منال لاشين تكتب: شعبية الرئيس وشرعية 30 يونيو
خوفا على أغلى ما نملك
لأسباب كثيرة ارتبطت شعبية السيسى بشرعية 30 يونيو فهو البطل والمنقذ
الضغوط الاقتصادية دفعت "فلول" مبارك و"خرفان" الإخوان لمعايرة المصريين بضيق العيش
تدخل ثورة 30 يونيو عامها السادس، وقد توارت الكثير من المشاعر والأحاسيس التى عشناها خلال ثورة 30 يونيو المجيدة.. نتذكرها الآن كيوم إجازة رسمى وبعض دعوات مضحكة على الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعى للتظاهر رفضا لإجراءات خفض الدعم ورفع الرسوم. نتذكرها من خلال الأغانى التى ستعيد وتزيد الفضائيات فى بثها. بشرة خير وتسلم الأيادى.. ربما لم يتسع الوقت بعد لفيلم عن الثورة أيامها وحكاياتها وأهدافها وأحلامها أو بالأحرى أحلام المصريين أحلامنا. تبدو الثورة الآن كذكرى جميلة ولكنها غائمة إلى حد ما. ولكنها بالنسبة لى محفورة فى قلبى وعقلى لم تبعدها لا مشاكل أو صعوبات الحياة ولا ضربات ارتفاع الأسعار.. ثمة أحداث لا يمكن نقلها أو زحزحتها من مكانها لا فى التاريخ ولا فى القلب.ولكننى فى الوقت ذاته أخشى على هذه الثورة الغالية من تراكم الأعباء والغضب لدى نسبة لا تحب الاستهانة بها لدى الشعب المصرى، ولذلك فإن أعظم تكريم للثورة هو الحفاظ عليها طاهرة من أى شوائب مرتفعة عن أى نواقص.ولا تمس شرعيتها السياسية أو الاجتماعية ولا شعبيتها لدى ملايين المصريين.
1- شعبية الرئيس
منذ البداية كان الرئيس السيسى واضحا تماما فى إصراره على بدء واستكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى حتى لو تأثرت شعبيته الكاسحة بهذه الإجراءات بل إن الرئيس السيسى قال ذلك بمنتهى الوضوح والصراحة ونفذ ذلك عمليا بمنتهى الصرامة والسرعة. وأخلاقيا فإن هذا موقف يحسب للرئيس على المستوى الأخلاقى والسياسى، لأن كل الرؤساء يضعون نصب أعينهم الحفاظ على شعبيتهم.ويتابعون استطلاعات الرأى العام بشغف وخوف. ولكن الرئيس السيسى كان ولا يزال مؤمنا بما يفعله. ولذلك لم يهتم الرئيس كثيرا باستطلاعات الرأى العام التى أظهرت بعض التراجع فى شعبيته.
ولكن بعيدا عن الجانب الأخلاقى فإن ثمة نظرة أخرى أعمق وأشمل فى قضية شعبية الرئيس السيسى. ثمة علاقة طردية وعضوية بين شعبية الرئيس وبين شرعية ثورة 30 يونيو. فلأسباب كثيرة ارتبطت شعبية الرئيس السيسى بثورة 30 يونيو وشرعيتها. المصريون طلبوا وناشدوا الرئيس حين كان وزيرا للدفاع للوقوف معهم ضد الإخوان ومنحوه تفويضا لمكافحة الإرهاب وطالبوه وألحوا فى ترشحه للرئاسة مرة بعد أخرى، ومن هنا حدث هذا الارتباط العضوى بين الرئيس السيسى وثورة 30 يونيو، ولذلك حدث ارتباط عضوى بين شعبية الرئيس السيسى وشرعية 30 يونيو. ولاشك أن الحفاظ على شرعية 30 يونيو على كل المستويات هو واجب كل مسئول بل كل مواطن مصرى.
2- شرعية 30 يونيو
هناك مستويات عديدة لشرعية أى ثورة، فهناك المستوى الدستورى والقانونى والسياسى والشعبى والاجتماعى. وقد منح الدستور المصرى شرعية لكل من ثورتى 25 يناير و30 يونيو. وتحولت هذه الشرعية لبعض القوانين مثل قوانين تكريم أو معاشات أو تعويضات لأبطال ومصابى الثورة.
وهناك شرعية دستورية تبلورت فى دستور جديد وبرلمان جديد وانتخابات رئاسية. ولكن مكونًا من الشرعية السياسية مُفتقد للخلافات بين تحالف 30 يونيو.
من وجهة نظرى أن الشرعية الشعبية والاجتماعية لثورة 30 يونيو قد تأثرت ومرشحة لمزيد من التأثر نتيجة لتأثر شعبية الرئيس السيسى وذلك على خلفية الضغوط الاقتصادية.وهذه الضغوط نتيجة لإجراءات خطة الإصلاح الاقتصادى، وما تبعها من تعويم وخفض دعم.
فلاشك أن كلا من فلول مبارك من ناحية وخرفان الإخوان من ناحية أخرى قد علت أصواتهم وأصبحوا أكثر جرأة فى السخرية من المواطنين الذين قاموا بثورتى يناير ويونيو. والشماتة فى المصريين نتيجة ارتفاع الأسعار غير المسبوق.
كلا من الإخوان والفلول يعايرون المصريين بالفقر والضغوط ويصورون الأمر وكأنه إحدى نتائج ثورة 30 يونيو.
وبعيدا عن الإخوان والفلول فإن الضغوط الصعبة تدفع كل يوم بمواطنين إلى حد الفقر وبالكفر بما آمن به منذ ست سنوات، كما أن الضغوط الاقتصادية قد تدفع آخرين بالوقوع فى دائرة الشك فى صواب موقفهم أو بالأحرى تأييدهم لثورتى 25 يناير و30 يونيو. وهذه مشاعر لا يجب الاستهانة بها أو تجاهلها وتركها بدون تحليل وتصدى لها. لأن الأمر كما قلت يرتبط بشرعية ثورة عظيمة لا يجب أن نتركها نهبا للشكوك أو الغضب.
فلقد قال سيدنا على بن أبى طالب: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، فلا تتركوا المصريين بين مطرقة الفقر وسندان الثورة، هذه ظاهرة لا يجب تجاهلها.
3- أهداف سريعة
وربما يكون التصدى لها إعلاميا وأردد أو مطلوب من وجهة نظر البعض، وربما يجب أن يلعب النواب دورا فى التصدى لهذه المشاعر أو بالمواقف مطلوبة أيضا من وجهة نظر بعض مؤسسات الدولة.
ولكن من وجهة نظرى فإن أهم وسيلة للتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة هو العمل سريعا على تحقيق بعض أهداف المواطنين من ثورة 30 يونيو التى تصب فى حياتهم مباشرة وتخفف بعضا من معاناتهم. ويجب أن يكون على رأس أولويات أى حكومة. ولكى يتحقق ذلك فإن العمل على تمكين الفقراء والطبقة المتوسطة هو فرض عين على أى حكومة. وتمكين الفقراء أو مساندة الطبقة المتوسطة يختلف جذريا عن أسلوب المعونات التى تقدم للفقراء. لأن التمكين يبدأ من التشريعات والقرارات.وقد يفاجأ البعض لو قلت: إن الحكومة الوحيدة التى عملت على تمكين الفقراء ودعم الطبقة المتوسطة منذ ثورة 30 يونيو هى حكومة الدكتور حازم الببلاوى والتى كان بها عدد لا بأس به من الوزراء السياسيين الذين يؤمنون بنظرية العدالة الاجتماعية. أذكر منهم الدكتور حسام عيسى والدكتور زياد بهاء الدين وكمال أبوعيطة.ولابد لأى وزير فى حكومة المهندس مدبولى ولمدبولى نفسه أن يضموا إلى خططهم خطة سريعة وقصيرة الأجل لدعم الطبقة المتوسطة وخطط أخرى متوسطة الأجل للتمكين الحقيقى للفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة.
وأخيرا وعلى الرغم من كل ما يحدث وعلى الرغم من الطعنات فلن ولم أندم طوال عمرى على مشاركتى وإيمانى بثورتى 25 يناير و30 يونيو.
وكل عام ومصر بخير