11 شهرًا مشيًا على الأقدام.. المتضامن السويدي بنجامين لادرا: لن أتراجع عن دخول فلسطين.. وهدفي فضح جرائم الاحتلال (حوار)

تقارير وحوارات



شرع في رحلته سيرًا على الأقدام من أقصى بقعة صقيع، قاطعًا مسافات شاسعة استغرقت نحو أَحدَ عشر شهرًا، للفَت الأنظار صَّوب القضية الفلسطينية، والانتباه إلى جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الفلسطينيين، لاسيما وأن العديد من المواطنين في بعض البلدان ليس لديهم الوعي حول الإرهاب الممارس من قبل المُحتل الذي لم يكَف عن مواقفه المتآمرة على الحقوق الفلسطينية؛ إلا بالضغط وتحريك الرأي العام وهو الأمر الذي يمْتعض منه، ونجح في تسليط الضوء عليه الناشط السويدي "بنجامين لادرا"، بالرغم من منع سلطات الاحتلال دخوله فلسطين عقب وصوله إلى جسر الملك حسين- الحدود الأردنية الفلسطينية.

لم تمنح قوات الاحتلال الناشط السويدي، فرصة الإفصَاح عما عساه من زيارته لفلسطين، مبررين ذلك بأنه كان كاذبًا، على حد زعمهم خلال جلسة استجوابه التي استغرقت ست ساعات اعتمد فيها المحقق-الذي وصفه بالمحترف- على إرباكه وتغير المعامله معه من مهذبة إلى حادة؛ حتى يصل إلى مُبتغاه" كانوا وقحين في الكلام والاستجواب كان صعبًا وطويلاً لكن لم يستخدموا معي أي نوع من أنواع العنف، بعكس كثير من الفلسطينين الذي تم التحقيق معاهم وتم تعنيفهم وتعذيبهم بحسب ما سمعت.. لذا فكنت محظوظًا في المعاملة وذلك خوفًا من نقل ما حدث للإعلام"، وتواتر الاستجواب متهمينه بأنه سيذهب إلى قرية النبي صالح- الواقعة شمال غرب رام الله والتي تنتمي لعائلة واحدة تسمى "التميمي" تلك التي خرجت منها الثائرة الفلسطينية عهد التميمي، الطفلة الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي- لكي ينظم مظاهرات في القرية، وهذا لم يكن في تفكيره وحتي لو كان هذا هدفه فإن تنظيم أي مسيره ليس سببًا لمنعه من الدخول لاسيما لبلد محتل من طرفهم، هو الأمر الذي رأه مثير للسخرية "دولة تدعي الديمقراطية تمنع ناشط حقوقي أن يدخل وينظم إعتصامات".




طوال الرحلة- التي بلغت مسافتها أربعة آلاف وثمانُمئةِ كيلو متر- وهو يترقب بشغف لحظة وصوله للأراضي الفلسطينية، خاصة عقب منع السلطات الإسرائيلية في مطار اللد، مطلع يوليو الجاري، أرييل جولد ناشطة أمريكية يهودية في حركة المقاطعة العالمية BDS من دخول البلاد، وتم طردها وإعادتها لأمريكا، فضلاً عن إصدار قرارت مفاجئة من قوى الاحتلال مع الكنيسة لقمع الصحافة ومنع تصوير الجنود خلال انتهاكاتهم لحقوق المواطن الفلسطيني، ليصدم بنفس النتيجة ويمنع من الدخول وهو الشعور الأصعب بالنسبة له رغمًا من توقعه ذلك؛ لإدراكه حال الفلسطينيين طيلة السبعين عامًا المنصرمين "عندما تقف في صف المظلومين ستعامل مُعاملةَ المظلومين".

وبرغم الصعوبات التي واجهته طيلة رحلته وعدم دخوله للأراضي الفلسطينية، إلا أنه وصل لإثبات جزء من هدفه وهو انتهاكات المحتل لحقوق الإنسان "الرسالة لازلت لم تصل للجميع فالغرض الحقيقي من رحلتي هي وصول انتهاكات قوات الاحتلال حقوق الإنسان لكل العالم، فلابد أن يعي سبعة مليار شخص ما يدور داخل فلسطين"، ولكنه لا يستطيع ذلك بمفرده، لذا يطالب من كل ما يستطيع  التضامن معه توصيل القضية الفلسطينية، لكي يتعرى المحتل ويكشف انتهاكاته للجميع.




كان السبب وراء توشح "لاردا" بالكوفية الفلسطينية بلونيها الأبيض والأسود الملتف بما يشبه السياج من السلك، ورفع علم فلسطين بحجم كبير أينما ذهب، خلال مروره بما يقارب من 15 بلدًا ليثير أنظار المارة فكل مكان يطأ قدميه فيه "العديد من المواطنين كانوا يسألونني عن ذلك وكنت أخبرهم عن مئات القصص ومعانات الفلسطينيين.. وكان يتضامن معي الكثير.. ومن هنا أدركت أن القضية الفلسطينية لم تصل للجميع.. لذا نظمت العديد من المؤتمرات الصحفية في العديد من البلدان برفقة بعض الفلسطينيين المغتربيين وبعض العرب وكونت مجموعات كثيرة تحمل نفس الرسالة والأهداف وقدموا  العديد من المساعدات لوصول رسالتي للجميع.. وكانوا على تواصل معي طيلة الرحلة" التي حافظ على أمانة السير خلالها، فكان مُتجذرًا في وضع علامة مميزة عند كل محطة يقف بها؛  ليبدأ منها من جديد.

تمنى الشاب ذو الخمسة والعشرين ربيعًا- الذي منحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الجنسية الفلسطينية ووسام الاستحقاق والتميز تقديرًا لجهوده ومواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني- زيارة عدة أماكن كالقري والمدن للإنصات إلى قصصهم، فمنذ زيارته الأولى للضفة الغربية ورؤية انتهاكات المحتل، وهو يريد دخول الكثير من الأماكن والمكوث بها لنشر الوعي بين المواطنين البسطاء بفلسطين، ونقل معانتهم للعالم، وهو الأمر الذي يصر عليه حتى الأن ولو بشكل آخر.




بينما يرى أن دور الحقوقيين في كافة أنحاء العالم، لكي ينصروا القضية الفلسطينة، فقط يسير مع الضغط، فلم يتوقع أن إسرائيل تعي وحدها بأنها تنتهك حقوق الإنسان، لذا يجب أن يسيروا بتكتلات وتجمعات من المجتمع المدني- الذين شعروا  أن هناك انتهاكات- ومن هنا سوف يبدأ الوعي ينتشر وسط المواطنين ومن ثم تتشكل جماعات تخلق ضغط دولي سياسي على الكيان الصهيوني للحد من جرائمه.

نشاط وفعاليات "لادرا" لم تنتهي بعد، فلديه مشروع أكبر من دخوله الأراضي الفلسطينية المحتلة، لذا سوف يتواصل مع العديد من المدارس والجامعات بالسويد لإلقاء المحاضرات في أكثر من مكان، كما يخطط للذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة رقعة التضامن مع الشعب الفلسطيني.