د. بهاء حلمي يكتب: فرق للحماية المدنية من المتطوعين ثقافة أم ضرورة
يعد العمل التطوعى سمة حضارية ومشاركة مجتمعية إيجابية، كما أنه يعزز التعاون والتنمية ويساهم فى توفير الخدمات جنبا إلى جنب مع المؤسسات الحكومية وفق الأصول العلمية وأسلوب التشغيل المعمول به لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.
ويعتبر العمل التطوعى ممارسة إنسانية راقية لقيم ودوافع داخلية تحث على التفاعل الانسانى والرغبة فى الحياة والتحلى بالأمل والثقة بالمستقبل كونه عملا إنسانيا ذاتيا دافعه حب العطاء ومساعدة الآخر وخدمة المجتمع ككل.
تولى الدول المتقدمة اهتماما كبيرا للعمل التطوعى فى وضع مناهج وبرامج دراسية تهدف إلى ترسيخ ثقافة التطوع والعطاء لدى التلاميذ والطلبة والدارسين بالمراحل التعليمية المختلفة، كما فى بريطانيا، وتحرص على تطوير وتنويع برامج ومجالات التطوع بما يتلاءم مع ظروف وأوقات الدراسة والاجازات ووقت العمل للوظائف المختلفة، وتقوم بوضع نظم للعمل التطوعى وعدد ساعات العمل التطوعى فى الاسبوع أو الشهر أو خلال السنة وفق تخطيط علمى وأسلوب حضارى تغلفه روح الانسانية دون انتظار أى مقابل سوى اشباع الرغبة وإرضاء النفس وأداء هذا الواجب.
وعلى جانب آخر فالعمل التطوعى يمكن أن يكون فى أى مجال، ولكن التطوع فى مجال مواجهة التحديات والكوارث يتميز بأنه يساعد المؤسسات فى تقديم خدماتها وأعمالها سواء فى مواجهة الحرائق أم فى مواجهة الكوارث الطبيعية أو الحوادث الكبرى، وذلك من خلال القيام بأعمال الاطفاء والدفاع المدنى والاسعاف لإنقاذ الارواح والحد من الخسائر البشرية وتخفيف الآثار على المقيمين بالمناطق التى تمر بمثل هذه الازمات.
ويوفر العمل التطوعى الكثير من الأموال إضافة إلى المساهمة فى توعية وتثقيف الكثيرين بما يجب اتباعه من اجراءات فى مثل تلك الاوقات والالتزام بتعليمات السلطات لضمان الأمن والسلامة.
ويتم الاعتماد على المتطوعين فى كثير من الدول فى مجالات كثيرة أبرزها التطوع فى مجال الاطفاء مثل الولايات المتحدة التى يصل فيها نسبة المتطوعين المؤهلين فى مجال الاطفاء حوالى 70% من اجمالى عدد العاملين بهذا المرفق.
وبالنظر إلى زيادة عدد وحجم الكوارث الطبيعية والبشرية التى تضرب دول العالم المختلفة فى ضوء تغيرات المناخ، أو نتيجة لحوادث يتعذر تجنب وقوعها مثل الزلازل والسيول والبراكين وارتفاع منسوب مياه البحار أو حوادث وسائل النقل المختلفة والحرائق ذات النطاق الواسع كالتى شهدتها اليونان وما ترتب عليها من خسائر بشرية ومادية فادحة، الأمر الذى يعطى مؤشرا للحكومات على أهمية الاستعداد واعداد المتطوعين لمساعدة السلطات فى مواجهة مثل تلك الكوارث.
فى كثير من الاحيان نلمس رغبة المواطنين فى المساعدة فى اعمال الاطفاء أو الانقاذ أو الاسعاف إلا أن تحركاتهم وتصرفاتهم قد تعيق جهود الأجهزة المختصة بالمكافحة وبالتالى فيؤثر على كفاءة وسرعة الاداء أو تؤدى إلى حدوث خلل وازدحام غير مبرر قد يعرضهم لمخاطر جسيمة أثناء العمليات ويرجع ذلك إلى عدم إلمام المواطنين بأصول العمل فى مثل تلك الحالات إضافة إلى عدم معرفة ثقافة العمل التطوعى أو التدريب على كيفية مواجهة مثل تلك العمليات.
وفى ضوء الاستفادة من تجارب الدول المختلفة والامكانات البشرية المتاحة حاليا بالمؤسسات الوطنية المعنية بمواجهة مثل هذه الكوارث فى ضوء زيادة عدد السكان والتوسع العمرانى والجغرافى والانشطة الصناعية والعمالية والطلابية، وزيادة عدد الشركات الاقتصادية والتجارية والمنشآت المهمة والعامة والمبانى السكنية والمجتمعات العمرانية الجديدة. يثار التساؤل عما اذا كان الوقت حان لنشر ثقافة العمل التطوعى فى المناهج والبرامج الدراسية للتلاميذ؟ وعما إذا كان ضروريا تكوين فرق من رجال الاطفاء والانقاذ والاسعاف من المتطوعين المؤهلين فى المحافظات والمراكز والمدن وفق نظام معلومات خاص للمساعدة والتعاون وقت الحاجة اضافة إلى ما يحققه ذلك من تحسين العلاقة مع تلك المؤسسات وتنمية روح المشاركة المجتمعية فى المجالات المختلفة واستثمار الروح الوطنية فى زيادة الترابط وروح التآخى بين أفراد المجتمع.