ولاعة ولمبة.. روايات تكشف لـ"الفجر" أسباب حريق مول الموسكي
أمام الأرصفة وعلى مقاعد المحال المجاورة؛ جلسوا ينعون مصدر رزقهم الوحيد الذي التهمته النيران، فمن ناحية تربت أيادي المارة على أكتافهم، في محاولة منهم لتخفيف الصدمة، ومن جهة أخرى؛ التف رفاقهم وجيرانهم حولهم، لمواساتهم في مصيبتهم، بينما هم استسلموا للصمت، فبدأوا يتفقدون بضاعتهم بأعين تملؤها الحسرة، وسط رائحة الرماد التي علقت في المكان.
فمع سواد الليل، خيم السكون على شوارع العتبة، والذي قطعه صراخ وعويل على غير العادة، ليستيقظ الأهالي على حريق ضخم اندلع بمول تجاري في شارع الموسكي، التهم كافة طوابقه.
ومن بين الحطام؛ تجولت "الفجر" لترصد روايات شهود العيان وأصحاب المحلات بالمول المحترق، للتوصل إلى تفاصيل ما جرى.
أمام ما تبقى من محله المحترق بالدور الأرضي، جلس عم "أحمد" صاحب محل لألعاب الأطفال، يقلب كفيه في حسرة: "كل سنة تحصل في نفس المكان".
فلم تكن هذه الحادثة الأولى التي طالت العتبة، وتحديدا هذا المول التجاري، حيث يقول صاحب متجر الألعاب بالمول، إنهم تعرضوا لحريق مشابه قبل عامين:"بس وقتها مبهدلتش المول كله كده".
وأمام محل عصير؛ استند محمد رجب، أحد الشاهدين على الواقعة، فيتذكر جيدًا أحداث ما جرى حينما اتصل برفيقه التاجر الذي يمتلك محلًا للملابس بالمول، ليخبره بهول ما حل ببضاعته، فتعرض لصدمة شديدة:"سكت وقالي مش جاي اتصل بأخويا هاني".
وعلى بعد خطوات قليلة منه، كان الحاج "سيد" يروي للمارة تفاصيل ما جرى، حينما انقطعت الكهرباء قبل الحادث بساعة:"أول مرة الكابلات بتاعة الناحية كلها تقطع كده ومش عارفين السبب لحد دلوقت".
واستطرد "سيد" أحد التجار بمحل مجاور، قائلًا إن انقطاع الكهرباء تسبب في إغلاق المحلات مبكرًا هذه الليلة:"قفلنا كلنا عالساعة10 بالكشافات.. معتقدش إن دي صدفة والله أعلم".
وإلى جانبه، كان أحد سكان المنطقة، يقف متعجبًا من تكرار الحرائق في نفس المكان ونفس الفترة الزمنية، وهو ما دفعه للشك بأن الأمر قد يكون بفعل فاعل:"ممكن يكون حد عمل كده عشان حاجات تبع الضرايب.. تكرار الحادثة مش طبيعي".
بجوار محل الاكسسوارات المحترق، وقف صاحبه يتفقد القطع التي تحولت بالكامل إلى رماد، مرددًا:"محل الولاعات والطفايات هو سبب اللي حصل".
ليلتقط منه بائع آخر أطراف الحديث، حيث يتذكر جيدًا حينما عادت الكهرباء إلى المنطقة، فشبت النيران في البداية بمحل الولاعات ثم صعدت لتلتف حول الطوابق العليا بسرعة كبيرة:"تقريبًا كان ناسي النور مفتوح ولما الكهرباء جت شديدة ولعت في المكان كله".
بالرغم من أن عربات الإطفاء وصلت بسرعة فور تلقيها البلاغ، إلا أن ضخامة حجم الحريق، كانت كفيلة ليستغرق الأمر منهم ما تجاوز الساعتين.
فيروي أحد سكان عمارة قريبة من المول، إن الجميع توجه لمعاونة رجال الإطفاء على إخماد النيران، حينما شعروا بمدى خطورة الحريق الذي كاد يمتد لعمارات مجاورة:"بقينا نجيب جرادل مية ونرمي عالنار علطول.. كنا بننادي عالناس تنزل تساعد".
وبنبرة يكسوها الحزن، وقف صاحب أحد المحلات المحترقة أمام المول، يردد في حسرة:"بضاعة المكان دا بأكتر من 5 مليون جنيه راحوا في ثانية".
فمع هذه الخسارة الكبيرة التي طالت مصدر عيشه الذي كافح لأجله سنوات طويلة من الشقاء، يحمل التاجر الخمسيني، عبئا أكبر فوق ظهره: "لسة هنرمم كل دا من تاني ونصرف قد كده عشان نرجعه زي الأول.. أمال هنعيش إزاي يعني".