أبو الغيط أمام البرلمان العربي: فلسطين ستظل قضية العرب الأولى
قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، في الكلمة التي ألقاها أمام أعضاء البرلمان العربي، اليوم الأربعاء 4 يوليو، أثق في أن جلستكم ستلمس كافة جوانب الواقع العربي.
وأضاف الأمين العام، في كلمة حصلت "سبوتنيك" على نسخة منها، مخاطبا أعضاء البرلمان العربي: "أنتم صوت الشعوب العربية، المعبرون عن طموحاتها وهمومها، والعلاقة بينكم وبين الحكومات هي في نهاية الأمر علاقة شراكة كاملة وتضافر في الجهد من أجل رفاهية الشعوب، ودوركم في منظومة العمل المشترك جوهري، لأن هذه المنظومة لا يمكن ولا ينبغي لها- أن تكون قاصرة على الجانب الرسمي وحده.. وإنما لا بد أن يكون للشعوب فيها صوت مؤثر وفعال ومسموع".
وتابع أبو الغيط: "نعرف جميعا أن القضايا التي تواجه أمتنا العربية في السنوات الأخيرة ضاغطة وخطيرة، فما من شك في أن العديد من بلادنا لا يعيش ظروفا عادية وإنما حالة أزمة، مع التفاوت في حدة هذه الأزمات ومدى اتساعها وخطورتها".
ومضى: "في كل الأحوال فالأزمات لا تبقى محصورة في دولة أو إقليم جغرافي بعينه، وإنما تنعكس آثارها وتبعاتها على العالم العربي بمختلف شعوبه وعلى صورته لدى العالم الخارجي، وقدرته على حشد طاقاته وموارده من أجل البناء والتنمية".
وأشار إلى أنه "برغم اتساع مساحة الأزمات وتعقد مسارات الحل وتفاقم الكُلفة البشرية والمادية استمرار الصراعات في بعض دول عالمنا العربي، فضلا عن التحديات الأمنية الخطيرة، التي ما زال يشكلها الإرهاب على استقرار المنطقة".
وقال أبو الغيط: "اغتنم فرصة مشاركتي في هذه الجلسة لأسلط الضوء مجدداً على التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية في هذا المنعطف الحاسم".
وأكد أن من يظن أن الأزمات العربية الراهنة هي فرصة لتمييع القضية الفلسطينية أو التغطية عليها أو تصفيتها مخطئ في قراءة المشهد، ومخطئ في فهم الرأي العام العربي، القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولكنها قضية العرب، وكل العرب، وستبقى كذلك إلى أن يجد هذا الصراع التاريخي حله العادل والشامل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى أن الدبلوماسية العربية تواجه تحديا حقيقيا بالتصدي للهجمة الخطيرة، التي تتعرض لها القضية الفلسطينية منذ إعلان الإدارة الأمريكية عن قرارٍ أحادي الجانب بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل تنقل سفارتها إليها، واصفا القرار بأنه "تخلى من خلاله الجانب الأمريكي، بهذا القرار وغيره من الإجراءات الأحادية، عن حياده إزاء النزاع الأطول أمدا في المنطقة، بل صارت الولايات المتحدة جزءا من المشكلة بدلا من أن تكون جسرا إلى الحل، وأسهم عدد من القرارات الأمريكية المتتالية في إيصال رسالةٍ للجانب الفلسطيني والعربي بأن الولايات المتحدة لا تعبأ بقضية الفلسطينيين، ولا تأبه لمعاناتهم الممتدة، حتى إنها لم تجد غضاضة في تقليص إسهامها في موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من 350 مليون دولار، إلى 60 مليون دولار، وهو ما يهدد معيشة ما يقرب من ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون على الوكالة في معيشتهم، داخل الأراضي المحتلة وفي دول الجوار العربي، فضلا عن نصف مليون طفل فلسطيني قد لا يستطيعون مواصلة تعليمهم في سبتمبر/أيلول المقبل، إن بقي الوضع على حاله، ويكفي أن نتأمل الوضع في قطاع غزة المحتل، المحاصر من دولة الاحتلال منذ 12 عاما، لندرك أن انفجار الأمور صار احتمالا واردا في كل لحظة".
ومضى بقوله: "لقد علمنا الشعب الفلسطيني دوما أنه عصي على الانحناء، غير قابل للتطويع أو الإخضاع، وها هم الفلسطينيون يقدمون عشرات الشهداء في يوم افتتاح السفارة المشئوم ليعرف العالم الوجه الحقيقي للاحتلال البغيض، الذي لن يستطيع إخفاءه مهما حاول تجميل الصورة، ومنذ مظاهرات يوم الأرض في 30 مارس/آذار، وإلى اليوم حصدت آلة البطش والعدوان الإسرائيلية ما يربو على 135 شهيدا، وتجري الجامعة العربية في هذه الأثناء الاتصالات اللازمة من أجل الإسراع بتشكيل لجنة تحقيق في الجرائم، التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة المحتل منذ 30 مارس الماضي".
وقال إن الدول العربية تخوض معركة حقيقية على الصعيد الدبلوماسي من أجل تثبيت الحق الفلسطيني، وضمان أن يبقى القرار الأمريكي معزولا وغير قابل للتكرار أو الاستنساخ، ونجح الجانب العربي في استصدار قرار هام من الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 13 يونيو الماضي في شأن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وهو القرارُ الأول من نوعِه في هذا الباب، ويُعد استكمالاً للقرار الذي كانت الجمعية العامة قد اعتمدته في ديسمبر الماضي في شأن القدس.
وتابع: "لقد آثرت أن أقصر حديثي أمامكم اليوم على القضية الفلسطينية عارفا بأن الأجندة العربية مزدحمة القضايا والأزمات عامرة بالمبادرات والتحديات، التي سوف تتطرق إليها مناقشاتكم وأعمال جلستكم، غير أن يقيني أنكم تشاركوني الرأي في أن هذه القضية، وهي قضيتنا جميعا، تمر بلحظة حاسمة تتطلب منا يقظة كاملة، وعملا متضافرا، وجهدا متواصلا لا أظن أنكم تبخلون به أو تقصرون فيه".