1700 سنة على أرض"أبو مينا" العجائبي.. الحج الثاني لأقباط العالم في الإسكندرية (فيديو وصور)

محافظات



بقعة هادئة وساكنة في أقصى غرب الإسكندرية  تتناثر شواهدها التاريخية من الأعمدة الرخامية وباق جوانب ابنيتها القديمة، يخرجها عن صمتها صلوات كنيسة"العذراء مريم" المقامة من الخشب في قلبها، وزيارات من جميع أنحاء العالم وأبناء الكنيسة، لمشاهدة أثر القديس مارمينا الذي تتبعه تلك المنطقة بالكامل.

أسطورة الشخصية المصرية المسيحية  القديس"مارمينا"، وتحول تلك المنطقة التي تعد مدفنه الأصلي إلى مشفا عالمي قديماً، يأتي إليه جميع طوائف العالم للحج والاستشفاء والتبرك برمالها، جعلتها منظمة اليونسكو منذ عام 1979 ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي، لتكون هي المنطقة القبطية الأرثوذكسية الوحيدة في قائمة تراث اليونسكو.

بدء مشروع سحب المياه الجوفية من المنطقة الأثرية خلال أيام 

مرور 1700 سنة على تكريس تلك المنطقة الأثرية للقديس"مارمينا" تحتفل به الكنيسة القبطية المصرية اليوم بإقامة الصلوات داخل المنطقة، واستقبال زيارات يومية من جميع أقباط المحافظات، القمص تداوس أفامينا مسئول ملف المنطقة الأثرية التابعة لدير مارمينا كشف عن أنه خلال أيام قليلة سيتم سحب المياه الجوفية حول المنطقة الأثرية، لإزالتها من المنطقة الخطرة الحمراء في قائمة اليونسكو والاحتفاظ بها كميراث إنساني عالمي.

بدء معجزات القديس مارمينا العجائبي

 القمص تداوس أفامينا في ذكرى مرور 1700 سنة على تلك المنطقة روى أهميتها التاريخية والتراثية، والتي عبر في بداية حديثه عن أنه يتم الحفاظ عليها من أجل ضمائرنا والأجيال القادمة، متحدثاً أن  القديس مارمينا هو أشهر شهيد مصري، قد ولد في عام 285 ميلادياً في محافظة المنوفية،كان والده حاكم شمال إفريقيا، وقد كانت والدته لم تنجب، وقد تشفعت بالعدراء والتي أنجبته، وعقب تسعة سنوات توفى والده، عقب إحد عشر عاماً توفت والدته، ثم دخل القديس مينا الجيش الروماني وتعلم فنون القتال طوال مدة ثلاث سنوات.

الصديق اثانسيوس أهم محطات حياة القديس الذي حكى له عن تربيته وكيفية احترام بيت الله، وعقب أن الترك القديس مارمينا الجندية عاش في الصحراء الغربية لمدة 5 سنوات، يحيي حياة الزهد والتقشف، ثم اعترف القديس مارمينا بالمسيحية، وقد تم تعذيبه لمدة سنة كاملة، لكنه ظهرت العجائب، فعندما كان يتم نشره بالمنشار كان جسده يرجع مرة أخرى، حتى توفى عام 309 ميلادياً، وقد كان عمره 24 سنة.

قصة منطقة القديس مارمينا في الإسكندرية

القمص"تداوس" يتحدث أن تلك المنطقة قديماً كان يأتي إليها البربر من شمال إفريقيا، وقد كانوا يسرقونها، وقد استغاث سكان المنطقة بالأمبراطور الروماني، وقد اخذ القائد اثانسيوس عظام صديقه"مارمينا" لكي يتبرك به أثناء الحرب، وأثناء طريقهم في البحر، قد خرجت عليهم وحوش بحرية كادت أن تلتهم، ثم خرجت من عظام ابومينا ألسنة نارية على تلك الوحوش، وقد كانت أحد عجائبه، لذلك سمى بأبومينا العجائبي.

عقب الانتهاء من الحرب مع البربر وطردهم من تلك المنطقة، وضعت عظام أبو مينا على أحد الجمال لكي يتم العودة، وقد برك الجمل، ثم تم وضعه على جمل أخر وقد برك أيضاً، وقد عرفوا أن القديس مارمينا يريد أن يدفن في تلك الأرض، وقد طلب اثانسيوس حضور رسام وخطاط، وقد طالب الرسام برسم شاب عمره 24 سنة حواليه جملين ووحوش بحرية، لتظل هي الأيقونة الشهيرة إلى اليوم للقديس مينا، وقد كتب الرسام برقية على الخشب عن حياة أبو مينا.

رمال مدفن أبو مينا تحول المنطقة إلى مشفى عالمي

راهب الدير يكمل أنه عقب دفن عظام القديس مينا تحولت تلك المنطقة إلى مشفا لكي من يريد الشفاء في مصر، وقد انتشر في وقتها مرض لكوليرا، وقد جدوا ان تراب تلك الأرض يشفي المرضى، ولم يعرف احد ما هو السر في تلك المنطقة، وقد كانت بحيرة مريوط القريبة من المنطقة التي كانت ميناء تجاري بين افريقيا واوربا، قد نقل التجار الماريين الحكايات عن تلك المكان، وقد استطاعت رمال ومياه تلك الأرض شفاء ابنة  امبراطور القسطنطينية من مرض الجزام.

أرض أبومينا الحج الثاني للأقباط

في القرن الخامس بنى البطريرك"سئافيلوس" في تلك الأرض كاتدرائية على شكل صليب طولها 61 وعرضها 51، مكونة من 51 عامود ما زالت المنطقة محتفظة به داخل ساحتها، وقد كانت من دورين يأتي إليه كل العالم، حتى تحولت إلى الحج الثاني عقب مدينة القدس، وقد كان يأتي إلى الكنيسة تبرعات توزع على جميع كنائس مصر، وقد كانت الدخل الرئيسي للكنيسة.

قد تحولت المنطقة إلى مدينة متكاملة مكونة من الفين فدان، يحميها 11 ألف جندي روماني، 3 بوابات واشتهرت بصناعة الفخار والزجاج ومعاصر الزيتون والعنب، وقد كانوا يصنعون القرورة والعروسة والحصان الفخار، وعندما جاء الإسلام في القرن السادس أخذوا صناعة الحصان والعروسة في الاحتفال بالمولد النبوي، كنوع من تأثر الحضارات ببعضها.

ويضيف القمص تداوس أن المدينة ازدهرت من القرن الرابع إلى التاسع، وقد كانت مدينة رخامية وبها فن الموازييك، وقد كانت أوربا تصدر للمدينة لرخام من أجل القمح، عقب ذلك استولت مجموعة استولت على اسكندرية ونهبت المدينة ومنعت الزائرين عنها،  وانتهت المدينة بالكامل، ثم أخذت اعمدتها، لبناء مدينة السمراء في العراق، وقد كان أخر ظهور للمدينة في عهد الوالي محمد علي باشا، وقد كان اللصوص يأخذوها مخبئ لهم، حتى تم ردم المدينة بالكامل.

عالم الآثار الألماني"كوفمان" اكتشف المدينة في عام 1907، وقد اكتشف ساحة تجمع الحجاج، الأسواق، الفنادق، الحمامات، وفي عام 1915 أخذ مئة صندوق جمع بداخلهم مكتشفات المنطقة من الأعمدة والقوارير، وأقام معرض في ألمانيا من دير مينا الأثري.

أبومينا في قائمة اليونسكو 

في عام 1979  وضعت منظمة اليونسكو منطقة ابومينا الأثرية ضمن التراث العالمي مع الأهرامات، القاهرة القديمة، طيبة، ابو سمبل، دير سانت كاترين، وادي حيتان مؤخراً، لكي تكون ميراث انساني، للعالم كله، وفق حديث راهب المنطقة.

وفي عام 1983 البنك المركزي الامريكي اقام زراعة أراضي الكينج مريوط وكانت الزراعة تتم بالغمر، مما أدى إلى تصريف المياه إلى تلك المنطقة، في 2002 هددت يونسكو بازالتها من التراث العالمي ووضعها في المناطق الحمراء، واوضح الراهب:"إزالة المنطقة من التراث العالمي يضعف من دور مصر الدولي، لأن التراث العالمي يعطي لمصر قوة في التعاملات الدولية مثل الانتربول الدولي والنقد الدولي، والسياحة الدولية، لانها منطقة تراث عالمي".

وقد بدأت الحكومة في 2005 بالاهتمام بالمنطقة الأثرية التي تكون مساحتها 978 فدان، وقد تم تقسيمها إلى ثلاث أجزاء، كل جزء 300 فدان، ووضع 170 طلمبة في تلك الأجزاء، لاخراج المياه من المنطقة، وقد كان اكبر مشروع بدأ ب18 مليون جنيه وانتهى 50 مليون جنيه، وقد اثنت منظمة اليونسكو في دورتها ال 36 على دور الحكومة المصرية في أبو مينا.

سحب المياه خلال أيام.. الدير: المنطقة شهادة ميلاد الكنيسة

ويضيف القمص"تداوس أنه عقب سحب المياه تم وضع مشروع درء الخطورة وبدء الترميم بفتح قبر مارمينا وقد تم النزول إلى نحو 3 متر، لكن في 2011، حدثت الثورة، كانت نتيجته وقف الطلمبات لان الشركة القائمة على الصيانة تركت المشروع، لأنها لم تأخذ مستحقاتها المالية، وقد ارتفعت المياه وامتلئ القبر بالمياه، وتجددت المشكلة مرة أخرى.

وذكر ان الدكتور خالد العناني وزير الآثار قد أعطى بالأمر المباشر شراء طلمبات واسنادها الصيانة، ومن المفترض سحب المياه من المنطقة خلال أيام، لأن تلك المدينة هي شهادة ميلاد الكنيسة والدير ويجب تسليمها إلى الجيل القادم، خاصة أنه سيتم تحويلها إلى سياحة دينية عالمية.

مطالبات بإقامة كاتدرائية فوق المنطقة الأثرية القديمة من أجل السياحة الدينية العالمية

وقد اقترح راهب الدير أن يتم بناء فوق الحجارة القديمة كاتدرائية، وتكون مفتوحة للسياحة الدينية العالمية، أو إعادة الترميم بعناصر الخشب فوق الحجارة، خاصة أن المذبح القديم الذي كان يقدم فوقه القرابين قديماً تقام فوقه الكنيسة الخشبية، ما زال محتفظ حوله بأربعة قواعد العمدان، قائلاً:هذا تاريخ بلدنا وتتأصل اصوله القبطية، ولا يتزعزع بالاقاويل، والتاريخ الواضح هو الحجارة".