جامع "المارداني" أكبر متحف مفتوح للأعمدة الأثرية في مصر
مسجد طنبغا الماردانى، أحد مساجد القاهرة المملوكية، ويتميز بطراز معماري فريد، حيث يشعر الداخل من بوابته الرئيسية وكأنه يطل على ساحة الجامع الأزهر، ولكن صحن المارداني تستقر فوارة في منتصفه، وحجاب خشبي على رواق قبلته، كما يتميز المسجد بتنوع في أشكال الأعمدة التي تحمل سقفه، فما هو سر جامع المارداني.
يقول محمود شاهين مدير منطقة آثار باب الوزير، في تصريحات خاصة للفجر، إن جامع طنبغا المارداني، يحوي عدد كبير من الأعمدة الأثرية التي استخدمت عملية بناء وتأسيس المسجد، يبلغ عددها 70 عمودًا.
وتابع شاهين أن المسجد يعتبر متحفًا مفتوحًا للأعمدة من كل العصور، حيث يوجد به أعمدة من العصر الفرعوني وعلى أحدها كتابات هيلوغليفية، وأعمدة من العصر البطلمي، وأعمدة ذات تيجان كورنثية، وعدد كبير من الأعمدة متنوعة الأشكال من مختلف العصور.
وعن سبب هذا التنوع، يقول محمود شاهين إنه كان من العادة في هذه العصور هو إعادة تدوير الخامات من المباني القديمة، وخصيصًا الخامات النادرة مثل الرخام والجرانيت وغيرها، وظاهرة استجلاب الأعمدة من المباني القديمة أو المخربة أحد سمات العصور القديمة بشكل عام.
المنشئ وتاريخ البناء
قال شاهين إن مسجد المارداني بناه الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله المارداني الساقي، والمعروف بالطنبغا المارداني، أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ترقى في القصر السلطاني، وعينه السلطان في وظيفة الساقي وهو المسئول عن المائدة السلطانية ويتذوق الطعام قبل أن يتناوله السلطان.
ويتابع شاهين عن الطنبغا قائلًأ إن الأمير طنبغا المارداني كان أميرًا على حلب، حيث كانت مصر في العصر المملوكي عبارة عن إمبراطورية ضخمة، وسوريا تتبعها، ويقال إنه تزوج من إحدى بنات الناصر محمد بن قلاوون.
وعن تاريخ البناء يقول شاهين إنه تم في عام سنة 740 هـ 1340م، تحت إشراف رئيس المهندسين فى أيام الناصر محمد بن قلاوون، ويدعى ابن السيوفي.
التصميم المعماري
أما التصميم المعماري للمسجد فيصفه شاهين قائلًا إن المسجد بني على نمط المساجد الجامعة، حيث يتوسطه صحن سماوي مفتوح، تحيط به أربعة أروقة وللمسجد قبة بثمانية أعمدة جرانيتية تسبق المحراب، ووتتوسط الصحن نافورة "ثمانية الأضلاع" رخامية، وهي منقولة.
وتابع شاهين أن أعمق وأكبر الأروقة هو رواق القبلة، وللمسجد ثلاثة أبواب، الرئيسي منها يقع على شارع التبانة، ويطل الباب الثاني على سكة المارداني، والباب الثالث تم إغلاقه بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية، وكان يطل على شارع آخر يدعى "زقاق المارداني"، وعلى يسار المدخل مئذنة مكونة من ثلاث دورات.
زخارف المسجد
الزخارف على جانبي المحراب تعتبر غاية في الروعة والجمال وهي من الزخارف المتفردة في مساجد مصر المملوكية، وواجهة الرواق الشمالى مغطاة برخام وباقى أجزاء حائط القبلة مغطى بحليات رخامية دقيقة مطعمة بالصدف.
الترميمات
أشار محمود شاهين إلى أنه عام 1884 م، أمر الخديو عباس حلمي الثاني بترميم المسجد إثر الزلزال الذي وقع في هذه الفترة، وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بعمل أول ترميم للمسجد بعد تأسيسه، وشملت الترميمات فوارة المسجد والتي تم نقلها من مسجد مسجد السلطان حسن، وهي تقع في منتصف الصحن، كما تم ترميم قبة رواق القبلة، حيث أعيد بناءها من الأسمنت الخالص، وكذلك الحجاب الخشبي والذي تم تصنيعه بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية، وهو حجاب متفرد في زخارفه وكتاباته.
والمسجد حاليًا في خطة الترميم بالاتفاق مع مؤسسة الأغا خان، وقد تمت مرحلة التوثيق الأثري له وعمل المجسات المبدئية للأرضية الخاصة بالجامع.