مصطفى عمار يكتب: عن محترفي الإسكرين شوت والوشاية
العيب ليس فى أحد بقدر ما يسكننا نحن جماعة الصحفيين والإعلاميين، نطلب أن يعاملنا الجميع باحترام، ونحن من الأساس لا نحترم أنفسنا أو حتى مهنتنا المقدسة، والتى بنيت على الكلمة والصدق، فالكلمة كما تعلمنا من شيوخ المهنة شرف، فكيف يحترمك الآخر إذا كنت أنت أول من يخون هذا الشرف.
أغلبية أبناء هذه المهنة فى حالة تربص ببعضهم البعض، يقللون من نجاح بعضهم، ويسبون بعضهم البعض، ويخونون بعضهم البعض، ويظل كل منهم فى حالة تربص بالآخر إذا ما كتب جملة على صفحته الشخصية أو حتى قالها فى جلسة مغلقة، يتم الوشاية به ومحاولة تدميره تحت تهمة أنه عدو للنظام أو الدولة، أملاً فى أن تبطش الدولة به ليختفى من المشهد ويعتقد الواشى أنها ستكون فرصة عظيمة ليقفز هو مكان الضحية ويصبح إلى على الحجر الجديد!
كاتبة صحفية كبيرة وصديقة لى فقدت منصبها فى إحدى الصحف الشهيرة، لأن شخصًا دنيئًا وعديم الأخلاق قام بأخذ شوت سكرين لها من تعليق كتبته عندى فى أزمة منع عرض مسلسل محمد هنيدى، متسائلة فى تعليقها لا أكثر ولا أقل، من المسئول عن وقف عرض المسلسل، ليقوم زميل لها بتصوير تعليقها وإرساله إلى رئيس تحريرها وإخباره بأن الناس الكبار غضبانين من تعليقها، الأمر الذى انتهى برحيلها فى هدوء تام، وبالصدفة تقابل الكاتبة أحد أصدقائها الذى يعمل فى أحد أجهزة الدولة الكبيرة، ويخبرها أن ما تم إخبارها به بأن الناس الكبار غضبانين من تعليقك، ما هو إلا قصة خيالية لأن الدولة لا علاقة لها بمسألة عرض المسلسل من عدمه!
وهو ما أكده الرئيس السيسى فى أحد حفلات إفطار شهر رمضان، عندما قال للحضور، عيب قوى يتقال إن الدولة وقفت عرض مسلسل، إحنا لو عاوزين نمنع كنا منعنا حاجات كتير.
ولكن الكاتبة الصحفية رحلت عن وظيفتها ونجاحها لسنوات بسبب وشاية وغد دنىء طمع أن يكون بديلاً لها.. الجميع يحاول تلويث الدولة مستخدماً كلمة الناس الكبار مش عاوزين ورافصين ومنعين وكل الأوامر التى تشعرك أننا نعيش فى سجن كبير لا يسمح لأحد بالتعبير عن رأى مختلف وهو عكس الحقيقى.. فكاتب هذه السطور يكتب وينتقد ويرفض ما يحلو له على صفحته الشخصية بالفيس بوك، ولم أتعرض لمرة واحدة لمضايقة أو تهديد أو تلميح من قريب أو بعيد.. رغم أن صفحتى تضم كثيرين ممن يعملون فى أجهزة حساسة بالدولة.. ولكن بالطبع الوشاة يتربصون بكل ما أكتبه ويقومون بتصويره وإرساله لأصدقاء لى ولمسئولين لمحاولة الوقيعة بينى وبينهم وللأسف جميعهم زملاء مهنة واحدة! أى رخص وسوء خلق يدفعهم لهذه التصرفات الرخيصة.
منذ أكثر من عام كنت أعمل بإحدى المؤسسات الصحفية الحديثة، وبعد فترة قررت الرحيل لأسباب شخصية ومهنية، ورحلت عنها بكل احترام وتقدير للزملاء وبدون أن أتجاوز فى حق أحد أو العكس، وبعد ثلاثة أشهر من رحيلى، قررت المؤسسة تخفيض العمالة بدون سابق إنذار وقررت الاستغناء عن أكثر من خمسين صحفيًا دفعة واحدة لتوقف سيل الخسائر الكبير، وغضبت بشدة لأن الزملاء الذين تم استبعادهم كانوا من أكفأ شباب الصحفيين، فكتبت على الفيس بوك أننى رافض لما حدث وطالبت الزملاء أنهم فى المرة القادمة يختارون الأماكن والاشخاص الذين يعملون بها، وبالطبع تم تصوير ما كتبته وأرسل إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة، وفوجئت فى الواحدة صباحاً برقم غريب يرسل لى رسالة نصية، تقول أقفل بوقك واحترم نفسك بدل ما تقعد فى البيت من قناة النهار وماحدش هيشغلك تانى لم أشغل بالى بالرسالة أو حتى بمعرفة من أرسلها.. لأننى واثق أنه رقم بلا أى بيانات، ولكننى تذكرت هذا الموقف الآن، لأنه إذا كان هذا سلوك من يعملون فى المهنة، فكيف نطلب من الآخرين أن يحترمونا أو حتى يقدروا مهنتنا.. إذا كان أبناء المهنة نفسهم يتبرعون بالعمل كمخبرين ووشاة دون أن يطلب منهم أحد ذلك.
ربنا يصبرنا على ما بلانا من الأوغاد وحماقتهم!