د. ماريان جرجس تكتب: الزراعة التعاقدية
إن صناعة القرار فن لا تنضب أفكاره، واعادة تدوير قرارت وأفكار قديمة فى عصور سابقة اتُخذت أو كانت تٌطبق ليس خطأ، على العكس فهناك بعض من القرارات تصلح لتطبيقها مجددًا مع مراعاة أبعدية القرار فى ظل المجتمع الحديث.
ورغم أن ثورة الثالث والعشرين من يوليو جاءت لتنصف الفلاح المصرى وتمكنه من أراضٍ أكثر لايزال الفلاح لا ينعم بكل الصلاحيات المجتمعية المرجوة له, ربما مفاهيم مغلوطة هى التى تطعن العدالة الاجتماعية فى كبد واضعة الجامعى فى الصدارة عن الفلاح أو الحرفى.
فيتضح أمام أعيننا اليوم حجم التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى فى رحلته الموفقة الى الاصلاح والاستقرار مما يتطلب ضرورة ادخال الفلاح المصرى كطرف مشارك أساسى فى خٌطة الاصلاح الاقتصادى.
ويتحقق ذلك بتتويج حرفة الفلاح المصرى التى يتقنها بأسلوب علمى اقتصادى وليس فقط كبراعة الهاوى, إن الزراعة التعاقدية كانت تُطبق فى عهد محمد على ولكن تعطل العمل بها حتى يومنا هذا وهى بمثابة ميثاق أو عقًد بين الفلاح والحكومة حيث لا تترك للزارع فقط حرية اختيار المحصول أو البذور التى يحرثها ويزرعها ولكن تتم بشكل مقنن بينه وبين الحكومة, وذلك لدراية الحكومة بكثير من العوامل الملمة بها أجمعها مثل المٌناخ والتوقيت.
ليكون ذلك تطبيقًا عمليًا لاليات العرض والطلب فتدرس الحكومة المصرية على سبيل المثال حينذاك متطلبات السوق من المحاصيل الزراعية دارسة كاملة وعمل قائمة بها تثرى ادراك الفلاح عن متطلبات السوق ولا تتركها للمعرفة العشوائية بأولويات وقوانين تضمن وفرة محصول عن الاخر طبقًا لاحتياج السوق مما يقلل من استيراده ويخفف من قائمة الواردات المصرية ولعله يزيد من الصادرات أيضًا بعد الاكتفاء الذاتى المحلى.
كما أنه يضمن للفلاح بشكل كبير الربح المضمون منذ بذر البذور حتى الحصاد وتسويقه فى السوق، إن الانتاج ثم الاكتفاء ثم التصدير من العوامل الأساسية لسد عجز الموازنة العامة جنبًا الى جنب مع الصناعة ولكن تشكل الزراعة طريقًا اضافيًا فى هذا المنحى لسد احتياجات السوق واشباعها والتصدير حيث أننا نمتلك كنزًا متمثلا فى الفلاحة المصرية والأراضى الزراعية.
يأتى التثقيف فى المقام التالى وعدم اهمال المزارع وإحترام عقليته واثراءها بما يفيدها فى التطبيق العملى فلا نكتفى بنقابة للفلاحيين أو تمثيل برلمانى معين ولكن يجب أن تجوب الدورات التثقيفية لكل فلاح مصرى فى كل القرى والنجوع مشجعة له ومشجعه لتصديره لثقافته فى العادات الصحية للمدينة وربط الثقافتين ببعضهما البعض والتأكييد على احداث التوازن المجتمعى بين الاثنين – المدنى والقروى – حيث أن الاثنان هما جناحى الانتاج فى مصر، فالنظام والتقنين ووضع هياكل تنظيمية لأى حرفة أو صناعة أو زراعة ترضخ لآليات السوق وطلبه ما هو إلا حفاظًا على ذلك المنتج.