"فلاش باك".. اشتعال فتيل الحرب بعد قرار عبد الناصر بإغلاق خليج العقبة

تقارير وحوارات


أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في الثالث والعشرين من مايو عام 1967، إغلاق "خليج العقبة" في وجه السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي، وهو القرار الذي اعتبره البعض سببًا في نكسة 1967.

 

قبل يوم من القرار زار " عبدالناصر"، مركز القيادة المتقدمة للقوات الجوية بصحبة المشير عبدالحكيم عامر، وبعد تلك الزيارة أمر رجاله بغلق الخليج الذي يقع في الطرف الشمالي من البحر الأحمر بين شبه الجزيرة العربية شرقا وشبه جزيرة سيناء غربا وتطل عليه أربع دول عربية هي فلسطين في الشمال بساحل يبلغ طوله 11 كم والأردن في الشمال الشرقي بساحل يبلغ طوله 17 كم، ومصر في الغرب بساحل يبلغ طوله 20 كم، والسعودية في الشرق بساحل يبلغ طوله 140 كم، أما الخليج نفسه فيبلغ طوله 188كم وعرضه من 10 – 25 كم.

 

وترجع أهمية خليج العقبة بالنسبة لمصر في كونه يربط دول شرق المتوسط خاصةً الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين مع شرق وجنوب إفريقيا وآسيا وأستراليا ونيوزيلندا وإندونيسيا، ولذلك أقامت إسرائيل على سواحله مدينة إيلات مكان قرية أم الرشراش الفلسطيني؛ لتكون التجسيد الحي الدائم للخيانة الصهيونية، لأن العصابات الصهيونية احتلتها في 10/3/1949 بعد انتهاء القتال في 18/7/1948 وبعد توقيع اتفاقية الهدنة مع مصر في 24/2/1949 لتكون قاعدة إسرائيل على البحر الحمر ومركزها للسيطرة عليه ونقطة انطلاقها في شل الاقتصاد المصري وإقامة قناة موازية لقناة السويس ومرفأ لغواصات دولفين النووية الصهيونية التي تشكل تهديد مزمن لبوابة مصر الشرقية البحرية وسور برلين بين آسيا العربية وأفريقيا العربية وسدا في وجه حجاج المغرب العربي ورمزا لتدويل البحر الأحمر، وذلك بالإضافة إلى فك العزلة السياسية عن إسرائيل وفتح أسواق لمنتجاتها وجلب المواد الخام اللازمة لصناعتها ومصدرا للثروة البحرية والأسماك.

 

وذلك كان خليج العقبة وخليج السويس وقناة السويس هدفًا استراتيجيًا في السياسة الإسرائيلية وفي كل الحروب التي خاضتها إسرائيل، إذ تم فتح الخليج أمام السفن الإسرائيلية بعد العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، بعد وضع مضايق تيران وشرم الشيخ تحت إشراف قوات الطوارئ الدولية، لكن بعد نكسة 1967، احتلت إسرائيل المضايق والخليج وسيناء كلها وبذلك أصبحت الملاحة في البحر الأحمر مفتوحة أمامها، إلى أن تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر 1978.

 

قرار المشير عبد الحكيم عامر

 

وعلى خلفية قرار "ناصر"، قام المشير عبدالحكيم عامر بإلقاء بيان يتضمن 7 بنود، بدأت بـ"يقفل مدخل خليج العقبة اعتبارًا من باكر 23 مايو 1967، أمام جميع السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي، وكذلك ناقلات البترول على اختلاف جنسياتها والمتجهة إلى إيلات"، وانتهت بـ"يصرح بالمرور للسفن التي تحرسها سفن حربية، ولا يتم الاعتراض أو الاشتباك مع السفينة أو السفينة الحربية، حتى لو كانت السفينة المحروسة ترفع العلم الإسرائيلي".

 

وكما توقع عبدالناصر، لم يمض أقل من شهر على إعلان إغلاق المضيق لتأتي حرب عام 1967 بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن، والتي انتهت بانتصار إسرائيل واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.

 

"ناصر" يخسر حلم  العروبة

 

وعقب هزيمة الدول العربية في حرب الأيام الستة "النكسة" ضد إسرائيل، والتي نتج عنها احتلال سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية، تراجع المد القومي وضعفت الحركات الوحدوية بين العرب، وهو ما جعل حلم "ناصر" في الوحدة العربية يتبخر.

 

مواقف الدول

 

وأعلن الرئيس الأمريكي جونسون، في بيان  حينها، أن الحصار الذي فرضته الجمهورية العربية على الملاحة الإسرائيلية عمل غير مشروع وتهديد خطير للسلام، وأصدرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً أعلنت فيه أن بريطانيا تعتبر خليج العقبة ممر ملاحة دولي يجب ضمان حرية الملاحة فيه.

 

أما الاتحاد السوفيتي، روسيا حاليا، فعبر عن موقفه في رسالة سلمها سفيره في مصر لـ"عبد الناصر" بعد العودة من "أبو صوير"، وكانت عبارة عن نسختين واحدة مكتوبة على الآلة الكاتبة باللغة الروسية، والثانية بخط اليد باللغة العربية، وفي الاثنتين تأييد كامل لموقف مصر.