أبناء شهادات المعادلة يعانون أمام مكاتب التنسيق: كل سنة يأخرونا ونتبهدل (معايشة)
صوت ساعة الجامعة المعهود يعلن حلول التاسعة صباحًا، ليحتشد الجميع أمام باب حديدي مرتفع يفصل بينهم وبين مكتب يجلس بجواره رجل، يقطع بصوته الجهوري ذلك الضجيج الذي يصنعه الواقفون، فيصمتون على الفور، علهم يشبعون فضولهم المتعلق بمستقبل أبنائهم بعد سنوات تكبدوها من العناء في الخارج لأجل هذا اليوم.
فبينما يتأهب طلاب الثانوية العامة للتقديم في كلياتهم التي رشحهم مكتب التنسيق لها منذ أيام؛ لايزال طلاب شهادات المعادلة الحاصلين على شهادة إتمام المرحلة الثانوية من الخارج، يترقبون مصير مستقبلهم أمام أبواب مكاتب التنسيق، التي يلجأون لها لسحب ملفاتهم وتسجيل الرغبات.
"حرام عليكوا كل سنة تأخروا المعاد وولادنا يتبهدلوا"، هكذا صرخت إحدى أولياء الأمور، أمام مكتب التنسيق بجامعة القاهرة، بعدما ضاق ذرعًا بالإجراءات الصعبة التي تستغرق وقتًا طويلًا وتكلف مجهودًا كبيرًا لإنهائها، في الوقت الذي يتم تأخير نتيجة تنسيق هؤلاء الطلبة ممن لايتمكنون من اللحاق بجامعاتهم وكلياتهم منذ اليوم الأول كبقية أقرانهم.
فمنذ أكثر من ثلاثة أشهر، حصل ابنها "محمد" على الثانوية العامة من المملكة العربية السعودية، إلا أنها وبالرغم من ذلك أجبرت على الانتظار لفترة طويلة، وهو ما يكبدها خسائر مادية ونفسية كبيرة:"يعني لو أنا مقدمة لإبني في الخاص احتياطي وجيت أسحب الورق من هناك بعد ظهور التنسيق الحكومي، مش هاخد غير حزء بسيط من فلوسي".
ومن المقعد المجاور لها؛ التقطت والدة "أحمد" أطراف الحديث، لتوضح بأسى معاناتها مع ابنها الأصغر، والذي حصل هو الآخر على الثانوية السعودية، بعدما تأخر موقع التنسيق الإلكتروني في فتح باب تسجيل الرغبات لطلاب شهادات المعادلة العربية والأجنبية، في الموعد الذي تم إقراره سلفًا، وهو الموافق 24 يوليو الماضي:"كده إبني هيضيع عليه أسبوع أو أسبوعين كاملين من الدراسة من غير ما يكون لينا ذنب".
لم تكن هذه المأساة الوحيدة التي تطال طلاب شهادات المعادلة وأولياء أمورهم أمام مكاتب التنسيق، فبخلاف مجموع طلاب الثانوية المصرية المتعارف عليه، عانى والد الطالبة "سهر" التي حصلت على شهادة إتمام الثانوية العامة من ليبيا، بمجموع 95% ظنت في البداية أنه كافٍ لالتحاقها بكلية الطب التي تحلم بها في مصر، وهو الأمر الذي دفع والدها لسحب الملف خصيصًا من القاهرة، قادمًا من الإسكندرية بصحبة صغيرته منذ بزوغ الفجر.
وبالرغم من ذلك، كانت صدمة غير متوقعة في انتظار "سهر" هذا اليوم، حينما أخبرها موظف مكتب التنسيق، أن مجموعها كافٍ فقط لإلحاقها بكلية التجارة في محافظتها، وهو ما جعل حالة من الذهول تسود المكتب، قبل أن يقرر الموظف أن يمنحها فرصة أخرى لعله يجد وسيلة تُلحقها بطب الإسكندرية:"الراجل طلع ابن حلال وصعب عليه مجهودها يضيع وتتساوى بللي أقل منها".
الوضع لم يختلف كثيرًا مع الحاج "سيد" الذي كاد يبكي من هول المفاجأة الصادمة التي تلقاها من موظف الاستفسارات بالمكتب، بعدما أخبره أن حصول ابنه على 98% بالثانوية الأردنية لن يكون كافيًا لإلحاقه بكلية الهندسة، بعد إجراء المعادلة التي تقوم على حذف عدد من المواد التي لا يحسب مجموعها في مصر كمادة الرسم.