"أطفال تهريب بورسعيد" ومذيعة "الاستثمار" (القصة الكاملة)
ما أن نشرت الصفحة الرسمية لمحافظة بورسعيد على "فيسبوك"، مقطع فيديو لمجموعة من أطفال أُلقي القبض عليهم بتهمة تهريب الملابس، صباح أمس، واحتاجت موجه من التعاطف ممزوجة بالغضب العارم لدى غالبية من شاهده.
وما مثّل مادة انتقاد واسعة، وصلت إلى تقديم نحو أكثر من 140 ألف بلاغ عبر الخط الساخن لشرطة نجدة الطفل، ضد إدارة العلاقات العامة للمحافظة، وبخاصة الإعلامية التي تُدعى سلوى حسين، بسبب إجرائها المقابلة بطريقة قاسية مع أطفال بدوا خائفين ومرتبكين في لقاء أشبه بجلسات التحقيق وتأنيب الضمير، متهمين إياها بالتشهير.
وأظهر الفيديو مجموعة من الأطفال مصطافين أمام حائط وفي أيديهم "كلابشات"، وتُجري معهم المسؤولة الإعلامية في المحافظة، لقاءً، حيث راحت تسأل كل واحد منهم عن "ندمه" وحول عدم عمله في "الحلال"، طارحه عليهم العمل في مجالات أخرى مثل "النظافة" و"الاستثمار"، وهو ما مثّل سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي من اقترحها العمل في الاستثمار قبل أن يتبين أنها تقصد منطقة في مدينة بورسعيد اسمها الاستثمار وليس العمل في الاستثمار عامة.
محفوظ مجاهد محفوظ، واحد من بين الأطفال الذي ظهروا في الفيديو بجراءة وعبّر بوضوح عن الوضع القاسي الذي اضطرهم لاختيار هذا العمل، ورفض أن تلقنه المذيعة درسا في الأخلاق والحرام والحلال، موضحًا أنه يعمل "من ورا أهله"، ويتربح من التهريب 150 جنيها يوميًا، مصرًا على أن الأعمال المطروحة أمامه وأمام رفاقه لا يُجدي عائدها: "تكفي إيه 50 جنيه.. إنتي مش حاسة بينا.. إزاي هقدر أكسي أمي وإخواتي؟!"، كلام "محفوظ" الذي أتى من محافظة سوهاج، أثر على عدد كبير ممن شاهدوا الفيديو وراحوا يتناقلوا كلامه منفردا.
الجدل الكبير الذي أحدثه الفيديو ، تحول إلى شكاوى قدمها مواطنون إلى المجلس القومي للطفولة والأمومة، والذي طالب بالتحقيق في الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية، موضحًا أن تصوير الأطفال، حال عرضهم على جهة التحقيق بقسم شرطة الميناء بمحافظة بورسعيد، مخالفة للاتفاقيات الدولية وقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008.
وقالت عزة العشماوي الأمين العام للمجلس، إن خط "نجدة الطفل" استقبل بلاغات بمخالفة الواقعة للاتفاقيات الدولية وقانون الطفل. إذ يحظر قانون الطفل تصوير أو استضافة الأطفال المعرّضين للخطر، أو الأطفال المخالفين للقانون.
وردّت الإعلامية سلوى حسين على الانتقادات، قائلة، إنها تؤدي عملها الإعلامي فقط والذي كلّفها به المحافظة، متابعة لـ"الفجر"، أنها شعرت أن الأطفال مثل أولادها وتعاملت معهم بتعاطف وهو ما ظهر في نبرة صوتها.
وأوضح أن قصدها العمل في "الاستثمار" هي المنطقة الصناعة في المحافظة، وليس العمل في الاستثمار عامة، مضيفة: "حسيت أن الأطفال دول ولادي أول ما شوفت الحديد في إيديهم.. قلبي اتقطع".