السر في الصليب.. "الفجر" تكشف حيلة انتحاري مسطرد الفاشلة لخداع رجال الأمن
توَارى خلف "صليب" دقه مجددًا في
محاولة منه لتمْوِيه قوات الأمن المكلف بحراسة كنيسة العذراء بمنطقة مسطرد
المتواجدة على أطراف القاهرة، تزامنًا مع احتفالات المواطنين بمولد السيدة
العذراء، لتيسير دخوله واستهداف المكان، المكتاظ بالمحتفلين- مرتديًا حزامًا
ناسفًا وحقيبة صغيرة بداخلها قنبلة- إلا أن أحد أمناء الشرطة كشف أمره بعدما صاح
عليه عقب عودته إلى الكوبري المواجه للكنيسة مرة أخرى بعد تجاوَزه، فهرول إلى
الربع الأخير منه ثم ضغط بيده على جانبي خصره الأيمن و الأيسر حتى امتلأ المكان
بالدخان وتناثرت أشلائه، وهرع الجميع بالمنطقة، وذلك وفق ما رأى أحد رجال الأمن
الذين ساهموا في إحباط محاولة "التفجير".
انقلبت منطقة مسطرد رأسًا على عقب، ودب الرعب
في الأهالي، لحين وصول قوات الأمن عقب مرور ساعتين على وقوع الحادث"قلوبنا وقعت والكل خاف وفضلنا في
مكان أكتر من خمس دقايق نحاول نستوعب إيه اللي بيحصل.. وبعد كده العمال جريت على
الكنيسة ولكن الكل كان بيتجه لكوبري مسطرد .. وبعديها استوعبنا أن كان في محاولة
لتفجير الكنيسة ولكن الإرهابي هو اللي فجر نفسه.. فبدأت أنا وبعض جيراني في
المنطقة نحاول نساعد رجال الأمن في تأمين الكنيسة اللي أول مرة نشوف عندها كده..
دي أثرية وبقالها سنين ومحدش فكر يقرب منها وخاصة إننا على طول موجودين.. لكن وارد
يحصل أي حاجة لأن في المولد ده بيجي ناس كتير من خارج المنطقة"، بصوت واهنٌ
وصف محمد إبراهيم-اسم مستعار- أحد صاحبي
الورش الحديدة بالمنطقة.
بينما وَثَب بيشوي ميخائيل، والذي يقطن بهذه
المنطقة ويعمل "دقاق وشم"، على صوت الانفجار، بالرغم من أنه كان يقبع
أعلى الكوبري-لممارسة عمله- ولا يفصله عن "الانتحاري" سوى مسافات صغيرة،
وكان يتابع حركاته الغريبة والتفافه حول نفسه، إلا أنه لا يتذكر سوى ارتفاع غيمة
سوداء من الدخان اكتظت الكوبري، وخارت عزيمته لبرهة، بعدها حاول أن يقف ويسير
متجهًا صوب تجمع رجال الأمن حول "الانتحاري" الذي كان يرتدي خوذة والزي
المخصص لعمال شركة البترول المجاورة للكنيسة "شكله كان صغير حاولي 25 سنة وكان قصير الطول..ومفيش حد اتصاب
غير فردين تابعين لشركة البترول كانوا واقفين على أول الكوبري".
تزامنًا مع ارتفاع صوت الانفجار الذي ظنه البعض
داخل الكنيسة سقوط "برميل مياه" على الأرض، كان مينا جرجس يساعد والده
في بيع بعض الحلويات الخاصة بالمولد، ولكنه شعر بأن هناك شىء ما يحدث، فهرول إلى
الباب الرئيسي للكنيسة واكتشف الواقعة، وحاول مسرعًا بتنبيه الجميع، وخروج الأهالي
من الكنيسة بمساعدة "الكشافة"، وقاموا بتمشيط الكنيسة، وبعد مرور ساعتين
عاد المواطنين للكنيسة، متحديًا هذه الجماعات"مفيش حد هيضيع فرحتنا وأهو
الجميع بيحتفل وهما اللي ماتوا مش احنا".
والتقطت "مريم"، إحدى الراهبات،
الحديث منه "قابلت الواقعة بالصلاة والدعاء بأن يحمي الرب الكنيسة.. وألا
يصيب أحد مكروه.. ففي حين تجمع البعض ومحاولة الخروج من الكنيسة كنت أصلي والأمان
يملأ قلبي إيمانًا مني أن الله حامي الكنيسة" التي يعود تاريخها إلى القرن
الرابع، وتعد من أهم المعالم الأثرية في مصر، ومن ضمن الشواهد على رحلة العائلة
المقدسة من بين 25 مسارا، يمتد لمسافة 2000 كيلومتر، بداية من سيناء حتى دير درنكة
في أسيوط-وبها احتمت السيدة العذراء مريم وطفلها المسيح ومعهم القديس يوسف النجار
لمدة شهرين داخل مغارة صغيرة، تلك المغارة التي لا تسع لأكثر من شخصين، وبجانبها
بئر، اختبأت العذراء برفقه رضيعها، بعد هروبهم من بطش هيرودوس، وارتوت العذراء من
البئر حيث اختلطت مائه بمائنا، ونالت بلادنا من بركة هذا الفيض الذي لا يجف حتى
اليوم، وصار ذلك المكان بركة كبيرة وبني عليه كنيسة سميت باسم السيدة العذراء،
وأصبح يتوافد عليها الأقباط والمسلمين ليس فقط من مصر وإنما أصبحت تراث ومزار
يتبارك منه الزائرين من جميع بلدان
العالم- لذا كان متوقع أن يحاول بعض الإرهابيين تفجيرها.
"تم إلغاء
بعض معالم الاحتفالات خارج الكنيسة.. احتفالتنا بس في أروقة الكنيسة من الداخل،
كاجراءات أمنية".. هكذا قال القمص عبد المسيح بسيط كاهن كنيسة العذراء،
مؤكدًا أن منطقة مسطرد تلك المنطقة العشوائية المتواجدة على أطراف القاهرة، والتي
تمتاز ببساطة شوارعها" كلنا يد وحده مفيش بينا في المنطقة مسيحي ومسلم
والإخوه المسلمين هما اللي ساعدوا في إطفاء الحريق الذي وقع منذ أسبوع نتيجة ماس
كهربائي بالكنيسة".
وعلى بعد خطوات من مسرح الجريمة، تجمع العديد من عمال شركة البترول، محاولين استيعاب ما وقع عقب انتهاء دوامهم "منعرفش ده مننا ولا لأ.. الشركة بها 17 ألف عامل.. لكن الكل بدأ يتسأل في حد ناقص مننا اليوم.. واكتشفنا أن مفيش حد ناقص"، في إشارة من أحمد سويلم، أحد العمال، إلى أن "الانتحاري" تنكر في زي عمل للشركة ليسهل أمره.