د. أماني ألبرت تكتب: حرب الشائعات على السوشيال ميديا (2)
تحضرني الأغنية الأشهر في مسرحية ريا وسكينة للمبدعتين شادية وسهير البابلي ’’إشاعات، إشاعات، إشاعات، خربت بيتنا الإشاعات‘‘ وذلك حينما ينشر خبر ثم يتم نفيه وبعدها بوقت قصير يتم تأكيده من جديد. مثل خبر القبض على رئيس مصلحة الجمارك متلسبًا بالرشوة ثم نفي الخبر واعتبار الرجل برئ ثم الرجوع لتأكيده مرة أخرى. لنجد أنفسنا في حالة مستمرة من التشكيك واللغط والحوار. شائعات في كل اتجاه، وفي كل وقت. فالشائعات أحد أهم ادوات شن الحرب النفسية على الشعوب.
دورة حياة المعلومة سريعة في السوشيال ميديا تعطيك إيحاء أن الكل يعرف، والكل خبير والكل يحلل والكل ينقد. وفجأة يتم نفي الخبر فيتغير الرأى والكلام والتوجهات، ثم يتم تأكيده مرة أخرى فتحدث اشتباكات بين الذين هم مع والذين هم ضد، سجال كلامي لا نهاية له. كلمات ذاهبة وكلمات راجعة. الكلام ببلاش في بلدنا ولا حساب عليه.
وعلى نهج هشام قنديل رئيس وزراء مصر أيام حكم الإخوان المسلمين عن المليونيات الضخمة انها فوتوشوب!! وكأن التليفزيون لم ينقل صورة وصور الحدث وكأننا لم ننزل بأنفسنا الميادين - على نهجة - يذهب البعض لتقليد الصور التي تنشرها المواقع الاخبارية بنفس الحجم واللوجو تحتوى أخبار مغلوطة أو تصريح صاروخي مثير للجدل لمسئولين حكوميين. ما يجعل الأمر جدير بإطلاق سجال كلامي ولغط في الرأي العام.
وكل هذا بهدف واحد، الإساءة للحكومة وللمسئولين وتصدير صورة انهم غير مناسبين وأن الفساد كبير وان الدولة عاجزة عن ايقافه وهو خطاب يبث الاحباط الشديد. وبتحليل سريع لتعليقات الأشخاص على مثل هذه الصور تتكرر عبارة ’’مفيش فايدة!!‘‘
إن ما يطلق ’’بالفوتوشوب‘‘ اخبار في كل الاتجاهات، الهدف منه هو ان تتفرغ الحكومة للرد يوميًا على الاخبار الكاذبة، ان يترك المسئولين عملهم ويتحولون من الانتاج والعمل إلى سلسلة من المهاترات الكلامية.
إن بعض الإشاعات لا تستحق الرد، تموت من نفسها. وبعضها يستحق تفنيده والعمل عليه. لذا على الحكومة والوزارات والهيئات أن تخصص فريق متخصص لمتابعة صفحات السوشيال ميديا المختلفة أولاً بأول، لتتمكن من الصد في بداية الشائعة وليس بعد انتشارها واستفحالها لدى الرأي العام. وعليها ان تهتم بصياغة وكتابة بيانات رسمية بشكل احترافي بكلمات معبرة وجمل واضحة وبسيطة لا تحمل أكثر من معنى. وعليها أيضًا أن تفعل دور المتحدث الرسمي بتصريحات رسمية صادرة عن الجهة الرسمية. وكل هذا في أسرع وقت ممكن من صدور الشائعة. وأن تجهز خطة لإدارة الأزمات المفتعلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تضع بدائل وحلول للتصرف في المواقف المختلفة ولمواجهة الاكاذيب والتهم والافتراءات.
ومن جانب أخر تطبيق القانون طبقا لما ابرزه قانون العقوبات بخصوص نشر اخبار او اشاعات كاذبة لتكدير السلم العام واثارة الفزع بين الناس والحاق الضرر بالمصلحة العامة. وطبقا لما تشمله جرائم السب والقذف، باطلاق لفظ صريح او معان تشير إليه، يحط من قدر شخص أخر. وعملية تطبيق القانون على مثل هؤلاء ستمثل عامل ردع لكثيرين غيرهم يستهترون بتطبيقه.