القصة الكاملة لتظاهرات مسلمي تونس للجهر بالإفطار.. وأزهري: مخالفة شرعية صارخة

تقارير وحوارات



في الوقت الذي ينادي فيه بعض بلاد المسلمين بالحد من ظاهرة الإفطار العلني في رمضان، اتسعت دائرة مطالبة المنظمات والجمعيات الحقوقية في تونس حول الإجهار بالإفطار في الشهر الكريم، لحماية حريات أفرادها وضمان حقهم في اختيار معتقداتهم، إلا أن عضو لجنة الفتوى بالأزهر، أكد أن تلك الدعوات تعد مخالفة شرعية صارخة للدين الإسلامي وجهر بالمعاصي. .

 

تخوف رمضاني

كغيرها من بلاد الإسلامية العربية، يحتفل مسلمو تونس بأجواء رمضان ويستقبلونه كشهر الخير، لكن هنالك فوج من التونسيين، يرون في هذا الشهر منبعا للخوف، فرغبتهم في الإفطار خلافا لعادات مجتمعهم المحافظ قد يعرضهم لمتاعب كثيرة، حتى أنه سبب وجيه لإلقاء القبض عليهم وزجهم في السجون، حيث تم اعتقال خمسة أشخاص في السنة الماضية، بذريعة أكلهم أو تدخينهم علنًا في أيام رمضان.

 

قصة تدخل السلطات وتبعيات الجهر بالإفطار في شهر رمضان، يفتح كل عام مسألة جدلية في تونس، حيث يطالب البعض بضرورة ممارسة السوك كحق فردي للتونسيين، وتنتقل الدعوات إلى الشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحظى بالمؤيد والمعارض للأمر.

 

المجاهرة بالإفطار

وتجددت هذه المطالب مؤخرًا، حيث دعت جمعيات حقوقية تونسية السلطات إلى حماية "حرية الضمير والمعتقد"، بالإضافة إلى حرية المجاهرة بالإفطار في رمضان، وضرورة إنهاء "أي اعتداء على الحريات الفردية".

 

 البيان، الذي وقعته خصوصًا جمعية النساء الديمقراطيات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، عبرت فيه الجمعيات على أسفها إذ "مع اقتراب شهر رمضان... تزايدت التهديدات لحرية التعبير والديانة والراي والتعبير". وقالت الجمعيات في رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة التونسي؛ يوسف الشاهد ورئيس الجمهورية؛ الباجي قائد السبسي وإلى السلطة القضائية، أنها على استعداد للجوء إلى القضاء "لفرض احترام" هذه الحريات التي يضمنها دستور الجمهورية الثانية الصادر في بداية 2014.

 

مسيرة احتجاجية

الدعوات لم تتوقف كونها بيان على المواقع الإلكترونية، وتغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل خرج الائتلاف المدني من أجل الحُريّات الفردية في تونس، في مسيرة احتجاجية في العاصمة، تحت شعار "موش_بالسيف" لمطالبة السلطات التونسية بالسماح بفتح المقاهي والمطاعم خلال نهار رمضان معتبرا أن في إغلاقها تعدٍّ على الحرية الشخصية للتونسيين وحق من لا يريد الصوم في الأكل والشرب.

 

ودعا الائتلاف رئيس الحكومة التونسية إلى إبطال المناشير التي تتعارض بشكل صارخ مع أحكام التشريع الأعلى للدولة خاصة منها منشور صدر سنة 1981 يتعلق بغلق المحلات التجارية خلال شهر رمضان ويدعوه بصفة عامة إلى تطبيق مُختلف أحكام الدستور المُتعلقة بالحقوق والحُريات.

 

كما طالب مجلس نواب الشعب  بتحمّل مسؤولياته والعمل على مُراجعة القوانين القمعيّة ومن ضمنها المجلّة الجزائيّة من أجل ملائمتها مع أحكام الدستور المتعلقة بالحقوق والحُريات الفردية والجماعيّة.

 

وأوضح الائتلاف أنه سيرفع خلال المظاهرة مطلب الكف عن إيقاف المجاهرين بالإفطار خلال رمضان إذ أن الحملة تعتبر أن "العقيدة والإيمان حرية شخصية" لا دخل للقانون في تنظيمها أو مراقبتها.

 

تعنت الداخلية

ومع بداية شهر الصيام، أكدت وزارة الداخلية التونسية أنها لن تتوانى في تطبيق قانون غلق المقاهي والمطاعم في شهر رمضان لكل المخالفين، مشيرة إلى أنها قامت بحملات مراقبة على محلات الأكل والشرب للتثبت من غلقها.

 

ودعا وزير الداخلية، لطفي براهم في جلسة استماع في لجنة التشريع العام بالبرلمان التونسي، "الأقلية إلى احترام الأغلبية من التونسيين الصائمين"، مؤكدًا أنه مثلما التزمت وزارة الداخلية بحماية اليهود التونسيين أثناء حجهم إلى مقام "الغريبة" في جربة، فمن واجبها أيضًا "حماية شعائر الأكثرية من الصائمين في تونس".

 

حملات سابقة

ولا تعد المظاهرات المطالبة بالجهر بالإفطار العلني، سابقة في تونس، فقد سبق وخرج العشرات  للاحتجاج في تونس العاصمة، في إطار حملة "مش بالسيف"، رافعين شعارات للمطالبة بالحق في الأكل والشرب خلال أوقات الصوم في شهر رمضان واحتجاجًا على اعتقال أشخاص وسجنهم بجرم الإفطار علنا خلال الشهرالفضيل.

 

وتظاهر العشرات في تونس العاصمة، للمطالبة بالحق في الأكل والشرب جهارًا خلال اوقات الصوم في شهر رمضان واحتجاجًا على اعتقال أشخاص وسجنهم بجرم الإفطار علنًا خلال الشهر المبارك، في سابقة من نوعها في هذا البلد.

 

وليس في القانون التونسي ما يمنع الإفطار جهارًا خلال رمضان، لكن الجدل حول هذه المسألة يعود إلى الواجهة سنويا خلال شهر الصوم، حيث ينص الدستور التونسي، أن الدولة "كافلة لحرية المعتقد والضمير" لكنه ينص أيًضا على أن الدولة تلتزم بحماية المقدسات ومنع النيل منها.

 

ثورة "تويتر"

الجدل تصاعد، حتى منصة موقع التدوين العالمي "تويتر"، عقب المطالبة بالجهر بالإفطار في شهر الصيام، وبدأ المفطرون التونسيون حملتهم قبل بداية رمضان بأيام وأطلقوا هاشتاج، "مش_بالسيف"، يطالبون من خلاله تناول الطعام والشراب علانيةً.

 

"الأزهر": مخالفة شرعية صارخة

ومن جهته، أكد صالح محمد عبد الحميد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أن ما يحدث في تونس من تطاول صارخ على أحكام وفرائض شريعة الإسلام بدعوى حرية الاعتقاد التعبير، يعد صارخ على أحكام الشريعة الإسلامية، موضحًا أنه المفترض أن المسلم لو كان مقصرًا في العبادات وفرائض الإسلام كفريضة الصيام، ألا يجاهر بالذنب والمعصية ولا يفضح نفسه وقد ستره الله عزوجل.

 

وأضاف "عبد الحميد"، في تصريحه الخاص لـ"الفجر"، أن الله عزوجل وجل يغفر لعباده إلا المجاهرين منهم بالمعاصي، متسائلًا؛ فكيف لهؤلاء وقد تجاوزوا كل الحدود أن يطالبوا بارتكاب آثم عظيم ومخالفة شرعية صارخة، والجهر بالفطر دون مراعاه لمشاعر الصائمين.

 

وحول ترديدهم لحرية العقيدة، أشار عضو لجنة الفتوى، إلى أن حرية العقيدة التي يدعيها هؤلاء فهي كلمه حق يراد بها باطل، فهي تعني الحرية في اختيار الدين، وليس التطاول والخروج والتعدي على ضوابط وفرائض الشريعة التي تؤمن بها.