مي سمير تكتب: قطر تشتري رجال "ترامب" واللوبي اليهودي للسيطرة على البيت الأبيض

مقالات الرأي



قطر تعرض شراء شبكة "نيوزماكس" بـ90 مليون دولار بهدف تحويلها لـ"جزيرة أمريكا"

الإمارة توقع عقداً مع "بوينج" لشراء طائرات بـ6.2 مليار دولار وتلوح بإلغائه

الدوحة تدفع 2.6 مليون دولار لمسئولين بحملة الرئيس الأمريكى لتحسين صورتها

ضابط مخابرات إسرائيلى يعرقل صدور قانون يصنف قطر كداعم للإرهاب


فى ظل المقاطعة العربية لقطر، على خلفية دعم الأخيرة للإرهاب، لم تكتف الدوحة بالاستعانة بشركات العلاقات العامة الأمريكية، لتنفيذ خطة دعائية لصالح الإمارة الصغير فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الدوحة لجأت أيضاً إلى تأسيس شبكة من العلاقات الخاصة من رجال المال والسياسة فى أمريكا لضمان توسيع نفوذها داخل البيت الأبيض.

أيد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى بادئ الأمر الجهود التى تبذلها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، لمقاطعة قطر الصيف الماضى، واصفاً الدوحة بأنها «ممولة للإرهاب»، ولكن ترامب خفف موقفه منذ ذلك الحين، حيث يبدو أن حملة الضغط التى شنتها قطر على مدى أشهر كانت تحقق نتائج إيجابية.

وقال كريستيان أولريتشسن الخبير الخليجى فى معهد بيكر للسياسة الخارجية بجامعة رايس: «القطريين عززوا شبكة علاقاتهم السياسية والاقتصادية فى الولايات المتحدة منذ بداية أزمة المقاطعة العربية للتغلب على أى شكوك قد يكون الرئيس ترامب قد قام بها فى البداية بعد تغريدته فى وقت سابق لدعم التحرك السعودى والإماراتى ضد قطر»، أما الصحافة الأمريكية فكشفت شبكة رجال قطر فى واشنطن والتى تعتمد بشكل أساسى على اللوبى اليهودى وأصدقاء الرئيس ترامب.


1- رجال ترامب

ترجع المقاطعة لقطر فى المقام إلى تورط الدوحة العميق فى تمويل الإرهاب، وفى محاولة لدفع هذا الاتهام عنها توطدت علاقة قطر بعدد من كبرى شركات القانون فى الولايات المتحدة الأمريكية، والتى ترتبط بعلاقات مباشرة وطويلة الأمد مع الرئيس ترامب.

وكشفت دعوى قضائية فى الولايات الأمريكية تتهم قطر بأنها دولة راعية للإرهاب عن تلك العلاقات الوطيدة بين قطر ورجال ترامب، حيث كان إليوت برودى رفع هذه القضية ضد قطر أما المحامى نيك مزين، وهو مساعد سابق فى مجلس الشيوخ، وعمل فى حملة ترامب الرئاسية، ثم فى شركة «tonington Strategies»، وهى شركة ضغط تعمل لصالح قطر مقابل 300 ألف دولار، فوصف دعوى برودى بأنها، «واهية».

ذكرت الدعوى القضائية، اثنتين من الشركات التى استأجرتها قطر وهى شركة Ashcroft للقانون وشركة Avenue Strategies، واتهمتهما بتمكين قطر من تبييض سجلها وإخفاء الحقائق المتعلقة بدعمها للإرهابيين.

ووصف مايكل سوليفان، وهو شريك فى شركة Ashcroft، ذلك الاتهام بأنه خطير وزائف، وأضاف إن دور الشركة يتمثل فى مراجعة وتعزيز البرامج الحالية فى قطر لمكافحة غسل الأموال والإرهاب العالمى.

يذكر أن مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة Ashcroft هو جون آشكروفت هو حاكم ميسورى السابق، كما شغل منصب السيناتور الأمريكى عن ولاية ميسورى، واحتل منصب المدعى العام فى إدارة الرئيس الجمهورى السابق جورج بوش.

أما شركة Avenue Strategies فهى ملك كورى ليفاندوفسكى، مدير حملة ترامب الانتخابية والذى أسس شركته بالتعاون مع بارى بينيت المستشار السابق لحملة ترامب، وتظهر سجلات وزارة العدل أن سفارة قطر دفعت 2.3 مليون دولار لشركة Avenue Strategies بين يوليو ومنتصف يناير.

وسعت شركة Avenue Strategies وغيرها من جماعات الضغط وشركات القانون التى تعمل لصالح قطر إلى عرقلة تشريعات الحزبين التى حددت قطر لدعمها لحركة حماس، وعلى سبيل المثال، فى منتصف نوفمبر نقل بينيت إلى أعضاء لجنة الشؤون الخارجية رسالة من مسؤول مخابرات إسرائيلى سابق أعلن أن قطر لم تقدم الدعم العسكرى لحماس، كما جاء فى مشروع القانون.

واستخدمت شركة أخرى تعمل لصالح قطر، شركة Husch Blackwell Strategies، حجة الحفاظ على وظائف المواطنين الأمريكان فى الدفاع عن قطر فى أروقة الحكم فى واشنطن وفى الكونجرس لمنع صدور أى تشريع يدين تمويل قطر للإرهاب.

وحذرت الشركة فى استعراض حقائق بالكونجرس من أن عقد مع شركة بوينج للطائرات بقيمة 6.2 مليار دولار من أجل بناء مقاتلات من طراز اف -15 لقطر قد يتعرض للتهديد إذا تمت الموافقة على مشروع القانون من قبل الكونجرس.

وقد يؤدى ذلك بدوره إلى تهديد 3 آلاف موظف يحصلون على أجور جيدة فى ولاية ميسورى، حيث تقوم بوينج بتجميع الطائرات، حسب استعراض الحقائق فى الكونجرس، لكن شركة برودى دفعت بقوة من أجل تمرير مشروع القانون، حيث ضغط على المشرعين لاتخاذ موقف متشدد ضد قطر، ووافقت لجنة الشئون الخارجية على مشروع القانون فى نوفمبر، وهى تنتظر مراجعة لجنة أخرى.

لكن يبدو أن هذه الدعوة أثارت مخاوف شركة Stonington Strategies مما دفع نيك مزين، إلى كتابة تغريدة فى بداية يونيو أكد فيها أن الشركة لم تعد تمثل قطر.

وتأتى هذه الخطوة بعد أسبوعين من قيام «إليوت برودى» برفع دعوى قضائية ضد شركة Stonington Strategies ومزين وقطر لإضافة مدعى عليهم جدد، بمن فيهم شقيق حاكم قطر.

وتقول الدعوى الجديدة إن قطر اخترقت حسابات البريد الإلكترونى لإليوت برودى وشاركت محتوياتها مع المؤسسات الإخبارية فى محاولة لتشويه سمعته، ورفض المتحدث باسم السفارة القطرية، جاسم منصور جبر آل ثان، التعليق، وفى بيان صدر فى مارس الماضى، وصف آل ثان مزاعم شركة برودى، بأنها غير صحيحة واتهمه بـ»أنشطة شائنة» تهدف إلى التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية.

من ناحية أخرى كشف موقع ذا انترسبيت، عن عمق العلاقات التى تربط بين قطر وبين مايكل كوهين المحامى السابق لترامب، ونشر المحامى مايكل أفيناتى، الذى يمثل الممثلة ستورمى دانيلز، فى دعوى قضائية ضد مايكل كوهين بدعوى أنه دفع لها 100 ألف دولار لإخفاء علاقتها مع الرئيس الأمريكى.

وعلى صفحته على توتير صور تظهر أحمد الرميحى، وهو دبلوماسى قطرى سابق فى الولايات المتحدة، والرئيس الحالى لشركة قطر للاستثمار - وهى إحدى أكبر الصناديق الاستثمارية السيادية فى العالم - وهو يدخل المصعد فى برج ترامب فى 12 ديسمبر 2016، ووقعت الزيارة بعد خمسة أيام من أنباء شراء قطر 19.5 % من شركة روسنفت الروسية العملاقة للنفط إلى قطر للاستثمار، ويضيف الموقع أن كوهين طلب من الرميحى دفع مليون دولار مقابل خدماته للوساطة حول استثمار قطرى محتمل فى البنية التحتية الأمريكية.


2- لوبى يهودى

فى نفس السياق، كشفت مجلة «ماذر جونز» الأمريكية الأسبوع الماضى عن حقيقة العلاقة التى تجمع بين دولة قطر ومجموعة من رجال الأعمال والسياسة اليهود فى واشنطن لكسب نفوذ فى قلب البيت الأبيض والتأثير على اللوبى اليهودى لصالح قطر.

حسب المجلة تضم شبكة قطر فى أمريكا رجل الأعمال اليهودى جوزيف اللحام، الذى يملك مطاعم كوشير فى الولايات المتحدة والذى تبرع مؤخرا إلى منظمة ZOA، وهى مجموعة محافظة موالية لإسرائيل، بمبلغ 100 ألف دولار والذى حصل عليها من قطر فى صفقة وصلت قيمتها إلى 1.45 مليون دولار دفعتها قطر إلى اللحام لاجتذاب القادة اليهود وغيرهم إلى جانبها فى نزاعها مع الدول العربية المقاطعة، وكشف اللحام عن الدفعات التى حصل عليها من قطر فى إقراره المقدم لوزارة العدل الأمريكية للتسجيل كعميل لحكومة أجنبية.

المثير أن مورتون كلاين، رئيس منظمة ZOA والصديق القديم لمستشار الأمن القومى للبيت الأبيض جون بولتون، صرح بأنه كان لديه انطباع بأن الأموال جاءت من جيب اللحام الخاص، وأكد كلاين إنه إذا تأكد أن الأموال جاءت من قطر، فسوف يعيدها.

يعد كلاين، منتقدا حادا لقطر، وقد زار البلاد فى وقت سابق من هذا العام بناء على دعوة من الدوحة، لكنه قال إنه استخدم الزيارة للتعبير عن مخاوفه بشأن دعم البلاد لحماس وقربها من إيران والعداء لإسرائيل على قناة الجزيرة التليفزيونية المدعومة من الحكومة، وفى ضربة أخرى للجهود الدبلوماسية لدولة قطر، تراجع كلاين عن أى تقارب، مكرراً إدانته لقطر، وقال فى تصريح لموقع بولتيكو: «لقد فقدت الثقة بأنهم جادون فى التغيير».

كما أشار اللحام إنه قدم 100 ألف دولار إلى منظمة «جنودنا يتكلمون»، وهى مجموعة تنظم جولات فى الولايات المتحدة للناطقين العسكريين الإسرائيليين، بالإضافة إلى 50 ألف دولار إلى مايك هاكابى الذى زار هو الآخر قطر، وهاكابى، حاكم أركنساس السابق، هو واعظ إنجيلى بارز فى المجتمع المسيحى المؤيد لإسرائيل.

وشملت جهود اللحام لصالح قطر التواصل مع الداعين الأمريكيين البارزين لإسرائيل، بما فى ذلك ألان ديرشوفيتز، وهو مستشار غير رسمى لرئيس ترامب، وسافر ديرشوفيتز إلى قطر فى يناير لمناقشة تحسين العلاقات مع الجالية اليهودية، وهى خطوة أثارت الجدل فى إسرائيل وبين الصهاينة الأمريكيين بسبب دعم قطر لمنظمة حماس الفلسطينية الأصولية وعلاقات الدوحة الوثيقة مع إيران.

والمثير أن منذ تسجيله كعميل أجنبى، بدأ اللحام فى الهجوم على قطر ووصفها بأنها معادية للمصالح الإسرائيلية والأمريكية.


3- تحركات إعلامية

وكشف موقع بولتيكو أن الحكومة القطرية سعت إلى الحصول على حصة كبيرة فى شركة نيوزماكس، وهى الشركة الإعلامية المحافظة التى يديرها كريس رودى صديق الرئيس دونالد ترامب، بحسب شخصين على علم بالمحادثات، وتساعد هذه الصفقة، فى حالة إتمامها، فى دعم الموقف القطرى فى وسائل الإعلام الأمريكية، إلى جانب تحقيق مزيد من التقارب بين قطر والبيت الأبيض.

أضاف تقرير بولتيكو أن مسؤولين قطريين التقوا بممثلى نيوزماكس فى مناسبات عديدة هذا العام، وفقا لأناس مطلعين على المعاملات. ورفض كريس رودى التعليق على هذه المعلومات ولكنه أشار: «هذا كله غير صحيح». كما امتنع متحدث باسم السفارة القطرية عن التعليق.

وحسب بولتيكو، يقول الشخصان المطلعان، على اهتمام قطر بشركة نيوزماكس، إن المحادثات مع الشركة أشرف عليها محمد بن حمد بن خليفة آل ثانى، الأخ الأصغر للأمير القطرى تميم بن حمد آل ثانى.

وتأتى هذه المحاولة خلال تدافع جنونى من قبل النظام الملكى الخليجى الثرى لكسب الأصدقاء والنفوذ فى الولايات المتحدة بينما كانت تكافح الإمارة الصغيرة للرد على قرار المقاطعة الذى أقره ترامب من قبل جيرانها العرب.

الوضع الحالى للمحادثات غير واضح. الاستثمار سيجعل قطر تتمتع بمؤازرة مؤثرة على الرئيس الأمريكى وسيعزز النفوذ القطرى فى عالم الإعلام الأمريكى المحافظ.

فى حين أن لدى الحكومة القطرية الكثير من الدولارات، فإن أخذ الأموال من البلاد يحمل مخاطر سياسية، خاصة بالنسبة للشركات التى تعمل فى دوائر محافظة، بسبب علاقات قطر الوثيقة مع إيران وتمويل قطر للتنظيمات الإرهابية.

وعند مواجهة كريس رودى بتفاصيل حول هذه المحادثات، وصف المعلومات بأنها «غير مثبتة» لكنه لم يذكر تفاصيل. عندما علم فى وقت لاحق من النشر الوشيك لمجلة بولتيكو لهذه المقالة، كتب على توتير: «هذا كله غير صحيح»، ورفض المزيد من التعليق.

واستمتع رودى، وهو لاعب طويل فى وسائل الإعلام المحافظة، بنفوذ إعلامى وسياسى منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وهو من بين مجموعة من الأصدقاء التى يستشيرها ترامب بانتظام سواء خلال جلسات الاتصال الهاتفى التى يجريها الرئيس الأمريكى مع أصدقائه المقربين بعد ساعات الدوام الرسمى فى البيت الأبيض أو خلال الإقامة فى نهاية الأسبوع فى مارلاجو، مزرعة ترامب الخاص فى بالم بيتش بولاية فلوريدا حيث يعيش رودى.

ورفض جاسم منصور جبر آل ثان، المتحدث باسم السفارة القطرية فى واشنطن، التعليق، ولم يعلق جرايم ويلسون، المتحدث باسم جهاز قطر للاستثمار، على الفور، ووفقا لأحد الأشخاص الذين لديهم معرفة بالمحادثات، بدأت الاجتماعات فى يناير وعقدت فى نيويورك فى مزرعة مارلاجو.

وجرت محادثات أخرى خلال الأسبوع الأول من أبريل، عندما كان الرئيس التنفيذى لهيئة الاستثمار القطرية المملوكة للدولة وعدد من أعضاء الحكومة القطرية فى فلوريدا، وفقاً لما ذكره الشخص الثانى الذى كان على علم بالمحادثات، ويتوقع القطريون أن تصل قيمة الصفقة إلى 90 مليون دولار، وفقا لعدد من المصادر، وستستخدم الأموال إلى حد كبير لتوسيع عمليات التليفزيون للشركة، وفقا لأحد المصادر.

وأنهت مجلة بولتيكو تقريرها بالإشارة إلى أن قطر جعلت الاستثمار التليفزيونى حجر الزاوية فى استراتيجيتها للتأثير الأجنبى، وغالباً ما تستخدمه ضد جيرانها، وقد كان قرار المقاطعة المفروض على قطر مدفوعاً جزئياً بسبب سياسة شبكة الجزيرة التى تديرها الدولة، والتى غالبا ما تبث تغطية إخبارية تنتقد حكومات دول الخليج الأخرى.

فى 13 إبريل، نشرت نيوز ماكس تغطية إخبارية لزيارة الأمير القطرى للولايات المتحدة كانت إيجابية إلى حد كبير، ومدحت الزيارة، ووصفت الاستثمار القطرى فى الولايات المتحدة باعتباره «نعمة للاقتصاد الأمريكى».

وتكشف هذه المعلومات أن الدوحة تسعى لكسب نفوذ فى البيت الأبيض حتى لو كان هذا يعنى التحالف مع اللوبى اليهودى أو دفع ملايين الدولارات إلى أصدقاء ترامب، فى سياسة تعكس إيمان قطر بأن الغاية تبرر الوسيلة.