تفسير قوله تعالي "وإذا البحار فجرت"
يقدم لنا الدكتور عصام الروبي، أحد علماء الأزهر الشريف، تفسيراً ميسراً لما تحويه آيات من الكتاب الحكيم من المعاني والأسرار، وموعدنا اليوم مع تفسير الآية القرآنية {وإذا البحار فجرت * وإذا القبور بعثرت }.. [الانفطار: 3*4].
فجِّرت: قوله فجِّرت، مأخوذ من الفَجر-بفتح الفاء-وهو شق الشيء شقًا واسعًا، يقال: فجر الماء فتفجر، إذا شقه شقا واسعًا ترتب عليه سيلان الماء بشدة.
والمراد هنا: شققت جوانبها، فزالت الحواجز التي بينها، واختلط بعضها ببعض فصارت جميعها بحرًا واحدًا. وقيل: المراد: طغت البحار على اليابسة فأغرقتها ومحتها. وقيل: المراد: تنشفها الأرض فلا يبقى فيها ماء.
بُعثرت: يقال: بعثر فلان متاعه، إذا جعل أسفله أعلاه. وبعثرت الحوض وبحثرته: إذا هدمته وجعلت أسفله أعلاه. والبحثرة والبعثرة: إثارة الشيء بقلب باطنه إلى ظاهره. أي: أثيرت وأخرج ما فيها. والمراد: أُخرج ما فيها من الأموات حتى قاموا لله عز وجل. وقال قوم: (بعثرت): أخرجت ما في بطنها من الذهب والفضة.
خلاصة المعنى في الآية الاولي: ومن علامات هذا اليوم المهول-يوم القيامة-بعد تشقق السماء وتصدعها، وتساقط الكواكب وتفرقها أن مياه البحار والأنهار تسيل سيلانًا عظيمًا، ويدخل بعضها في بعض، فلا يبقى الماء المالح مالحًا، ولا العذب عذبًا، وإنما تختلط المياه عذبها بمالحها، أو ذهب ماؤها ويبست.
وخلاصة المعنى في الآية الثانية: ومن علامات هذا اليوم المهول-يوم القيامة-بعد تشقق السماء وتصدعها، وتساقط الكواكب وتفرقها وسيلان المياه عذبها ومالحها وتداخلها أو ذهاب ماؤها بالكلية، أن الحق سبحانه وتعالى يأمر الأرض أن تُخرج وتلفظ ما بداخلها من الأموات حتى يحشروا للموقف بين يدي الله للجزاء على الأعمال.