"سابقة خطيرة لم تحدث من قبل".. قرار "الأعلى للإعلام" بوقف النشر في قضية 57357 يثير أزمة
في الساعات القليلة الماضية، أثار قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بوقف
النشر في قضية فساد مستشفى 57357 ردود أفعال واسعة بين رفض وتأييد، حيث أكد بعض
المنتقدين لهذا القرار أنه ليس من اختصاصات المجلس، ولكن منع النشر من اختصاصات
النيابة العامة فقط، وأكد مؤيدون أن قانون إنشاء المجلس يُعطي له الحق في وقف نشر
"المادة الصحفية" في أي وقت.
وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد،
أصدر قرارًا أمس الأربعاء، بوقف كل أنواع النشر في قضية فساد مستشفى سرطان الأطفال
57357، مرئية ومقروءة ومسموعة، وذلك لحين انتهاء اللجنة "القضائية"
المُشكلة من تحقيقاتها في الأمر.
وتنص المادة 26 من قانون المجلس الأعلى للإعلام على أنه "مع عدم الإخلال باختصاص النيابة العامة، يُحرك المجلس من تلقاء نفسه أو بناء على شكوى تقدم إليه، الدعاوى القضائية عن أي مخالفة لأحكام هذا القانون، أو إذا رصدت لجنة تقويم المحتوى انتهاكًا من أية مؤسسة صحفية أو إعلامية للقواعد والمعايير المهنية والأعراف المكتوبة (الأكواد)، ويضع المجلس لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية والمؤسسات الصحفية القومية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الإعلامية العامة والوسائل الإعلامية والوسائل الإعلامية العامة، حال الإخلال بأحكام هذا القانون وإجراءات التظلم منها".
وأضاف في تصريحات لـ"الفجـر"،
أن المجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشورى لم يُصدرا مثل هذا القرار "المخالف للدستور
والقانون" من قبل، مؤكدًا أن الجهات المُخول لها إصدار قرار بمنع النشر في أي
قضية هم: النائب العام، إذا كانت النيابة العامة تنظر القضية، أو المحكمة التي تنظرها،
وذلك إذا كان النشر يؤثر على مقتضيات التحقيقات.
وأكد "عبدالرحيم"
أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة إدارية، ويجوز الطعن على قرارها بمحكمة القضاء
الإداري، مؤكدًا أن المجلس والهيئة الوطنية للصحافة دورهم الأخلاقي والمهني والقانوني
أن يدافعوا عن حرية الصحافة، ومحاربة منع النشر، وليس أن يكونوا جهة لمنع النشر وحظره.
وتابع: مجلس نقابة الصحفيين
سيدرس هذا القرار الخطير، ومن الممكن أن نقوم بالطعن عليه في محكمة القضاء الإداري،
حتى لا يتكرر ذلك في المستقبل، وهو ما يُشكل سابقة خطيرة.
قلاش: قرار المجلس "اعتداء على
الدستور" وفي غاية الخطورة
وقال الكاتب الصحفي يحيى
قلاش نقيب الصحفيين السابق، إن قرار المجلس الأاعلى لتنظيم الإعلام، بوقف النشر في
قضية فساد متشفى سرطان الأطفال 57357 هو اعتداء على الدستور، مؤكدًا أنها ليست سلطة
من سلطاته، وأنه غير مخول له اتخاذ مثل هذه القرارات.
وأضاف في تصريحات لـ"الفجـر"،
أن المجالس المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي، يجب أن تنظم الحقوق وليس أن تمنعها أو
تعوقها، مؤكدًا أن قراره يعوق تلك الحريات، واصفًا القرار بأنه "في غاية الخطورة".
ووصف "قلاش"
هذا القرار بأنه من "أدوات القمع"، وينفذ تعليمات الجهة التنفيذية في محابة
الصحافة، موضحًا أن المادة 26 من قانون إنشاء المجلس ليس لها علاقة بوقف النشر في أي
قضية.
وأكد "قلاش"
أن المجلس كان أولى له أن يقف أمام مشروعات القوانين التي تقوم بإعدام الصحافة وتُبيد
المهنة، والتي وافق عليها مجلس النواب مؤخرًا، وليس أن يقف في موجه حرية الصحافة والنشر.
عبدالله السناوي: قرار الأعلى للإعلام
"انتكاسة" وأطالب بتصحيحه
وقال الكاتب الصحفي عبدالله
السناوي، إن سلطة المجلس هي الرقابة وليس إصدار قرارات بحظر النشر في أي قضية
كانت، مؤكدًا أن هذا القرار يطرح العديد من التساؤلات والشكوك التي ليس لها لزوم
على الإطلاق.
وأضاف في تصريحات لـ"الفجـر"، أن من فجر القضية لديه مستندات تثبت صحة
ما قام بنشره، وهو ما يستدعي التحقيق الفوري وليس حظر النشر، خاصة وأن الرأي العام
له حق في معرفة الحقيقة والرد على كافة تساؤلاته، مؤكدًا أن القرار يُلقي بظلال
كثيفة ويطرح الشكوك، خاصة وأنه قد يتبادر أسئلة وراء هذا القرار للمجلس ونظام
الحكم.
ووصف "السناوي" هذا القرار بـ"الانتكاسة"، مطالبًا المجلس
الأعلى لتنظيم الإعلام بدراسته وتصحيحه، متابعًا: التحقيق الاستقصائي ليس جريمة،
والصحافة ليست جريمة، والنشر ليس جريمة، وإلا نُلغي مهنة الصحافة من الأساس، إذا
كان هناك خطأ في النشر تُحاسب المؤسسة، ويتم إحالة الصحفي نقابته المختصة، ويتم
نشر الرد، وليس أن يتم حظر النشر في الأمر من الأساس.
وطالب "السناوي" بأن يتم
إحالة الأمر للنيابة العامة لمباشرة التحقيق، خاصة وأنها الجهة الوحيدة المُخول
لها حساب المتجاوز في هذا الأمر، ومن الطبيعي أن تتولى النيابة العامة الأمر، بعد
تشكيل وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة غادة والي للجنة لبحث الأمر، وألا يُعفى
أحد من المسائلة إذا ثبت شبهة فساد.
أستاذ إعلام بجامعة القاهرة: قرار المجلس
"متسرع" وفهم المادة 26 خاطئ
وقال الدكتور محمد المرسي الأستاذ
بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تطوع بإصدار قرار
ليس من اختصاصاته، مؤكدًا أن دور المجلس هو أن يتابع القنوات الفضائية والصحف، وأن
يحاسب المخالفين أخلاقيًا ومهنيًا، وأن يتعامل مع المؤسسات المخالفة لذلك، وليس أن
يحظر النشر في قضية ما، خاصة وأن دور المجلس هو دعم حرية الصحافة والنشر وليس
منعها.
وأضاف في تصريحات لـ"الفجـر"، أن القضية تتعلق بالفساد الذي تحاربه
الدولة من الأساس، والنشر في هذا الأمر لا يضر بالصالح العام ولكن يساعد على كشف
المزيد من الفساد الذي تحاربه الدولة، مثلما تفعل هيئة الرقابة الإدارية، التي
تقوم بنشر قضايا الفساد التي تكشفها، وهو ما يؤكد أن النشر في هذا الصدد لا يضر
الصالح العام ولا يؤخر التحقيقات.
وأكد "المرسي" أن اللجنة المُشكلة للتحقيق في القضية هي لجنة إدارية
وليست قضائية كما وصفها المجلس في بيانها، موضحًا أن قراراتها إدارية ولا ترقى
لقرارات اللجان القضائية.
وتابع: لأول مرة يصدر قرار من هذا النوع من جهة غير مختصة، والجهتين المخول لهما
إصدار هذا القرار هو النائب العام والمحكمة التي تنظر القضية فقط، والمجلس فهم
المادة 26 من قانون إنشائه بشكل خاطئ، فليس من حقه حظر النشر، ولكن توقيع الجزاءات
على المخالفين للأكواد الأخلاقية والمهنية.
ووجه "المرسي" رسالة للمجلس الأعلى لتعنظيم الإعلام قائلًا: "لديك
مهام ومسؤوليات أخرى في ضبط المشهد الإعلامي ومتابعة المخالفين من القنوات والصحف،
وليس من شأنك إصدار قرار يخص حظر النشر في أي قضية، حتى لو كانت تمس الأمن القومي.
وشدد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الصحيفة والقناة تُحاسب إذا قامت بنشر
معلومات خاطئة تخص القضية، ويتم إحالة الصحفي أو الإعلامي لنقابتهما المختصتين،
على أساس خطأ مهني أو أخلاقي أو الإضرار بالأمن القومي، وليس حظر النشر في الأمر
من الأساس.
ووصف "المرسي" قرار المجلس بـ"المتسرع"، مطالبًا بإعادة النظر
فيه ودراسته ومراجعته، خاصة وأنه خروج عن مهامه الرئيسية، مؤكدًا أنه لا يوجد داعي
لإثارة المجتمع الإعلامي بأشياء ليست في صميم عمله.
الأعلى للإعلام: أصدرنا القرار رغبة في
حفظ سرية التحقيقات
بينما قال حاتم زكريا عضو المجلس
الأعلى لتنظيم الإعلام، إن النائب العام
صاحب الاختصاص في حظر النشر بالقضية، مؤكدًا أن المجلس أصدر القرار رغبة منه في حفظ
سرية التحقيقات التي تُجريها اللجنة الوزارية المُشكلة بقرار من وزارة التضامن الاجتماعي،
فضلًا عن سعيها الدائم للحفاظ على القواعد المهنية الخاصة بالإعلام.
وأضاف في تصريحات
لـ"الفجـر"، أن جزاءات المخالفينه لهذا الحظر تتنوع ما بين الغرامات والإيقاف
الدائم والمؤقت، حيث تصل الغرامات أحيانًا إلى أكثر من 250 ألف جنيه.
مكرم محمد: حظر النشر "ضرورة" للحفاظ على المؤسسة العالمية
وقال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد
رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إنه لا يريد تصوير قرار المجلس بحظر النشر في القضية
على أنها حظر أو ممارسة لعمل السلطة القضائية، مؤكدًا أنه كان يتمنى أن يكون قرار المجلس
على سبيل المناشدة، إلا أن ذلك سيكون بمثابة "الدخان في الهواء الذي ليس له أي
أثر".
وأضاف في تصريحات
إعلامية، أن حظر المجلس للنشر في هذه القضية كان ضرورة للحفاظ على المؤسسة ذات السمعة
العالمية، مُعتبرًا أن حظر النشر ليس خطأ في المطلق، إلا أنه قد يكون ضرورة في بعض
الأوقات.
وأكد "مكرم"
أنه لا يريد تصوير موقفه على أنه يقف في صف المستشفى أو يعارض المنتقدين، وأنه لابد
من ترك الفرصة للجنة تقصي الحقائق لمباشرة عملها، مضيفًا أنه يحترم أراء المنتقدين،
وفي حالة وجود جديد يمكن كشفه في هذا الأمر فإن المجلس يضمن نشره.
وأوضح أن مؤسسات الدولة
مثل الأزهر والكنيسة والرئاسة ومستشفى 57357 ليسوا فوق النقد لكن ذلك يكون بأصول.