حسـام حربــي يكتب : مــاذا تـغـيـر ؟

مقالات الرأي

حسـام حربــي يكتب
حسـام حربــي يكتب : مــاذا تـغـيـر ؟


ماذا تغير في مصر بعد الثورة ؟ سؤال من المفترض ان يكون اﻷسهل الأن بعد عامين من الثورة ، ثورة كان شعارها الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش، طبعاً ترتيب الشعار كان كالتالي عيش حرية عدالة اجتماعية بس انا قاصد ان الترتيب يكون لا اوزن له ولا قافية ، لان كل حاجة دلوقت لا وزن لها ولا قافية، ومع ذلك لم يتخيل اكثر المتشائمين ان يكون هذا السؤال هو اﻷصعب واﻷعجز بالنسبة لكبار القوم ، اقصد المسئولين طبعا.

وبمناسبة المسئولين واللى طبعا عدد الذين تناوبوا على كراسي الدولة ، حدث ولا حرج وكأن كراسي الدولة سخنة نار او ساقع ثلج ، لا يتحملها احد .

عارفين كام مسئول حكومي مر على الدولة منذ الثورة حتى اﻷن ؟، لاتنتظروا اجابة ، ﻷني بصراحة معرفش ولو حاولت احصائهم هتوه وانتو كمان متحاولوش ﻷن بصراحة كده هتتعبوا وفي اﻷخر هتزهقوا وبرضوا مش هتوصلوا لحاجة .

طب فكك من المسئولين ، شوفت الشرطة قبل الثورة كانت ازاى وبعد الثورة بقت ازاى ! شوفت الفرق الكبير والواضح بينهم ازاي ، خلاص بقا لا في ضرب ولا سحل ولا فين بطاقتك يلا ، الوضع الأن اصبح ممكن بطاقتك ، استأذنك تحتج على الرصيف او في المكان المحدد للاحتجاجات ، اصبح من الممكن ان تشاهد الضابط ان راى مواطن يتقلص من البرد يعطي له الجاكيت ، يقلع الجاكيت ويلبسهوله ومش اي تلبيسة ، شوفتوا الفرق.

التعليم ، قبل الثورة كان الطلاب بيزوغوا من المدرسة تقريباً كل يوم ، كان المدرس يدخل الفصل يقعد على الكرسي ويقرأ الكلمتين وبعد كده كل سنة وانت طيب ، لكن الحمدلله بعد الثورة الوضع اختلف تماماً دلوقت سور المدرسة ارتاح ، مستحيل وانت ماشي بجوار مدرسة انك تشوف ولد يقفز بينط من على السور ، او تلاقي المدرس دخل قعد على الكرسي وبيقول الكلمتين بدون حماس . الدروس الخصوصية انعدمت ، ثم ليه دروس خصوصية والمدرس في المدرسة مقطع نفسه للطلاب.

الصحة ، محدش يقدر يفتح بقه اقصد ان الصحة واضح الاختلاف الكبير فيها قبل وبعد الثورة ، حتى عدد المرضى قل وده طبعاً دليل على الرعاية المتكاملة اللى بيحظى بها المواطن المصري حتى لا يمرض ، اما المراكز الصحية والمستشفيات فلقد تحولت 180 درجة بعد الثورة ، فلقد انتهى الإهمال تقريباً و عم الاهتمام البلاد ، فلن تجد مستشفى بها ولو ذرة غبار او حتى نقصان في الادوية ، فضلاً عن التعقيم الشديد للأجهزة ، والأهم والأهم انك مستحيل تروح مستشفى تجد الناس تنتظر دورها على الرصيف او حتى في طوابير .

النضافة ، دي بقا الناس كلها شايفة التطور الذي حدث لعملية النضافة في مصر ، بعد ما كانت الزبالة يمينك وشمالك قدامك و وراك ، دلوقت الزبالة كلها في اماكنها المخصصة لها ، صناديق الزبالة في كل مكان ، كل 50 متر صندوق قمامة على احد جنبي الشارع ، علشان كده الناس مالهاش اى حجة في انها ترمي الزبالة في الشارع ، كمان مستحيل تكون ماشي في الشارع وتلاقى واحد بـ يرمي الزبالة عليك من البلكونة مثلاً .

السكك الحديدية قبل الثورة القطار كان ممكن يتأخر ساعة او ساعتين ، ما بالك بعد الثورة مش عاوزينه يتأخر يوم او يومين ، أو حتى ميطلعش اساساً ، ما كل هذا الظلم الواقع على ثورتنا !

بعيداً عن كل حاجة سبقت ، الناس ملهاش كلام الأيام دي غير في المرور والزحمة ، انا هتكلم عن نقطة الزحمة دي بشكل تاني خالص ، زحمة الطرق و التعطيل اليومي للمواطن ، ده ان دل يدل على ان مصر اصبحت من الدول المزدهرة اقتصادياً ، فالكل أصبح يملك سيارة ، و اصبح من النادر ان تجد مواطن لا يملك سيارة ويسير على قدمه .

الفتنة الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ، وبصراحة بعدما كانت الفتنة كارتاً محبباً بالنسبة لمبارك وحاشيته ، هذا الكارت تم اعدامه تماما مع إندلاع الثورة المجيدة ، كل هذا تبخر ، فليس من المعقول ان يجتمع شعباً في الميادين أكلين شاربين نايمين ، ونرجع نقول ان هناك من يستطيع ان يوقظ الفتنة هيهات ، الشعب المصري نسيج واحد لايمكن لأحد ان يزعزع هذا النسيج عن مساره الطبيعي.

ثوار مصر الاحرار لا تغضبوا مني ، فهذا هو واقع ثورتنا العظيمة ، كان يجب علينا بعد ان انتهينا من ثورة الميادين ، ان نثور على العقول ، ثورة على النفس المصرية ، يجب ان نُكسب المواطن رؤية ليكون له دور على هذه الأرض ، بل ويشعر بمسئوليته تجاه الوطن ، احنا مش قاعدين في مزبلة حد يلمها بعد ما نخلص ، احنا في وطن لو لم نتغير من الداخل فلا تنتظروا شكلاً او رُقياً من الخارج اى لن يتغير وطننا ، قبل ان تحاسب من هم جهلاء ، اذهب لهم واجعل غايتك تعليمهم ، كى يفرقوا بين الصواب والخطأ ، كى لاتتحكم في عقولهم احتياجاتهم اليومية .

واخيراً هل تعلمون ان الوحيد الذي حقق مطالب الثورة منذ اندلاعها وحتى الأن هو مبارك ، وذلك عندما رحل