"جمع النفايات"..باب رزق للاجئين السوريين في لبنان

عربي ودولي

جمع النفايات..باب
"جمع النفايات"..باب رزق للاجئين السوريين في لبنان

أطفال سوريون لا تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاما، يتقاسمون فتات طعام من مجمع للنفايات ويبحثون بداخله عما يعينهم على العيش، مشهد مثير للأسى وسط غياب من يرعى هؤلاء، بعد أن هربوا من القصف في سوريا ليواجهوا مأساة لا تقل قساوة في بلد اللجوء.

فبعد نزوح عدد كبير من السوريين إلى لبنان، انتشرت في شوارع العاصمة اللبنانية ظاهرة عمالة جمع النفايات لبيعها والاسترزاق منها، بعدما تعذر على الكثيرين إيجاد فرص عمل شريف تؤمن لهم احتياجاتهم الأساسية.

وتحتوي النفايات التي يجمعها الصغار من الشارع على أنواع مختلفة من المعادن كالحديد والنحاس والألومنيوم، يتهافت عليها التجار الكبار لإعادة تصديرها إلى الخارج.

هؤلاء الأطفال فروا من أهوال القتل والتنكيل اليومي الذي يمارسه النظام في سوريا، ليجدوا أنفسهم في بلد غريب، لم يركنوا إلى انتظار المساعدات أو تسول لقمتهم وإنما قرروا العيش من كدهم، في مشاهد يومية رآها كثيرون مؤلمة لأطفال ونساء وشيوخ يعيشون ظروفا مأساوية كانت نتيجة فقدانهم لأموالهم وأهليهم.

يتسلق عبد الرحمن ذو الـ 10 سنوات حوض النفايات الكبير ليستطيع رؤية ما بداخله يومياً ليبحث عن قطع من الخردة تؤمن له دخلا.

ويقول عبد الرحمن لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء إنه قَدِم برفقة والدته وإخوته الـ 4 إلى لبنان قبل أربعة أشهر، فيما بقي والده في مدينة حمص، وسط سوريا.

ويلفت الطفل ابن العشر سنوات إلى أنه المعيل الوحيد لعائلته والمسؤول عن إطعامهم والمحافظة عليهم في بلدٍ لا يعرفون به أحدا.

يستيقظ عبد الرحمن يومياً في السادسة صباحاً ليبدأ جولته بجميع مجمعات النفايات في العاصمة بيروت، ريثما يجد شيئا بين النفايات يعينه ويستفيد من ثمنه ليعود عند الساعة التاسعة ليلا إلى مكان إقامته في مخيم شاتيلا (هو مخيم دائم للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت أسسته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا عام 1949)، على حد قوله.

ويتابع عبد الرحمن روايته وهو منهمك في البحث داخل مجمع النفايات فيقول إنه بات معروفاً لدى الكثيرين من أبناء بعض المناطق التي يزورها دورياً خصوصاً التي يسترزق منها الأكثر، فيحاول الكثيرون مساعدته ماليا أو غذائيا وأحيانا بالملابس.

وعن حصيلة عمله يضيف: لي زبائن معينين يقومون بشراء ما أحصل عليه خلال النهار حيث أجني يومياً بحدود الـ 10 إلى الـ 20 دولارا .

ويعبر عبد الرحمن للأناضول عن حزنه الشديد، بينما كان ينظر إلى الأرض وبيده قطعة حديدية وجدها بين النفايات، وذلك لعدم قدرته الالتحاق بأي مدرسة في لبنان بسبب بدء العام الدراسي قبل قدومه، بعدما كان من المتفوقين في مدرسته بحمص.

ويعبر الفتى الصغير عن أمنياته وهو رافع يديه نحو السماء يا رب أعود قريبا إلى مدينتي لأساهم في إعادة إعمارها بعدما دمرها النظام، وأجعلها أجمل مما كانت عليه .

من جهة أخرى يقول أحد تجار الخردة (قطع المعادن المستعملة) في بيروت الملقب بـ أبو علي إن ظاهرة جمع النفايات والخردة خصوصا،ً كانت موجودة بالسابق في لبنان، ولكن مع ازدياد عدد النازحين السوريين من الطبقة الفقيرة، ازدادت هذه الظاهرة وأخذت تنتشر في جميع المناطق.

ويقوم التاجر أبو علي يومياً بشراء الخردة من أطفال وكبار، أكثر من ثلثيهم من السوريين، ليقوم بتصديرها لاحقاً الى الخارج، بحسب ما أخبر به مراسلة الأناضول.

وإجمالا، يوجد في لبنان 377 ألف لاجئ سوري، تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن نصفهم من الأطفال.

وبحسب السلطات اللبنانية ومفوضية شؤون اللاجئين الأممية بلبنان فإن التمويل ينقصها لمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان، باعتبار أن أعدادهم ترتفع بشكل مستمر منذ بداية الأزمة السورية قبل نحو عامين.