حكاية "قصر العيني" من النشأة وحتى سرقة القرنية
قال الدكتور محمد حمزة الحداد أستاذ الآثار الإسلامية والعميد السابق لكلية الآثار، في تصريحات خاصة للفجر، إن قصر العيني إحدى قلاع الطب في مصر وترجع نشأته الطبية لعصر محمد علي باشا، ولكن نشأته المعمارية لقبل ذلك بكثير.
واستطرد الحداد قائلًا: اسم المبنى هو قصر العيني وليس القصر العيني كما يطلق عليه البعض، حيث يُنسب إلى شهاب الدين أحمد بن عبدالحميد بدر الدين محمود العيني الذي أنشأه عام 1466م، على ضفاف النيل في منطقة تدعى "منية المهراني"، في عصر السلطان الظاهر بيبرس البندقداري، أحد سلاطين الدولة المملوكية، الذي يعتبر أول من عمر هذه المنطقة.
واستطرد الحداد قائلًا: في عهد السلطان قايتباي الذي تولى السلطنة عام 872هـ، أمر بالقبض عليه، ومع تكرار الأمر، هرب العيني إلى المدينة المنورة، وتوفي عام 1504م، فتحول قصره إلى الملكية العامة للدولة.
وعن الدور الطبي لقصر العيني، قال الحداد إنه في أثناء الحملة الفرنسية استعمل نابليون بونابرت قصر العيني كمستشفى لجنود وضباط الحملة، ومن هنا بدأ القصر يلفت النظر كمان يصلح كمشفى، وعندما قتل كليبر، دفنه الفرنسيون في حديقة قصر العيني، وعند جلائهم في يوليو 1801م، نقلوا الجثمان معهم إلى فرنسا.
قصر العيني من مدرسة حربية لمدرسة طبية
واستكمل قصر العيني دوره الطبي في عهد محمد علي باشا -والكلام لدكتور حمزة الحداد- حيث كان عصر محمد علي باشا عصر حروب وتوسعات، ففي البداية تم تحويل القصر الذي أهمل بعد جلاء الفرنسيين إلى مدرسة حربية عام 1825.
وخلفت المعارك التي خاضها محمد علي باشا الكثير من الجرحى، وكذلك بدء تجنيد المصريين وتكدسهم في المعسكرات أدى إلى تفاقم المشاكل الطبية وهنا ظهرت الحاجة لمدرسة للطب.
ويكمل الحداد، إنه بالتعاون مع الطبيب الفرنسي أنطوان كلوت، تم إنشاء مدرسة للطب في منطقة أبو زعبل حيث تخرجت أول دفعة منها عام 1832، ثم تم نقلها إلى قصر العيني، كي تصبح المدرسة والمستشفى على ضفاف نهر النيل أقرب إلى القاهرة، وبدأ الدور التعليمي الطبي لـ قصر العيني.
وعن نظام التعليم في مدرسة طب قصر الغيني قال الحداد، إنه تقرر أن يكون عدد تلاميذ مدرسة الطب 80 طالب، يتم تقسيمهم كالآتي، 60 لتعلم الطب والجراحة ليكونوا "حكماء"، و 20 لتعلم الصيدلة "أجزاجية" ومدة الدراسة 5 سنوات، يتقاضى الدارس 75 قرش كمصروف جيب كل شهر، إضافة لتسليم كل طالب زي مدرسي ووجبات يومية، وتوفير الإقامة للمغتربين.
التطوير من مدرسة إلى كلية حديثة
وظلت عجلة التطور تدور، حيث بقول الحداد إنه في عام 1856 أصدر الوالى محمد سعيد باشا قراراً بإنشاء مجلس خصوصي للطب، ثم صدر قرار بإنشاء مدرسة الطب فى "قصر العيني" لتعليم الطب والجراحة والعلوم الطبية والصيدلية، وافتتحت رسميًا سبتمبر من نفس العام، ويبدأ التعليم فيها من سن 15 عام.
وعند إنشاء جامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة" عام 1908 -انضمت مدرسة طب قصر العيني إلى الجامعة، وتولى الإشراف عليها وعلى إنشاء ملحقاتها الحديثة الدكتور علي باشا إبراهيم.
واستمرت عملية البناء إلى ما بعد 1952، ثم تقرر هدم قصر العينى القديم كمستشفى وكلية فى السبعينيات وتمت إعادة بنائه كمستشفى عصري جديد وكلية للطب اسمها قصر العيني الجديد.
وفي نهاية تصريحاته قال الدكتور محمد حمزة الحداد أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، إن عدة مقالات لا تكفي للحديث عن عبقرية قصر العيني في المجال الطبي، وإنه لمن المؤسف الأخبار التي تطالعنا بها الصحف من حين لآخر بإهمال أو غيره داخل أروقة هذا الصرح ذا الشهرة العالمية.
وكان قد أثار اتهام أحد المواطنين مستشفى قصر العيني بنزع "قرنية" عين شقيقه المتوفي دون موافقتهم، جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، دفع عدد كبير من المواطنين إلى البحث عن تاريخ المستشفى.