بعد الانفتاح المتبادل.. هل ستصبح الكويت بوابة التقارب الخليجي العراقي؟
تشهد العلاقات بين دول الخليج العربية والقوى السياسية العراقية انفتاحا متبادلا، تعزز منذ صدور نتائج الانتخابات العراقية في أشهر مايو.
وتسارعت وتيرة هذا التقارب مع مواجهة الحكومة العراقية أزمة كبيرة بسبب الاحتجاجات الشعبية في مدن جنوب العراق، إذ ظهرت خلال شهر يوليو، مبادرات على طريق تحسين العلاقات، من أبرزها المشروع الذي طرحته بغداد، وهو الربط الكهربائي مع دول الخليج، وهو ما يعني حلا لأزمة خدمية طاحنة تعاني منها العراق منذ عقود.
على الرغم من الاحتفاء الإعلامي الخليجي بهذا الطرح العراقي، من بوابة "سحب العراق من أحضان إيران" وفق تحليلات وآراء خليجية، فإنه لم يصدر أي ترحيب رسمي خليجي عدا الكويت، التي تقود فعليا جهود الانفتاح الخليجي على العراق المنهك سياسيا واقتصاديا، ووضعت قواتها على الحدود مع العراق في حالة تأهب خوفا من تداعيات الاحتجاجات وتأثيرها على الكويت.
وعقدت الحكومة والبرلمان عدة اجتماعات حول الوضع الأمني على الحدود الشمالية، وفي بالأمس الثلاثاء، استقبل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، وأكد له دعم الكويت لاستقرار العراق.
ويعد نوري المالكي شخصية غير مرحب بها في وسائل الإعلام المحسوبة على السعودية والإمارات والبحرين، وهي الدول الثلاث التي تشكل الكتلة الأقوى في منظومة مجلس التعاون الخليجي.
وهناك عدة أسباب تجعل الكويت أكثر الدول الخليجية المعنية باستقرار العراق، إضافة إلى الهاجس الأمني ومخاوف تدفق اللاجئين من مناطق الاحتجاجات في البصرة.
وفي خضم هذه الأحداث، تجد الكويت نفسها مجبرة على أن تكون لاعبا بارزا في العراق لحماية مصالحها وأمنها، وسلط تقرير اقتصادي كويتي الضوء على التأثيرات الاقتصادية المحتملة للاضطرابات العراقية على الكويت وأبعادها الخطيرة.
وذكرت مؤسسة "الشال" للاستشارات الاقتصادية، في تقرير ملفت نشرته بتاريخ 21 يوليو، أن شراكة الكويت مع الصين التي بلورتها زيارة أمير الكويت إلى بكين الشهر الماضي، "تأتي ضمن استراتيجية صينية بعيدة المدى، هدفها عودة السيادة الاقتصادية إلى الشرق بتفوق وقيادة الصين"، وربط التقرير نجاح هذه الشراكة بـ "أفضلية الكويت في ما تملك من مناحي القوة والميزة النسبية".
ونبهت "الشال" في تقريرها إلى أن "عنصر القوة في شراكة الصين مع الكويت، يكمن في موقع الكويت الجغرافي، وكانت تلك القوة في القديم لمبررات اختلفت عن الحاضر بسبب تطور وسائل النقل والاتصال، وباتت كامنة في شمال الكويت، وأهمية شمال الكويت تأتي من جوار الكويت لنحو 121 مليون نسمة حاليا، نحو 39 مليون نسمة في الشمال، أي في العراق، ونحو 82 مليون نسمة في الشرق، أي في إيران".
ولفت التقرير أيضا إلى أنه بسبب عنف العقود القليلة الماضية، أصبحت العراق وإيران "متخلفتين في وضع بناهما التحتية، وحاجتهما كبيرة إلى منافذ مساندة لتزويدهما باحتياجاتهما السلعية والخدمية المتطورة، وما لم تبنِ الكويت شراكتها مع الصين على إمكانات التمدد الجغرافي في خدماتها إلى الشمال والشرق، ستفقد أهم المزايا النسبية المتوافرة لها من هذه الشراكة، ولن تتمكن من تسويق ما يشبع مصالح الصين".
ولا تشير المعطيات إلى أن مهمة الكويت ستكون سهلة في دعم الاستقرار بالعراق رغم مساعيها المكثفة، فحسابات دول الخليج متباينة حول العراق، ولكل دولة قائمة أهداف خاصة قد لا تتقاطع مع رغبات الآخرين.
وكانت الكویت خصصت 200 ملیون دولار في عام 2015 لدعم الجھود الانسانیة في العراق، فضلا عن 100 ملیون دولار خصصت مؤخرا لدعم القطاع الصحي في المحافظات المتضررة، فیما تواصل العمل في تقدیم المؤازرة للنازحین من خلال التنسیق المباشر مع خلیة الازمات المدنیة التابعة لرئاسة الوزراء العراقیة.
وفي 26 یولیو، وصل إلى مدینة البصرة العراقیة 17 مولد كھرباء، وكمیات كبیرة من الوقود، قدمتھا الكویت بناء على توجیھات أمیر الكويت، بھدف التخفیف من معاناة الشعب العراقي.
وكان مؤتمر الكویت الدولي لإعادة إعمار العراق، خرج بتعھدات من الدول المانحة بنحو 30 ملیار دولار أميركي على شكل منح وقروض وضمانات.