مصطفى عمار يكتب: لماذا لا تتبنى الدولة إطلاق قناة للشباب؟
يؤكد الجميع أن الوجوه الإعلامية الموجودة حالياً على الساحة فقدت القدرة على التأثير، إلا القليل منهم الذين يتمسكون ببعض المهنية ويحاولون الحفاظ على هيبة العمل الإعلامى وسط سقوط الغالبية العظمى إما فى تنفيذ ما يطلب منهم دون فهم أو وعى، أو حتى القلة التى قررت الهجرة إلى بلاد الدولارات بقطر وتركيا، وهو ما وضع المهنة بجميع تفاصيلها فى مرحلة حرجة وصعبة لا يعلم مداها إلا الله.. الكواليس تشير إلى أن أسماء كبيرة من الإعلاميين ستختفى خلال الفترة القادمة ومع نهاية العام الحالى من الممكن أن يختفى من على الساحة الإعلامية أكثر من 90% من الإعلاميين الموجودين حالياً، ولا أعلم تحديداً من سيختفى إذا كان بالفعل هناك أسماء كبيرة اختفت خلال الفترة الماضية!
ولكن هكذا فكر المسئولون عن ملف الإعلام فى الدولة فى محاولة منهم لتنقية المهنة من «المصلحجية» والممولين والفاسدين وأصحاب الأجور الخيالية والذين يعملون لمصلحة أنفسهم فقط – هذا نص الجملة التى يتم ترديدها بالفعل مع قرار إعادة تنظيم المشهد الإعلامى.
سنوافق مضطرين على ما تقوم به الدولة فى محاولة منها لضبط المشهد وإعادة الأمور لطبيعتها خصوصاً أن لا أحد يختلف على أن الإعلام فى مصر يعانى من سوء المحتوى وضعف الأفكار وضعف المنفذين لها، وأنه بالفعل فى حاجة شديدة لإعادة ضبطه وتقيمه.. ولكن ليس لمحاولة هدمه وخرابه بالكامل!
وهو ما يدفعنى لتقديم بعض الأفكار لعل وعسى أن يستمع لها أو يقرأها أى شخص من المسئولين عن ملف الإعلام ويفكر فيها ولو لبضع دقائق.. أملاً فى حل الأزمة الحالية التى كان نتيجتها جلوس مئات الكوادر بالمنزل بعد قرارات التسريح العشوائية التى تم اتخاذها خلال الفترة الماضية..
كان هناك مبادرة تبناها مكتب رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى سميت وقتها بمبادرة شباب الإعلاميين، لصناعة جيل جديد من الشباب يكون قادر على قيادة المشهد خلال السنوات القادمة، ورغم تحفظ البعض على بعض الأسماء التى ضمتها المبادرة ومحاولة بعض المسئولين لتهديد الإعلاميين الكبار بها، إلا أنها كانت نواة حقيقية لمشروع كبير غاب عن المسئولين الوقوف خلفه ودعمه -أنا هنا لا أقصد دعم بعض الأسماء من الشباب فقط دون النظر لغيرهم - فكان الأولى بالدولة أن تقوم باستخدام الشباب فى تقديم نموذج لقناة فضائية يديرها الشباب بالكامل ويظهر على شاشاتها الشباب بالكامل بالإضافة لمحطة إذاعية وموقع صحفى إلكترونى..
ليجد الجمهور من الشباب من يمثلهم ويتحدث عن مشاكلهم وقضاياهم ورؤاهم بعيداً عن صوت الإعلام الواحد الذى أجهض على نسب المشاهدة وتوزيع الصحف وجعلها تصل لأقل معدلاتها فى تاريخ الصحافة المصرية - بعض الصحف اليومية لا يتجاوز توزيعها 50 نسخة!..
الن يحقق مشروع مثل هذا النجاح وستكون ميزانيته ومرتبات العاملين به لا تشكل عائقًا على الدولة أو على أى مستثمر يريد الوقوف خلفه..
مئات النماذج من الكتاب الصحفيين الشباب والمخرجين والمذيعين والمعدين ومهندسى الديكور وكافة الكوادر البشرية الشابة يريدون أن يعملوا بأجور تضمن لهم حياة كريمة وقبلها يريدون تقديم رسالة إعلامية هادفة ومحترمة تليق بدولة ظلت لأكثر من خمسين عاماً العاصمة الأولى الإعلامية الأولى للعرب ولكن أين نحن الآن؟!
لا يوجد أزمة ليس حل، ولكن الجمود والقرارات المتسرعة هى التى تزيد من صعوبة الحل وتعجل بالانهيار..
سألنى صديق مقرب لى: لماذا تصر على الكتابة فى ملف الإعلام وأنت تعلم أن الدولة لن تلتفت لأى أفكار لأنها اتخذت القرار بشكل نهائى فى هذا الملف تحديداً؟..
أجبته بكل ثقة.. لأننى على يقين أنه مهما طالت الأخطاء.. فأنه لا يصح إلا الصحيح
والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.