في ذكراها الـ 28.. ما هي الأسباب الحقيقة وراء الغزو العراقي للكويت
يحل اليوم الخميس الذكرى الثمانية والعشرين على الغزو العراقي للكويت حيث شن الجيش العراقي على الكويت في 1990 واستغرقت العملية العسكرية يومين وانتهت باستيلاء القوات العراقية على كامل الأراضي الكويتية في 4 أغسطس ثم شكلت حكومة صورية برئاسة العقيد علاء حسين خلال 4 - 8 أغسطس تحت مسمى جمهورية الكويت ثم أعلنت الحكومة العراقية يوم 9 أغسطس 1990 ضم الكويت للعراق وإلغاء جميع السفارات الدولية في الكويت إلى جانب إعلان الكويت المحافظة رقم 19 للعراق وتغيير أسماء الشوارع والمنشات ومنها تغيير اسم العاصمة الكويتية.
أسباب الصراع
أستمر الاحتلال العراقي للكويت فترة 7 شهور، وانتهى الاحتلال بتحرير الكويت
في 26 فبراير 1991 بعد حرب الخليج الثانية وفي عام 1871 شن والي بغداد مدحت باشا حملة
عسكرية لاحتلال الأحساء والقطيف، وساند حاكم الكويت الشيخ عبد الله بن صباح الصباح
الحملة بأسطول بحري يقوده بنفسه وقد ذكر مدحت باشا في مذكراته أن السفن الثمانين التي
نقلت المؤنة واللوازم الحربية كانت تابعة لحاكم الكويت.
كما أرسل حاكم الكويت قوة برية بقيادة شقيقه الشيخ مبارك الصباح ضمت العديد
من قبائل البدو وبعد نجاح الحملة منح مدحت باشا حاكم الكويت لقب قائم مقام مكافأة له
على خدماته للدولة العثمانية وظل اللقب ينظر له كمنصب شرفي حيث تعهدت الدولة العثمانية
باستمرار الكويت في الحكم الذاتي ولم تتواجد أي إدارة مدنية عثمانية داخل الكويت ولا
أي حامية عسكرية عثمانية في مدينة الكويت ولم يخضع الكويتيون للتجنيد في خدمة الجيش
العثماني كما لم يدفعوا أي ضريبية مالية للأتراك.
الخلاف على الحدود
خارطة تمثل مطالبات نظام البعث بالأراضي التي يعتبرها جزءاً من العراق بما يسمى
(العراق الكبير) وجاء أول ترسيم للحدود بين الكويت والدولة العثمانية عام 1913 بموجب
المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913 والتي تضمنت اعتراف العثمانيين باستقلال الكويت
وترسيم الحدود وقد نصت المادة السابعة من المعاهدة على أن يبدأ خط إشارات الحدود من
مدخل خور الزبير في الشمال ويمر مباشرة إلى جنوب أم قصر وصفوان وجبل سنام حتى وادي
الباطن وأن تكون تبعية جزر بوبيان ووربة وفيلكا وقاروه ومسكان للكويت، وبينت المادة
السادسة أن تبعية القبائل الداخلة ضمن هذه الحدود ترجع للكويت وبعد انتهاء الحرب العالمية
الأولى وهزيمة العثمانيين احتلت بريطانيا الأراضي العثمانية في العراق.
وقد طالب أمير
الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح في أبريل 1923 بأن تكون حدود هي ذات التي كانت زمن
العثمانيين وقد رد المندوب السامي بالعراق السير بيرسي كوكس على طلب الكويت باعتراف
الحكومة البريطانية بهذه الحدود.
وفي 21 يوليو 1932 أعترف رئيس وزراء العراق نوري سعيد بالحدود بين الكويت والعراق
وفي 4 أكتوبر 1963 أعترف العراق رسميا باستقلال الكويت وبالحدود العراقية الكويتية
كما هي مبينة بتبادل بالرسائل المتبادلة في 21 يوليو و10 أغسطس 1932 بين رئيس وزراء
العراق نوري سعيد وحاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح من خلال توقيع محضر مشترك
بين الكويت والعراق من خلال اجتماع حضره كل من الشيخ صباح السالم الصباح ولي العهد
الكويتي آنذاك وأحمد حسن البكر رئيس الوزراء العراقي في تلك الفترة وفي عام 1991 شكل
مجلس الأمن لجنة لترسيم الحدود بين البلدين ووافق العراق على الالتزام بقرارات اللجنة
وفي عام 1993 صدر قرار مجلس الأمن رقم "833" لترسيم الحدود بين الكويت والعراق
وأعترفت الكويت به فيما أعترف العراق بالقرار في عام 1994.
الخلاف على انتاج النفط
خلال الحرب العراقية-الأيرانية دعمت الكويت والسعودية العراق اقتصاديا ووصلت
حجم المساعدات الكويتية للعراق أثناء الحرب العراقية-الأيرانية إلى ما يقارب 14 مليار
دولار، كان العراق يأمل بدفع هذه الديون عن طريق رفع أسعار النفط بواسطة تقليل نسبة
إنتاج منظمة أوبك للنفط. واتهم العراق كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة برفع
نسبة إنتاجهما من النفط بدلا من خفضه وذلك للتعويض عن الخسائر الناتجة من انخفاض أسعار
النفط مما أدى إلى انخفاض النفط إلى مستوى يتراوح بين 10 و12 $ بدلاً من 18$ للبرميل
وبلغ معدل إنتاج الكويت للنفط، في عام 1989، مليونا وثمانمائة ألف برميل يوميا متجاوزة
حصتها الإنتاجية المتفق عليها في أوبك بسبعمائة ألف برميل.
وقد اتهم صدام
حسين في اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، في شهر مايو من عام 1990، الكويت بالإفراط
في تزويد السوق العالمي بنفطها مما تسبب بانخفاض أسعار النفط عالميا وتقويض الحصص الإنتاجية
لأعضاء منظمة أوبك، كما أن هذا الإنتاج كان يكلف العراق 14 مليار دولار سنويا ولكن
إحصائيات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تشير إلى أن 10 دول من ضمنهم العراق لم
تكن ملتزمة بحصص الإنتاج وبالرغم من ذلك تعهدت كل من الكويت والإمارات بالالتزام بحصص
الإنتاج المقدرة بمليون ونصف برميل في 10 يوليو 1990، وصرحت الكويت في 26 يوليو
1990 بإنها خفضت إنتاجها من النفط إلى مستوى حصص منظمة أوبك.
وبدأت الأحداث تأخذ منحنى تصعيدياً من قبل النظام العراقي حيث بدأ العراق بتوجيه
اتهامات للكويت مفادها أن الكويت قام بأعمال تنقيب غير مرخصة عن النفط في الجانب العراقي
من حقل الرميلة النفطي ويطلق عليه في الكويت حقل الرتقة وهو حقل مشترك بين الكويت والعراق.
لم تكشف الكويت عن مقدار النفط الذي ضخته من حقل الرميلة، لكن العراق قدر قيمة ذلك
النفط المستخرج بمليارين وأربعمائة ألف دولار أمريكي.
الخلاف على الديون
صرح الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين أن الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت
8 سنوات كانت بمثابة دفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي حسب تعبيره وأن على الكويت
والسعودية التفاوض على الديون أو إلغاء جميع ديونها على العراق، ويُقدر صندوق النقد
الدولي حجم الديون العراقية للكويت بستين مليار دولار.
وتعدت مطالب صدام حسين إلى طلبه من دول الخليج 10 مليارات دولار كمنحة للعراق
وطلب تأجير جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين ولم تثمر الجهود الدبلوماسية في تخفيف حدة
التوتر ففي آخر شهر يوليو من عام 1990، عُقد اجتماع في مدينة جدة بين وفد كويتي يرأسه
الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، ولي العهد الكويتي، ووفد عراقي برئاسة عزة الدوري
ونتج عن هذا الاجتماع الموافقة على تقديم الكويت منحة 9 مليارات دولار وتبرع الملك
فهد بن عبد العزيز آل سعود بعشرة مليارات دولار بشرط أن يتم ترسيم الحدود بين الكويت
والعراق دولياً قبل دفع أي مبلغ. وقد جاء طلب الكويت هذا إثر قيام العراق بترسيم الحدود
وعقد المعاهدات والتسويات مع كل من المملكة العربية السعودية والأردن وأجل عقد معاهدات
مماثلة مع الكويت كي يتم استخدام هذه القضايا كوسيلة ضغط على الأخيرة.