سبب اعتقال مواطنة روسية بواشنطن لحظة مصافحة بوتين لترامب في هلسنكي
يجمع الروس على أن توقيت اعتقال سلطات أمريكا،
مواطنتهم ماريا بوتينا، لم يأت بمحض الصدفة يوم انعقاد أول قمة بين رئيسي البلدين،
وأن اختيارها مقصود لشبهة قرابتها مع فلاديمير بوتين.
وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد
الروسي (مجلس الشيوخ) قسطنطين كوساتشوف، إنه "لم يفاجأ" بذلك، مشيرا إلى
أن "الآلة المعادية لروسيا في الولايات المتحدة تبدي مقاومة شرسة بشتى الوسائل"
لتحسين العلاقات بين البلدين. وأضاف أن ذلك "قد يكون رد فعل آلة الصقور الأمريكيين
في أجهزة القوة، والتي خرجت عن السيطرة، على نتائج القمة (بين الرئيسين الروسي فلاديمير
بوتين والأمريكي دونالد ترامب)".
وأعلنت وزارة العدل الأمريكية يوم أمس الاثنين
عن اعتقال المواطنة الروسية بوتينا واتهمتها بأنها "كانت تعمل لصالح روسيا"
كعميل أجنبي.
وادعت وزارة العدل الأمريكية في بيان، أن
المواطنة الروسية "كانت تنشط كعميل لروسيا على أراضي الولايات المتحدة، وكانت
تسعى لتجنيد مواطنين أمريكيين وحصلت على إمكانية الوصول إلى منظمات تؤثر على السياسات
الأمريكية بهدف تفعيل المصالح الروسية".
وحسب البيان، كانت الطالبة الروسية تعمل
"لصالح مسؤول رفيع في الحكومة الروسية، تولى في وقت لاحق منصبا هاما في البنك
المركزي الروسي". وأشارت الوزارة إلى أن هذا المسؤول مدرج على قامة العقوبات الأمريكية
ضد روسيا منذ أبريل عام 2018.
وأضافت وزارة العدل أن ماريا بوتينا
(29 عاما) كانت موجودة على الأراضي الأمريكية بتأشيرة دخول دراسية ومارست نشاطها لصالح
روسيا دون أن تسجل نفسها كعميل أجنبي لدى الوزارة.
وقد تواجه المواطنة الروسية حسب القوانين
الأمريكية عقوبة بالسجن 5 سنوات. وستنظر محكمة مقاطعة كولومبيا في قضيتها يوم 18 يوليو.
وحتى ذلك اليوم ستبقى المواطنة قيد الاعتقال.
ومع أن اسم عائلة هذه الطالبة يشبه في لفظه
السمعي إلى حد ما كنية الرئيس بوتين، إلا أنهما يتحدران من عائلتين مختلفتين تماما،
فبينما يكتب اسم عائلة سيّد الكرملين باللاتينية على النحو التالي Putin تتم كتابة كنية الطالبة الروسية المعتقلة بأحرف مختلفة هي Boutina،
لكن من الواضح أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي دبّرت هذه العملية من ألفها إلى
يائها، انتبهت لهذا الأمر وقصدت به إثارة التباس مقصود وخبيث، كما لو أن الرئيس الروسي
يمضي قدما في عقد قمته مع نظيره الأمريكي على الرغم من اعتقال الشرطة في واشنطن لقريبته
التي تحمل اسم عائلته بتهمة التجسس لصالح استخباراته والعمل على تقويض النظام الأمريكي.
وعدا عن ذلك، فإن الإقدام على عملية اعتقال
هذه الطالبة بتهمة ملفقة لا أساس لها من الصحة، والإعلان عن ذلك على وجه السرعة في
اللحظة التي كان فيها الرئيسان بوتين وترامب يتصافحان في هلسنكي ويعقدا أول قمة رسمية
بينهما، هدف بدون أي شك إلى تسميم أجواء القمة وتشتيت الأمل فيها وبنتائجها، بالإضافة
إلى زعزعة الثقة المهزوزة أصلا بين موسكو وواشنطن.
وقبل ذلك بأيام معدودة، وجهت هيئة محلفين
اتحادية كبرى في الولايات المتحدة، اتهامات إلى 12 ضابطا روسيا، زعمت أنهم ضباط في
جهاز المخابرات العسكرية الروسي، باختراق شبكات كمبيوتر تابعة للحزب الديمقراطي قبل
الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
الخارجية الروسية اعتبرت أن هذه الاتهامات
غير المسندة إلى أي دليل، تستهدف إفساد الأجواء قبل القمة بين الرئيسين الروسي والأمريكي،
وقالت إنه لا دليل على أن هؤلاء الأشخاص يرتبطون بالمخابرات العسكرية الروسية أو أنهم
اخترقوا فعلا شبكات كمبيوتر تابعة للحزب الديمقراطي الأمريكي.
ويبدو أن صقور العم سام الذين يتحدثون عن
ملامح خبث في سياسة روسيا الخارجية، هم أكثر خبثا وفجورا، بتلفيقاتهم ومزاعمهم التي
لا تخفى على أي لبيب، ولا تصمد أمام أي تمحيص أو تفنيد، لكن المؤسف أن تدفع طالبة صبية
من حياتها وعمرها ثمن السمّ الذي تبثه الأفاعي التي تسكن دهاليز البيت الأبيض وأقبيته
السوداء.