رباب أنور تكتب : تركي × مصري
لست من المتابعات الجيدات للمسلسلات التركية برغم عناصر الإبهار فيها و التي يمر الهلال تلو الهلال و ما زال العرض مستمراً اللهم إلا الموسيقى التصويرية الرائعة لهذه المسلسلات التي طالما داعبت أذني و استمتعت بها كثيراً ..
مؤخراً شاهدت مسلسل تركي بعنوان ( سيلا ) كان اللافت للنظر فيه هو الشخصية المتمردة لبطلة المسلسل الذي تدور احداثه في قرية تركية ( شرقية الهوى ) تخضع للتقاليد و الأعراف منذ ما يقرب من مائة عام هي من وجهة نظر البطلة (سيلا) (أعراف بالية لابد من تغييرها ) ..
بغض النظر عن قصة المسلسل ليست حالة التمرد حالة إيجابية في كل الأحوال فقد يكون التمرد سلوك سلبي لو كان غيرمبرر أو ينافي القيم الإنسانية و مبادئ الدين ... و على العكس تماماً قد يكون هو المخرج الوحيد من شعور بالظلم و القهر و التخلف بل قد يكون الوسيلة الأمثل للتغيير للأفضل ..
أيضاً ليس الإعتراض على التقاليد و الأعراف في حد ذاتها , لكن على الثقافة التي تتبناها تلك التقاليد و تعمل على نشرها و ما أكثرها ..
للإنصاف دعنا نطلق عليها عادات أكثر منها تقاليد و أعراف لو تكلمنا مثلاً عن عادات الطعام في بلدنا يتبادر لذهني عدة أسئلة :
س ــ ممكن ييجي يوم يتبدل فيه السؤال التقليدي هناكل إيه بكرة ــ بـــ ــ هانقرا إيه بكرة ؟؟
س ــ الأسر المصرية أغلب إجتماعها و تزاورها على موائد الطعام لتناول ما لذ و طاب .. ممكن ييجي يوم نجتمع فيه لنقرأ أو نناقش كتاب ؟؟
س ــ هل من الممكن أن تتغير ثقافة ( سوق الجملة ) في بيوتنا و بدل ما يدخل ( سي السيد ) على ( الست أمينة ) بعشرات الكيلوات من الفاكهة و الخضار ـ يدخل عليها بالإحتياجات الضروريه فقط (مثل الدول الأوروبية التي يشتري فيها المواطن إحتياجاته بالثمرة ) و يدخر الباقي لشراء و تكوين مكتبة صغيرة في البيت ؟؟
س ــ هل تحرص كل أم على الإطمئنان أن إبنها أو بنتها أكملت قراءة كتاب أو تابعت برنامجاً سياسياً أو ثقافياً أو استمعت للأخبار كما تطمئن أنها ( ضربت نص حلة المحشي ) او ( صينية المكرونة بالبشاميل ) قبل ما تنزل تروح الدرس ؟؟
س ــ هل يفكر الزوج مرة إنه يقدم لزوجته هدية عبارة عن كتاب في عيد ميلادها و يطلب منها ان تتوقف عن ملاحقة برامج ( الطبيخ ( في الفضائيات فـ تتوقف عن الطهي يوم أو يومين بالكتير حتى تقرأ الكتاب ــ و يقضوها يا سيدي عيش و لا سندويتشات فول و طعمية الدنيا مش هاتخرب يعني ؟
بالطبع سيرد عليَّ البعض أننا شعب يقع نصفه تقريباً تحت خط الفقر .. سأقو له أنظر يا سيدي لغالبية الأسر متوسطة الحال أو ( المستورة ) التي من المفترض أنها تلقت تعليماً عالياً أو متوسطاً على الأقل لوجدت هذه العادات ـــ و ما أفرزتها من ثقافة التباهي و التفاخر بأصناف الطعام و التسابق في إظهار الشطارة في الطهو ـــ مسيطرة عليها جداً ، تتجلى هذه الثقافة في أروع صورها في شهر رمضان الذي من المفترض انه شهر الصوم !!
متي ستتحررأفكارنا من أَسْر تلك المعتقدات و العادات ..
لا بد أن تتغير ثقافة ملئ البطون إلى ثقافة ملئ العقول
و لأننا مسلمون و لأن أول كلمة نزلت في القرآن هي ) إقرأ )
و لأن الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام قال ( بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه )
و لأنه عليه الصلاة و السلام لم يشبع من طعامٍ قط
و لأننا نأكل لــ نعيش و لا نعيش لــ ناكل
علينا أن نتمرد على عاداتنا الغذائية السيئة لنستبدلها بثقافة غذائية صحية ، معتدلة ، صحيحة كماً و كيفاً تحرص على سلامة تركيبة العقول لتصبح ناضجة و واعية لأنها بالتبعية ستصنع تركيبة سياسية و اقتصادية و اجتماعية ناضجة وواعية أيضاً .
و بما أننا ما زلنا نحيا ( سنوات الضياع ) ستظل (سيلا ) ثائرة تدافع عن (عشقها الممنوع ) للحرية ..