الفرقة، وفى رواية أخرى ساومته الفرقة على الثمن فشعر بالتحدى يفرض نفسه، وهو إنسان عنيد لا يرضى بالهزيمة.. وهكذا على الفور استعان بالكورال والكورس لترديد اللوازم الموسيقية، حكايات إيجابية جدا تؤكد عبقرية فوزى، ولكنها لا تعبر عن الحقيقة.

اللحن عندما تستمع إليه يُكذّب كل ذلك، أولاً الكورس منضبط جداً فى الأداء، وهذا يعنى أن هناك العديد من البروفات تم إجراؤها قبل التسجيل، وأيضاً فإن الأداء البشرى لصوت الآلات لا يبدو بديلاً عنها، بل هكذا كتب فوزى اللحن ليصبح البشر هم الآلة، هناك الكمان والفلوت والتشيللو، فلن تستطيع الآلات أن تضيف شيئاً للأنغام أكثر مما تفعله الأصوات البشرية، هذا هو المنطق الفنى الذى كان يحكم طبيعة هذا اللحن، إنه مغامرة حسبها فوزى بدقة وبإحساس فنى لا يعرف سوى الجنوح فى الخيال وتلك هى حقا العبقرية!!.

محمد فوزى جاء فى نقطة فارقة جداً على الخريطة الفنية فى مصر كان قد سبقه جيل العمالقة زكريا والقصبجى وعبدالوهاب والسنباطى، وبعدهم بسنوات قليلة ظهر محمود الشريف وأحمد صدقى ويلحقهما محمد فوزى، وبعد ذلك بنحو 5 سنوات، بدأنا نتعرف على ألحان الموجى والطويل ثم بليغ.. ورغم ذلك فإن الثلاثة ملحنين الذين شكلوا علامة موسيقية محورية يعترفون دائماً بأستاذية محمد فوزى، وأنه فتح أمامهم نوافذ الإبداع.

حكى لى الموسيقار كمال الطويل مثلاً كيف استقبل محمد فوزى لحنه «على قد الشوق اللى فى عيونى يا جميل سلم»، كان فوزى تربطه صداقة بعبدالوهاب، وقال له فوزى إنه يريد أن يسمعه لحنا جديدا لملحن بدأ الطريق واسمه كمال الطويل، ورحب عبدالوهاب بالفكرة، وجاء فوزى ومعه الطويل وأيضاً موزع الأغنية على إسماعيل، واستمع عبدالوهاب إلى التسجيل بصوت عبدالحليم حافظ مثنى وثلاثا ورباعا، وكان تعليقه الوحيد على اللحن إنه «يعنى»، وهذه الكلمة «يعنى» تعنى فى الثقافة المصرية أنه أقل بكثير من المتوقع.

شعر بعدها الطويل أن لحنه لم يرض أستاذه، وبالتالى لا يجوز أن يقدمه للجمهور، وبعد أن استأذن الثلاثة فى الانصراف، وهم فى (الأسانسير) قال محمد فوزى لكمال الطويل: «لحنك رائع يا كمال، وحيكسر الدنيا، قدمه كما هو للناس إوعى تغير أى جملة موسيقية»، وأخذ الطويل بنصيحة فوزى وقدم اللحن كما هو، وبالفعل كتب اللحن شهادة ميلاد ثلاثية الأبعاد لكل من الطويل ملحناً، وعلى إسماعيل موزعاً، وعبدالحليم مطرباً، وكان النجاح مدوياً كما توقع له فوزى.

رواية أخرى حكاها لى محمد الموجى، كان فوزى من أشد المعجبين بصوت فايزة أحمد وأحبها كثيراً فى ألحان الموجى التى شهدت بدايات فايزة مثل «يامه القمر ع الباب»، «أنا قلبى إليك ميال». واستأذن فوزى من الموجى فى طبع الأسطوانات فى شركته، ووافق، وحققت الأسطوانات أعلى الإيرادات لفوزى، واتصل بالموجى وقال له: «أنا مش عارف أعد الفلوس اللى حققتها الأسطوانات بسبب ألحانك»، وطلب منه أن يأخذ جزءا منها.. لكن الموجى شكره ورفض.. وبعد ذلك أنتج فوزى فيلم «ليلى بنت الشاطئ» عام 1959، وهو بالمناسبة آخر أفلامه التى أنتجتها شركته، وشارك فوزى فى بطولتها أمام فايزة أحمد، وكانت المفاجأة التى لم تحدث من قبل، أن فوزى يطلب من الموجى أن يضع ألحان الفيلم بجواره، ولم يسبق مثلاً أن استعان عبدالوهاب بملحن آخر فى أفلامه، بل إن مشروع لقائه مع أم كلثوم سينمائياً توقف بسبب أن أم كلثوم اقترحت على عبدالوهاب أن يشاركه فى التلحين لها رياض السنباطى وزكريا أحمد ومحمد القصبجى، وكان شرط عبدالوهاب لكى يوافق على مشروع الفيلم السينمائى الذى تبناه (طلعت حرب) من خلال استوديو مصر أن ينفرد هو فقط بالتلحين، وأجهضت فكرة الفيلم التاريخى لفيلم يجمع على الشاشة العملاقين أم كلثوم وعبدالوهاب، والحقيقة أنه لا أحد وافق من قبل - خاصة من كبار الملحنين - على أن يشاركهم أحد فى التلحين، لم يفعلها مثلاً فريد الأطرش خلال 33 فيلماً لعب بطولتها ولا عبدالعزيز محمود 25 فيلماً، ولكن فوزى لم يكن لديه إحساس بصراع مع الجيل التالى له، باعتبارهم أعداء يريدون القضاء عليه، بل كان دائماً يشعر أن النجاح يستوعب الجميع، وأن حديقة الغناء تتزين بكل الورود، وهكذا لحن الموجى لفايزة فى هذا الفيلم أغنيتى «يا الاسمرانى» و«ليه يا قلبى ليه».. أكثر من ذلك، موسيقى تترات الفيلم أخذها فوزى من موسيقى محمد الموجى، رغم أنه فى هذا الفيلم كانت لديه ألحان ناجحة جداً مثل «الشوق.. الشوق الشوق» و«أى والله.. أى والله»!!.

مع بليغ حمدى كانت لديه أكثر من حكاية تؤكد إلى أى مدى كان فوزى فناناً وإنساناً استثنائياً، مثلاً أنتج لبليغ حمدى أول ألحانه لفايزة التى كتبها عبدالوهاب محمد، وهى «ما تحبنيش بالشكل ده / وتغِير كتير من ده وده»، وبعد ذلك قدمه لأم كلثوم فى أول لحن له كتبه أيضاً عبدالوهاب محمد وهو «حب إيه اللى انت جاى تقول عليه».. استمعت أم كلثوم لأول مرة إلى بليغ فى بيت فوزى، وأعجبها اللحن، ومن بعدها طلبت منه أن يأتى إليها فى فيلتها للاستماع إلى «حب إيه»، وبعد ذلك جاء اللقاء مع أغنية «أنساك، ده كلام، أنساك يا سلام» التى كتبها مأمون الشناوى، كان الشيخ زكريا أحمد قد عاد للتصالح مع أم كلثوم بعد طول جفاء، حيث غنت له «هو صحيح الهوى غلاب» التى كتبها بيرم التونسى، واتفقا على أن اللقاء الثانى بينهما مع كلمات مأمون الشناوى «أنساك ده كلام»، إلا أن الشيخ زكريا أحمد وافته المنية قبل أن يبدأ فى التلحين، ورشح مأمون الشناوى الشيخ سيد مكاوى لوضع اللحن، على اعتبار أنه من تلاميذ الشيخ زكريا أحمد، إلا أن أم كلثوم لم ترق لها محاولات سيد مكاوى اللحنية، وعلى الفور اتصلت بمحمد فوزى، وبدأ فوزى فى وضع بناء اللحن، واستعجلته أم كلثوم لاستكماله، لكنه كان يريد بعض الوقت.. وحسماً للموقف، رشح لها بليغ حمدى بدلاً منه، وقدم بليغ حمدى «أنساك» فى ثانى لقاء له مع أم كلثوم بعد «حب إيه»، وقال لى مؤلف الأغنية الشاعر مأمون الشناوى إن مقدمة اللحن والمقطع الأول بالضبط كما لحنهما محمد فوزى، وإن بليغ اكمل ما بدأه فوزى، أشعر أن رواية مأمون هى الأصدق والأقرب إلى المنطق وإلى إحساسى الموسيقى.

فى حياة فوزى ألحان مثل «مصطفى يا مصطفى» الذى غناه بوب عزام، هذا اللحن حقق ملايين الجنيهات.. لا تزال جمعية المؤلفين والملحنين تحتفظ بها، بمجرد ظهور لحن «مصطفى يا مصطفى» فى نهاية الخمسينيات، أقام محمد الكحلاوى دعوى أكد فيها أن هذا اللحن مأخوذ من لحن بدوى قديم له باسم «فضلك يا سايج المطر/ تشكر يا سايج المطر»، ولم يتم حسم القضية حتى الآن، رحل فوزى عام 66 ثم الكحلاوى 1981 والملايين التى حققتها الأغنية مقابل الأداء العلنى تتراكم فى جمعية المؤلفين والملحنين، ولكن القضاء لم يحسم لمن تؤول الأموال، وبعد رحيل فوزى، ورغم ما كان بينهما من تراشق صحفى وقضائى وشخصى، فإن محمد الكحلاوى هو الذى أقام صلاة الجنازة على جثمان محمد فوزى.

كان فوزى أول من التفت إلى صوت شادية وقدمها فى أول فيلم لها «العقل فى أجازة» إخراج حلمى رفلة، وغنت من تلحينه «هويته هويته هويته ولقيته لقيته لقيته»، منحها مذاقها الفنى الخاص بالألحان الخفيفة.

من المواقف المسكوت عنها فى مشوار فوزى أنه اضطر للتلحين من الباطن لمحمد عبدالوهاب، أغنية ليلى مراد «حيرانة فى دنيا الغرام»، وقال لى ابنه المهندس نبيل إنه لم ينم ليلتها لإحساسه أنه باع لحنا، ولم يكررها بعد ذلك أبداً، وكلما استمع إلى اللحن كان يبكى وكأنه يرى ابنا له لكنه لا يستطيع أن يعلن شرعية أبوته!!.

لماذا لم يغن عبدالحليم حافظ من تلحين فوزى رغم ما يجمعهما من صداقة وحب؟!.. سؤال توجهت به إلى كمال الطويل ومحمد الموجى.. الطويل قال لى إن فوزى يقدم ألحاناً خفيفة تقترب مما يقدمه الملحن منير مراد لعبد الحليم، ولهذا كان حليم يكتفى بمذاق واحد، الموجى كانت لديه قناعة أخرى، وهى أن فوزى عندما يلحن تستمع إلى صوته وهو يغنى ولديه طغيان فى الأداء، وكان عبدالحليم يدرك ذلك ويعرف أيضاً أن لديه منهجا مغايرا فى الأداء عن فوزى، ولهذا لم يلتقيا.

لم يطلب فوزى أن يلحن لعبدالحليم، والبدهى أن عبدالحليم هو الذى يطلب من فوزى، إلا أنه لم يفعلها. فى الحقيقة لم أقتنع بإجابتى الموجى والطويل، ولدى إجابة ثالثة أحتفظ بها لنفسى مؤقتا!!.

أبدع فوزى فى كل الألوان، فنحن مثلاً عندما نشعر بأى خطر يواجه بلدنا نلجأ إلى أغنية «بلدى أحببتك يا بلدى»، التى كتبها مرسى جميل عزيز، وعندما نريد مداعبة طفل نغنى له «ماما زمانها جاية» لحسين السيد، وعندما نشعر بالافتقاد نغنى من ألحانه التى قدمها للمطربة نازك «كل دقة فى قلبى بتسلم عليك» لمحمد على أحمد، وعندما يستبد بنا الحنين للأجواء الشعبية لا نجد غير أغنية طلب «ساكن فى حى السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين» تأليف زين العابدين عبدالله التى لحنها فوزى، وعندما نسعد بالدنيا وهى تضحك لنا نغنى من كلمات بيرم التونسى «يا سلام يا سلام ع الوداد بعد الخصام»، وعندما نشعر بإحساس جارف تجاه النساء نردد «آه من الستات آه يا جمالهم» لمأمون الشناوى، أما أنا فإن لدى أغنية مفضلة أخرى كتبها عبد الفتاح مصطفى ورددها فوزى «تملى فى قلبى يا حبيبى».. هذه هى الأغنية الترمومتر بالنسبة لى لتحديد علاقتى بالأشخاص، من فرط الصدق الذى أستشعره فى كلماتها وبنائها اللحنى وفى أدائها أيضاً، فأنا أتعرف على روح البشر الذين أتعامل معهم من خلال «تملى فى قلبى».

إذا سألت أحدهم عن رأيه فى «تملى فى قلبى» وقال لى نعم إنها أغنية حلوة ولم أشعر بحماسه الزائد وهو يؤكد حلاوتها وتفردها، أتشكك فى ذوقه، ولكن من يهيم بها حبا، فإنه يصبح وإلى الأبد فى قلبى.

100 عام على ميلاده، ومحمد فوزى (تملى فى قلبى ياحبيبى وأنا عايش بعيد عنك)!!.