أحمد الشيخ يكتب: جيب البنك المركزي.. "المخروم"!
"العملة الصعبة" هو لفظ تطلقه الحكومة والتجار على الدولار الأمريكي، والتي يستخدمها البنك المركزي كعملة رئيسية للاحتياطي النقدي في مصر.
ويطلق لفظ "العملة الصعبة" عالمياً على العملة الموثوقة والتي تكون ملاذ آمن ومستقر وعادة ما تأتي من دولة ذات وضع اقتصادي وسياسي قوي، وبنك مركزي بسياسات نقدية قوية ومستقرة تستطيع التأثير على مستوى واسع.
ويحتل الدولار الأمريكي قمة العملات الصعبة على مستوى العالم وهي ثمانية عملات: (الدولار الأمريكي واليورو والفرنك السويسري والدولار الكندي والدولار الاسترالي والدولار السويسري وراند جنوب أفريقيا).
ويرجع السبب في ذلك تحديداً إلى أن 70% من المعاملات التجارية على مستوى العالم تتم بالدولار الأمريكي.
وقد شهدنا في مصر خلال العامين الأخيرين الكثير من القرارات الصعبة المتعلقة بالحفاظ على تلك العملة الصعبة وزيادة الاحتياطي النقدي للبلاد، ولعل أبرزها كان قرار تعويم الجنيه "تحرير سعر الصرف" والذي قفز بسعر العملة الخضراء لأكثر من الضعف، وأدى لاتفاع التضخم إلى معدلات قياسية وصلت إلى 35%، وارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات بشكل مبالغ فيه، وبالفعل حقق المركزي مراده من هذا القرار والذي إدى إلى مضاعفة الاحتياطي النقدي للبلاد خلال 20 شهر فقط وهو معدل قياسي ليرتفع من 19 مليار دولار في أكتوبر 2016 إلى 44.3 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي.
ولكن رغم كل المشقة التي تحملها الشعب المصري الجسور جراء تلك القرارات في سبيل إصلاح الاقتصاد المصري، مازال هناك ثقوب في جيب البنك المركزي يتسرب منها النقد الأجنبي خارج البلاد أو نقدر نقول بالبلدي "مخروم"، ولم يبذل البنك جهد يذكر لسد تلك الثقوب حفاظًا على أى دولار يمكن من خلاله توفير سلعة أساسية أو فرصة عمل أو زيادة في دعم.
من أبرز هذه الثقوب يا سادة الدولارات التي تخرج من خلال شركات الفوركس، المتخصصة في تجارة العملات العالمية، حيث تستنزف تلك الشركات المدخرات الدولارية للأفراد والشركات المصرية في تجارة غير مشروعة محلياً بل ومحرمة في كثير من دول المنطقة لارتفاع معدل المخاطرة بما يؤدى غالباً لضياع مدخرات المستثمر وضياع حقوقه لدى الشركة دون قانون يحميه أو جهة تراقب على عمل تلك الشركات بما يضر بالاقتصاد القومي بشكل كبير.
ومع ذلك يقف السيد طارق عامر، محافظ البنك المركزي مكتوف الأيدي أمام تلك الشركات التي أصبحت من البجاحة بمكان تعلن عن نفسها رسمياً في كافة وسائل الإعلام وتقيم حفلات لعملائها فى مصر المقدرين بالآلاف على حد وصفها وتتعاقد مع نجوم الفن والطرب، على مرأى ومسمع من كافة الأجهزة الرقابية فى مصر دون أن يحرك أحد ساكناً.
أتسأل أيضاً.. أين هيئة الرقابة المالية من ذلك؟ فالمفترض أن تلك الشركات تعمل فى مجال البورصة العالمية، سواء بورصة عملات أو بورصة سلع وتمارس نشاطها في مصر، ومع ذلك تقف هيئة الرقابة المالية في مصر موقف المتفرج تاركة صغار المستثمرين فريسة لطمع وجشع ونصب تلك الشركات ولإغراءاتها الكاذبة في وقت تبحث فيه البورصة المصرية عن سيولة لتغطية الطروحات الحكومية فى ظل برنامج الحكومة الطموع لمضاعفة حجم السوق حتى يليق بحجم الناتج المحلي المصري.
وبصراحة لم نتعود من الدكتور محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية على هذا الصمت الرهيب تجاه قضية تمس أمن واستقرار الاقتصاد والمصلحة المباشرة للمستثمر الصغير الذي يعتبر أمل كبير للاقتصاد المصري ولا أعرف السبب؟!
كيف تصمت الأجهزة الرقابية على شركة FBS (روسية الجنسية) متخصصة في الفوركس "تجارة العملات" - وهو نشاط غير مشروع وغير مقنن - ، والتي أعلنت منذ فترة وعلى كافة الوسائل الإعلانية سواء مواقع إلكترونية أو سوشيل ميديا عن إقامة حفل لعملائها في مصر بفندق فورسيزون نايل بلازا، غدًا السبت يحيه النجوم شيرين عبد الوهاب، وأبو، ويحضره نجمان مبتدأن، هذا بجانب فيديوهات اليوتيوب التي تدعوا معجبي النجوم للحضور ليكونوا عملاء للشركة في أنشتطها المحظورة قانوناً.
ما أدهشني أيضاً شروط حضور الحفل الكبير وهي: الإيداع لمرة واحدة بقيمة 300 دولار (يمكنك سحب المال متى تشاء)، تداول 1 لوت على الأقل (100 لوت بالنسبة لحساب السنت)، بعد استيفاء هذه الشروط, يمكنك الحصول على تذكرتك, والربح!
أما جوائز الحفل فهي: 3 آيفون إكس، 2 آيباد برو 12.9 بوصة، 1 ماك بوك برو 13 بوصة، والجائزة الكبرى آي ماك 27 بوصة، ويالها من شركة كريمة وكلوا على حساب العملاء، "مفيش حاجه بلاش فى الزمن ده"، يعني بحسبة بسيطة إذا حضر ألف شخص الحسبة تكون 300 ألف دولار بما يوازي حوالي 5.37 مليون جنيه (والله مش بطال).
ليستمر نزيف العملة الصعبة، من خلال تلك الثقوب المفتوحة بالرغم كل الجهود التي بذلت وتبذل للحفاظ عليها، إلا أن البعض لا يرى أو يتغاضى عن الثقوب ونحن من هنا ندعوا لإصلاحها حفاظاً على إنجازات الإصلاح الاقتصادي.