منال لاشين تكتب: صاحب الفكرة قدم دراسة لجهة فى الدولة بأن العائد 20 مليار دولار
معركة قانون الجنسية.. بيع أم استثمار؟
القانون بدأ فى عهد شريف إسماعيل وتأجل ثلاث مرات للخوف من تأثيره
على الرأى العام نائب بدعم مصر: الناس فى الدائرة أكلت وشنا
أخيرا انتهت معركة قانون الجنسية، وتم إقرار القانون الأكثر إثارة للجدل. المشروع بدأ بفكرة من خارج البرلمان والحكومة. لعلها تكون المرة الأولى التى تعبر فكرة لمواطن عادى حدود الحكومة والبرلمان وتتحول إلى قانون ولو بعد حين أو بالأحرى عامين.
وعلى الرغم من تمرير القانون وعلى الرغم من الدفاع عنه من كل من الحكومة والبرلمان، على الرغم من هذا وذاك فإن الجدل والرفض لم ولن ينتهى حتى الآن ما بين المؤيدين والمعارضين.
1- استثمار أم فلوس؟
دول عديدة حول العالم تأخذ بنظام منح الجنسية للأجانب. سواء عن طريق الدم أو المال أو الاستثمار.فبالنسبة للدم تمنح العديد من الدول الجنسية لأبناء الوطن ممن تزوجوا بأجانب، وهذا النظام معمول به فى مصر. أما التعديل الجديد فى القانون.. وهناك بعض الدول التى تحتاج إلى مواطنين لأنها تعانى من قلة السكان مثل كندا تفتح بابها لأكثر من سبب غير صلة الدم. فكندا وأمريكا وبعض الدول تفتح أبوابها للعباقرة والأكفاء. وهناك دول أخرى تمنح الجنسية للأجانب مقابل شراء عقار.. ودول أخرى تمنح الجنسية مقابل استثمار فى الدولة ونوع آخر يمنح الجنسية مقابل (الكاش) أو الوديعة. واختيار كل دولة لأحد هذه الأنظمة يتوقف على ظروف الدولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فبعض الدول تخاف على أمنها القومى نظرا لظروف حرب أو إرهاب أو التركيبة السكانية المعقدة. ولذلك تخشى الدولة من فتح الباب لمنح الجنسية. وعلى العكس فإن الدولة ذات الكثافة السكانية المنخفضة والأعراق المتجانسة. مثل هذه الدول تفتح الباب لمنح الجنسية بشكل أكبر وقيود أقل.
بعض الدول تستثمر فى الجنسية ولذلك تشترط لمنح الجنسية الاستثمار فى أحد المشروعات الخاصة أو العامة بالبلد. مثل المشروعات الصناعية أو السياحية أو حتى الأوراق المالية. وهناك دول تعانى وفرة فى العقارات الفاخرة وتريد تسويق هذه العقارات وتنشيط السوق العقارية. ولذلك تشترط هذه الدول شراء عقار للحصول على جنسية الدولة.
وهناك دول تسعى لجذب العناصر البشرية الأكثر ذكاء وكفاءة للبلد لتنشيط الاقتصاد. وهذه الدول تشترط أو بالأحرى تختار العباقرة من الحاصلين على الدرجات العليا من أهم الجامعات وتمنحهم إقامة ثم جنسية.
وإذا كانت الدولة فى حاجة إلى أموال للإنفاق على المشروعات وخفض عجز الموازنة فإنها تلجأ إلى منح الجنسية مقابل مبلغ مالى (كاش).
2- مليارات الجنسية
ومن الواضح خلال هذا العرض السريع والمختصر أن مصر اختارت طريق الكاش وليس الاستثمار. بحسب القانون الجديد ستمنح الجنسية لكل من يودع وديعة فى البنك بنحو 400 ألف دولار (7 ملايين جنيه) لمدة خمس سنوات. وذلك دون الحصول على فوائد على الوديعة. ويوفر هذا الحل لمصر مبالغ بالعملة الصعبة يمكن أن تغطى تكلفة إقامة عدد كبير من المشروعات. لأن المركزى يستخدم هذه الحصيلة لمدة خمس سنوات، أما العائد فسيذهب إلى خزانة الدولة.
وبالنسبة للعائد المالى من هذا القانون أو بالأحرى التعديل القانونى متفاوت بشكل مثير. بعض المتخصصين يقدرون العائد خلال ثلاث أو أربع سنوات بـ20 مليار دولار. وهذا الرقم المتفائل جدا يرجع إلى ظروف المنطقة. فهناك حروب ومخاطر فى خمس دول عربية ويمكن أن يسعى نصف مليون مواطن من هذه الدول المنكوبة إلى العيش فى مصر الآمنة والأقرب إلى تقاليد أبناء هذه الدول.
بعض التقديرات تبدو أقل تفاؤلا وتترواح ما بين 3 أو 2 مليار دولار فقط.
ويعتقد بعض الخبراء أن مبلغ الـ400 ألف دولار مبالغ فيه. وذلك فى إطار المقارنة مع بعض الدول. فكندا على سبيل المثال تمنح الجنسية مقابل 250 ألف دولار فقط.ولاشك أن هناك عوامل تجعل كندا وغيرها من الدول الأوروبية أكثر جاذبية عن مصر، أبسط مثال هو ارتفاع مستوى التعليم فى هذه الدول مقارنة بمصر. والمعروف أن مستوى التعليم وجودته يمثل أحد أهم العناصر الجاذبة للحصول على الجنسية بالنسبة للملايين من الأجانب.
من بين معوقات أو سلبيات القانون أو التعديل القانونى هو تكلفة الفرصة البديلة، فيمكن لأى أجنبى أن يشترى بهذا المبلغ عقارا أو يستثمر فى دبى أو الإمارات على سبيل المثال.
ولذلك يشكك بعض الخبراء فى إمكانية تحقيق رقم أو عائد قدره 20 مليار دولار حتى فى ظل اضطراب المنطقة.
3- الأمن القومى
بعيدا عن حسابات البيزنس أو اختيار نوع الحافز أو ثمن الجنسية.. فإن هناك اعتراضات لبعض الخبراء ونسبة من المواطنين.والاعتراض هذه المرة يخص اعتبارات الأمن القومى.وربما يكون هذا الاعتراض وراء تأجيل إحالة القانون أو تعديلاته للبرلمان من ناحية وتأجيله فى البرلمان من ناحية أخرى لثلاث مرات. فالقانون تم الانتهاء من إعداده فى حكومة المهندس شريف إسماعيل ولكن رأت بعض الجهات تأجيل إقرار القانون.
داخل البرلمان كانت هناك اعتراضات من بعض النواب حتى داخل (دعم مصر).عندما بدأ الحديث حول إعداد القانون، قال أحد نواب دعم مصر لرئيس الحكومة السابق شريف إسماعيل: «الناس أكلت وشنا وبيقولوا إن القانون دا بيبيع البلد». وساعتها اكتفى شريف إسماعيل بابتسامة.
وهناك مخاوف حقيقية من تجنس يهود إسرائيليين أو إخوان أو جماعات العنف الإسلامى. والإخوان يرددون أن القانون محاولة لتمرير صفقة القرن وتوطين الفلسطينيين فى سيناء ومصر. ولكن الحكومة ردت على ذلك بأن القانون يمنح مجلس الوزراء بأكمله الحق فى رفض أو قبول منح الجنسية. وأن هناك قيودا أو اشتراطات فى اللائحة التنفيذية تحقق ضمانات الأمن القومى.